ملحمة الأطباء المصريين لعلاج الجرحى.. مستشفيات سيناء تفتح أبوابها لعلاج المصابين الفلسطينيين.. الأطباء والممرضون فى شمال سيناء يسابقون الزمن لإنقاذ الأرواح.. والمحافظ: مصر تقدم كل ما لديها لمساندتهم

وسط أروقة مستشفى العريش العام، حيث تصدح أصوات الأجهزة الطبية وتتعالى أنفاس المصابين الفلسطينيين، يقف الأطباء والممرضون كخط دفاع أول، يسابقون الزمن لإنقاذ أرواح أتت من خلف الحدود، تحمل في أعينها الألم والرجاء، هنا في هذه البقعة من شمال سيناء، تتجسد أسمى معاني الإنسانية، حيث تحولت المستشفيات المصرية بشمال سيناء إلى ملاذ آمن للجرحى الفلسطينيين، الذين فرّوا من جحيم العدوان بحثًا عن الحياة ومنها مستشفي العريش العام والشيخ زويد المركزي وبئر العبد التخصصي.
منذ اللحظة التي تفتح فيها بوابات معبر رفح، تبدأ فرق الإسعاف المصرية في استقبال المصابين، حيث يتم نقلهم بسرعة إلى المستشفيات المجهزة في العريش وبئر العبد، والشيخ زويد، مشهد سيارات الإسعاف المتتالية، التي تقطع الطريق الصحراوي بسرعات قصوى، يعكس حجم الجهود الجبارة التي تبذلها مصر في إغاثة الأشقاء الفلسطينيين.
"كل دقيقة تُحدث فرقًا في إنقاذ حياة أحدهم"، يقول الدكتور أحمد سمير بدر، وكيل وزارة الصحة بشمال سيناء، وهو يتابع عملية استقبال المرضى من داخل غرفة الطوارئ في مستشفى العريش العام: الفرق الطبية لدينا تعمل على مدار الساعة، الأطباء هنا لا ينامون، الكل مستنفر لإنقاذ أكبر عدد ممكن من المصابين.
لم تكن الاستجابة المصرية مقتصرة على فتح المستشفيات، بل شملت تجهيزها بأحدث المعدات الطبية، وضمان توفر الأدوية والمستلزمات الأساسية بكميات كافية. يتابع بدر حديثة قائلا: "بفضل توجيهات وزير الصحة الدكتور خالد عبدالغفار، ودعم المحافظ اللواء الدكتور خالد مجاور، تمكنا من تأمين كافة الاحتياجات الطبية اللازمة لاستقبال الحالات الحرجة".
وفي جولة داخل المستشفى، يروي الدكتور أحمد منصور، مدير مستشفى العريش العام، كيف شكل وصول جهاز الأشعة المقطعية الجديد نقلة نوعية في التشخيص السريع والدقيق، والجهاز سيمكننا من تشخيص إصابات الدماغ وشرايين القلب بدقة أكبر، مما يساعد في اتخاذ قرارات علاجية أسرع.
إلى جانب القطاع الصحي، كانت هناك أيادٍ أخرى تمتد لمساندة المصابين، فقد بذلت مديريات التضامن الاجتماعي والشباب والرياضة جهودًا كبيرة في توفير أماكن إقامة مؤقتة لذوي المصابين، وتأمين احتياجاتهم الأساسية.
وأضاف الدكتور بدر: ما نقوم به ليس مجرد علاج طبي، بل رعاية شاملة تشمل الدعم النفسي والاجتماعى، مشيدًا بالدور الذي لعبته مديريات التضامن والشباب والرياضة، في تنظيم جهود الإغاثة.
في أحد أجنحة المستشفى، يجلس طفل فلسطيني في العاشرة من عمره، وقد غطت الضمادات معظم جسده. يحاول استيعاب ما حدث، عيناه تائهتان في السقف، وكأنه يبحث عن إجابة لسؤال لا يعرف كيف يصيغه بجواره، تجلس والدته، تمسك بيده، بينما تحاول حبس دموعها، وقالت والدته:" كان يلعب أمام المنزل عندما سقط الصاروخ، ولم أكن أعرف إن كنا سنصل إلى هنا، لكن الحمد لله، المصريون فتحوا لنا أبوابهم".
في غرفة أخرى، شاب فلسطيني لحظات الرعب التي عاشها قبل أن يتم إنقاذه، ويقول: "لم أكن أظن أنني سأصل إلى مصر حيا".
من جانبه، أكد اللواء الدكتور خالد مجاور، محافظ شمال سيناء، أن مصر، وبتوجيهات من القيادة السياسية، لا تدخر جهدًا في تقديم كل أشكال الدعم والمساندة للأشقاء الفلسطينيين. وأضاف: نحن في شمال سيناء نعمل بروح الفريق الواحد، ومستعدون لتقديم المزيد من التسهيلات والرعاية الصحية لكل من يحتاجها.
وقال إن استقبال الجرحى الفلسطينيين هو واجب وطني وإنساني، ونحن نتابع عن كثب توفير كل ما يلزم لهم منذ لحظة دخولهم إلى الأراضي المصرية.
كما أشار المحافظ، إلى أن هناك تنسيقًا مستمرًا بين جميع الجهات المعنية، سواء الصحية أو الإدارية، لضمان تقديم أفضل الخدمات الطبية، بالإضافة إلى توفير أماكن إقامة مناسبة لذوي المصابين، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم.
وتابع: نحن ندرك تمامًا حجم المعاناة التي يعيشها أشقاؤنا في غزة، ولهذا فإننا نعمل ليلًا ونهارًا لضمان تقديم الرعاية الصحية لهم بأفضل صورة ممكنة، مشددًا على أن كل الجهود المبذولة تعكس التزام مصر الدائم بدعم القضية الفلسطينية على كل المستويات.
وأوضح أنه رغم كل التحديات، لا تزال الفرق الطبية في شمال سيناء مستمرة في أداء رسالتها الإنسانية، ونحن هنا لخدمة الأشقاء الفلسطينيين، وسنظل هنا ما داموا بحاجة إلينا.
في النهاية، وبينما تتواصل قوافل المصابين الوافدة من غزة، تظل مصر، بجهود أطبائها ومسؤوليها، حاضنةً للأمل، تؤكد مرة أخرى أن إنسانيتها لا تتوقف عند الحدود، وأن روابط الأخوة تبقى أقوى من أي محنة.










Trending Plus