ماذا يقرأ المثقفون.. حسين حمودة يعيد قراءة "المواعظ والاعتبار" و"بدائع الزهور"

قال الناقد الدكتور حسين حمودة أستاذ الأدب العربي بجامعة القاهرة، هذه الأيام أعيد قراءة "المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار" لـ المقريزى، و"بدائع الزهور فى وقائع الدهور" لابن إياس، بالإضافة إلى بعض الكتابات التاريخية عن فترة المماليك، ومنها بعض ما كتبه الدكتور سعيد عبد الفتاح عاشور، بالإضافة لبعض الكتابات عن تاريخ أوروبا في العصور الوسطى، وذلك لأنني أعمل على موضوع خاص بتلك الفترة، ولكنني ابتعد، مرات ومرات، عن حدود الموضوع، وأنساق وراء الاستمتاع بهذه الأعمال الحافلة بعوالم رحبة، وأقاوم هذا بصعوبة والحقيقة أنني بهذا أجدد متعة قديمة لا تنقضي أبدًا.
المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار
يعتبر هذا الكتاب واحدًا من أهم المصادر في تاريخ مصر وجغرافيتها، حيث يقدم للقارئ عرضًا شاملا لتاريخ مصر الإسلامية، ولتأسيس ونمو مدينة القاهرة منذ الفتح الإسلامى حتى القرن التاسع الهجري/ الخامس عشر الميلادي، كما يقدم للقارئ قائمة تفصيلية ووصفاً دقيقاً للقصور والجوامع والمدارس والخوانق والحارات والأخطاط والدور والحمامات والقياسر والخانات والأسواق والوكالات ومحطات القوافل التي وجدت في الفسطاط والقاهرة خلال تسعة قرون، تكمن أهميّة هذ الكتاب أيضًا في أنّ مخطوطته كُتبت بخط المؤلف، وسبق أن نشرت مؤسسة الفرقان مسودة الكتاب في مجلد واحد.
بدائع الزهور فى وقائع الدهور
يروي كتاب بدائع الزهور في وقائع الدهور الذي كتبه المؤرخ المصرى محمد ابن إياس الحنفى القاهرى، ذكر مبدأ خلق آدم عليه السلام، وعلى ما جاء من نسله من الأنبياء وصولاً إلى النبي محمد، هذا إلى جانب ذكر لقصة أهل الكهف ونزول المائدة لعيسى عليه السلام، ونزول عيسى عليه السلام إلى الأرض، وقصة دخول ذي القرنين إلى الظلمات، وقصة أصحاب الأخدود.
ويروي تاريخ مصر من بداية التاريخ حتى عام 1522، وله أهمية كبيرة بالنسبة لتاريخ مصر والدولة المملوكية في أخر أيامها، وبداية الدولة العثمانية عام 1517، ويعتبر ابن إياس هو المؤرخ الوحيد الذي عاصر وعاين أحداث دخول العثمانيين مصر وكتب عنها، ويدور الكتاب حول فترة مصر العثمانية وتحول نظام كتابته لأسلوب الحوليات على طريقة الحوليات لدى المؤرخين المسلمين، فكان يدون الحوادث سنة سنة، وشهراً شهراً، في السنين التي لم يعاصرها، ويوماً فيوماً في السنوات التي عايشها؛ أي في الأجزاء الأخيرة من الكتاب، وكان يختم كل سنة بتراجم المتوفين فيها، من أعيان الساسة والإداريين، وكبار العلماء والأدباء، ومن اشتهر من الناس، أو أنه كان يأتي بها أحياناً في سياق الأحداث، وقد تتبع المؤرخ في تلك الحوليات أحداث مصر المتنوعة: من مناخية، وسياسية داخلية، وسياسية خارجية، وإدارية، واقتصادية، واجتماعية، وعمرانية، وفكرية، تتبعاً تفصيلياً دقيقاً.
وضم إلى أخبار مصر كثيرًا من أخبار العالم الإسلامي المهمة، في المشرق حتى الهند، وفي المغرب حتى الأندلس، وأحاط بأحوال الشام والحجاز. وكان في المرحلة التى عاصرها، دقيق الملاحظة، شديد الاستقصاء للحقائق، ونقادا، فلم يبخل بأحكامه حتى القاسية منها أحياناً على ماكان يجري، ودون مواربة أو محاباة، ومنها خاصة سياسة السلطان المملوكي قانصوه الغوري.
Trending Plus