«إخواتى» و«قلبى ومفتاحه».. دراما «المتحدة» وعى وتشويق بلا مبالغة

خيارات الدراما بالفعل صعبة، ونحن نتحدث عن ميراث كبار الكتاب فى عالم الدراما سينما ومسلسلات بالفعل هناك من يمكن أن نسميهم الأبناء، وخلال كل موسم من مواسم رمضان أو حتى من متابعة إنتاج درامى فى المنصات، نكتشف كل موسم كتابا ومخرجين بجانب رصيد لا ينفد من الممثلين الكبار، الذين يشكلون مدارس فى الفن، وأفضل ما يمكن أن نشاهده من مسلسلات التى تقدم عالما طبيعيا، ليس فيه تصنع أو ادعاء، بجانب نوعية من الدراما فرضت نفسها لفترة، التى تقدم عنفا أو ألفاظا بلا ضرورة درامية.
والحقيقة أن الضرورة الدرامية مهمة بالفعل لأنها تقدم عالما طبيعيا وليس مجرد ممثلين فى صناديق، قبل سنوات انتقدت بشدة دراما الكومباوند، وأيضا العشوائيات، وقلنا إن البشر يعيشون فى أحياء ومناطق عادية، وخلال هذا العام تابعت عملين كل منهما فى طريق، الأول «قلبى ومفتاحه» تأليف وإخراج تامر محسن، و«إخواتى» تأليف مهاب طارق، وإخراج محمد شاكر خضير، وهما عملان يمكن وضعهما ضمن دراما الطبقة الوسطى الصغيرة من المواطنين الطبيعيين ومشكلاتهم.
بالطبع فإن أعمال مثل «ولاد الشمس» يدور فى إصلاحية، وهو عالم سبق تقديمه، لكنه هذه المرة يقدم بشكل مختلف، بجانب الممثلين الشباب فإن محمود حميد كممثل كبير يمنح العمل ما يشبه مظلة من الأداء المحترف، مع طه دسوقى وأحمد مالك، وكلاهما نجح خلال السنوات الماضية فى تسجيل اسمه ضمن النجوم الصاعدين بأداء كبير، ومن المفارقة أيضا أن «ولاد الشمس» من تأليف مهاب طارق، مؤلف «إخواتى»، لنجد أنفسنا أمام نوعية من الكتابة تمثل امتدادا شبابيا لكبار الكتاب على مدى تاريخنا الحديث.
الوقت يتيح لنا متابعة قليل من الأعمال، لكن الدراما، نوعا وشكلا ومضمونا، التى تقدمها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية هى نوعية تسعى طوال الوقت إلى أن تحمل عناصر التشويق والكتابة الجيدة، بجانب ضبط الإيقاع حتى لا يسقط فى المبالغة من الأكشن، أو الادعائية الدرامية، حيث يتحول مسلسل عن الجريمة إلى مجموعة جرائم أو عمل عن المخدرات إلى وكر مخدرات، لكن الواقع أن الأعمال التى تقدمها المتحدة طوال الأعوام الأخيرة تحمل دائما مساحات من الوعى، وتعالج موضوعات مهمة بشكل طبيعى، بجانب أنها تنجو فى أغلب الأحيان من أمراض العنف والمخدرات وثالوث الدمار الشامل الذى يدمر الدراما ويحولها إلى صراخ هستيرى بلا طائل، ومن الأفضل ونحن نتناول الأعمال الدرامية أن نتعامل مع كل عمل وحده، خاصة أن المنافسة فى بعض الأحيان تدفع بعض «سماسرة» النقد الفنى إلى إلقاء التراب على كل الأعمال للهروب من تحديد أعمال معينة تقع فى العنف أو تسقط فى الصراخ، وهى أعمال تنتجها شركات تحاول أن تنافس بها، وهى مجرد أعمال فردية.
والواقع أن أعمالا مثل «قلبى ومفتاحه» أو «إخواتى» أو «ولاد الشمس»، هى دراما تقدم الطبقة الوسطى الصغيرة المصرية كما يجب أن تظهر، ومن دون إسباغ مثالية أو ادعاء، فعمل مثل «قلبى ومفتاحه» يقدم شخصيات متنوعة، للشاب محمد «آسر ياسين» المكافح الذى يفقد عمله الخاص، ويضطر للعمل بسيارته، ويتقاطع مع أسرة «أسعد» دياب، الذى يعيش ازدواجية فى كل شىء، سلوكه وحياته وعنفه وغيرته، وخلال العمل يظهر ممثلون كبار، حيث يقدم أشرف عبدالباقى دورا جديدا ناضجا، بل إن محمود عزب يقدم دورا جديدا، ومى عز الدين وعايدة رياض، نحن فى حارة أو حى طبيعى تدور فيه الأحداث بشكل متناغم مع طبيعته، ليس فيه ادعاءات.
تامر محسن له تجارب سابقة منها «لعبة نيوتن»، وهو عمل وراءه فكرة وعمق، ومع «قلبى ومفتاحه» نحن أمام مخرج ومؤلف كبير وواعد.
أما «إخواتى» فإننا بالفعل أمام أداء متنوع لروبى ونيللى كريم، وأداء متميز جدا ونضوج فنى لنجمات، وهذه الأعمال تعطى فرصة لتنافس أو تنوع، وليس مجرد أفراد يعتمد العمل على نجم واحد فيسقطون معه أو ينحجون معه، وفى العمل الذى تتداخل فيها الخيالات بالواقع، نحن أمام دراما متماسكة ومثيرة من دون ادعاء. وهذه الأعمال التى سوف نتناولها التفصيل تشير إلى وجود تعمد من «المتحدة» لتقديم دراما تحل معادلات صعبة، جماهيرية ووعى، وتشويق من دون مبالغة أو ابتذال.

Trending Plus