الدكتورة ماريان جرجس تكتب: رمضان في غزة حاجة تانية

ركام يملأ المكان ورائحة البارود لا تزال في الجو ، سلاح تجويع في وجه الجميع و بيوت مهدمة ، تأتى نسمات نصر من الغرب قرابة الحدود المصرية ، ونسمات باردة من شاطئ البحر المتوسط وتغرب الشمس لتعلن المغيب المؤقت لها ، وينطلق مدفع الإفطار في قطاع غزة ، ويجلس أهلها الذين يفطرون على أنقاض بيوتهم وأحلامهم وسط أسواق خاوية وسلع قليلة فلا يستطيعوا تحضير موائد رمضانية كباقِ بلدان الوطن العربي ، يتذكرون من فقدوهم ولا يعلموا ماذا يحمل الغد لهم. ضجروا من المعلبات التي تذكرهم بأجواء الحرب لا الأجواء الرمضانية.
ولكن سيظل أفضل الأشياء في ذلك المشهد الحزين وغياب الأجواء الرمضانية الفريحة ، أن مصر هي جارة القطاع ، هي جارة الأمن والأمان ، هي الشقيقة الكبرى وصمام أمان المنطقة وهي التي استطاعت أن تصل إلى وقف إطلاق النار هذا وأن تحافظ عليه حتى هذه اللحظة بكل الجهود الدبلوماسية التي بذلتها خلال العام والنصف عام ، بما فيها من القمة الغير الرسمية والقمة العربية الطارئة الاستثنائية .
فضلا عن كل الجهود الاغاثية التي بذلتها وكانت المنفذ الوحيد لتلك المساعدات الإنسانية والطبية .
لذا لا اعلم لماذا ينسى الشباب المصري في الشوارع إن عليهم مهمة وواجب يجب أن يحملوه ويقوموا به جنبا إلى جنب مع القيادة المصرية؟ ، فبدلا من ترويع المارة في الشوارع بالصواريخ والمفرقعات التي يعتقدون أنها مضحكة ، والتي أصبحت مظهرا غير لائقا للاحتفال بالشهر الكريم ، لما لها من أذي صحي على المجتمع وإزعاج المصليين في المساجد الذين يؤدون صلوات التراويح في المساجد بعد الإفطار مباشرة ، فإذا جمع هؤلاء الشباب قيمة النقود المدفوعة في تلك الصواريخ والديناميت والمفرقعات -الغير مسلية – وقام كل حي بتوفير مبلغ من المال لتحضير وجبات ساخنة للإفطار لأشقائنا في غزة أو حتي من الخضروات والفاكهة المجففة والتمور والحلويات والكعك بالتعاون مع الوزارات والجهات المعنية في القيادة المصرية وإرسالها مع ملابس العيد لأهالي غزة مع رسالة تهنئة بشهر رمضان الكريم وبعيد الفطر باسم الشعب المصري ، لأخذوا ثوابًا عظيمًا ، ويشعروا بأن لهم أدوار فاعلة في القضية الفلسطينية التي يتحدثون فقط عنها على الفيس بوك ، بل سيرسلون رسالة بثلاثة مضامين .
الأولي ؛ أن الشعب المصري يقف خلف قيادته ويعمل في نفس الاتجاه معها ، الثانية ؛ أن الشباب المصري يعي القضية الفلسطينية ومن أهم أولوياته ، الثالثة ؛ وهي أن الاحتلال لا يواجه الدول العربية فحسب أو قيادات الدول بل يواجه الشعب العربي بأسره .
على أمل، أن يكون رمضان القادم في غزة بين بيوت وموائد أكثر بهجة، وبين قرارات دولية أكثر إنصافا ومستقبلا أفضل للقضية الفلسطينية
Trending Plus