هبة مصطفى تكتب: ماذا فعل بنا رمضان

"إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك" عن الصحابى ابن مسعود وكذلك قول العظيم العقاد: "رمضان هو شهر النفس، شهر يعيد بناء الإنسان على الأسس التى خُلق من أجلها".
نعم نتحرر به من نطاق الطقوس الدينية، إلى عودة النفس إلى فطرتها الطاهرة وتحديد العهد مع الخالق وتزداد فيه القيم الإنسانية والروحانية، وفى النهاية يكون رمضان بمثابة إعادة الصيانة الإنسانية والروحية لتقوية العلاقة بالله عز وجل، من تطهير النفس والقلب، والبعض يعتبر الشهر الكريم فرصة لولادة إنسان جديد والبعض الآخر يرى فيه مناسبة دينية وتعزيز العلاقات الاجتماعية ولم شمل الأسرة على مائدة الطعام، والنوع الأخر يكتفى بالصيام عن الطعام فقط وفى جميع الحالات نجد أن التأثيرات الإيجابية هى الاستفادة لجميع الفصائل المذكورة لإعادة الانتعاش الروحى والجسدى وتعزيز العلاقات الاجتماعية والتكافل بين الأفراد.
ويعتبر شهر رمضان الشهر الذى يجتمع فيه العالم على مناسبة واحدة على مستوى الأديان والثقافات المختلفة، فيمكن أن يرى الأجانب أن رمضان فرصة للتعرف الحقيقى بعيد كل البعد عن الإرهاب على الدين الإسلامى بما فيه من عطاء وتسامح وإقامة الشعائر الدينية الصحيحة، وتغيير السلوك الفردى، ونجد فى بعض البلدان الغربية، تنظيم فعاليات ثقافية وحفلات إفطار مفتوحة للجمهور للاحتفال بشهر رمضان، مما يعزز الفهم المتبادل بين المسلمين وغير المسلمين.
عزيزى القارئ رمضان من أحب الأشهر إذا تم استغلال كل وقت فيه يتم فيه تجديد الخلايا فى جسم الإنسان، هو فرصة الصيانة الروحية وإصلاح ما تضرر منها طوال العام، ويكفى أن الخالق عز وجل نسبه إلى الذات الإلهية للفوز بالارتقاء الروحى فى الدنيا والآخرة لنصبح أكثر قدرة على مواجهة التحديات الحياتية بنقاء وطهارة حقيقية لا ظاهرية فالله لا يحتاج إلى عبادتنا لكننا فى أمس الحاجة إليها.
ففى الصيام تلتقى الروح بالجسد فى سلام، وتختبر المحبة الإلهية هذا التناغم الحسى يعيد للإنسان سلامه الداخلى بفضل التقوى والعبادة، وما أحوجنا إلى العودة للسلام الداخلى فى ظل عصر التكنولوجيا والميديا والذكاء الاصطناعى لمواجهة التحديات، وكذاك السلوك السلبى للبعض بحكمة وهدوء ونصل إلى حكمة القرار الصحيح فى الوقت المناسب وهو المطلوب لنرتقى بالوطن الغالى.
وفى الختام، يُعدّ الصيام أكثر من مجرد عبادة دينية؛ إنه أداة فعّالة لتطهير النفس وتوجيهها نحو الخير، وتمكن الإنسان من السيطرة على شهواته وأهوائه، مما يساعد فى تحجيم تأثير القوى السلبية، لذا لابد من التكاتف لتعزيز الدور المجتمعى فى مقاومة العناصر السلبية لتحقيق التقدم والرقى فى الوطن، نحن بحاجة إلى إرساء قيم العدل والمساواة والتفكير النقدى البناء، بعيدا كل البعد عن البغض والحقد بين الأفراد، لنتمكن من التخلص من هذه الظواهر التى تعيق نمو المجتمعات، ونتمنى أن نخرج من هذا الشهر الكريم بعد إزالة الشوائب الدنيوية ونقول للحياة بداية جديدة ونقطة ومن أول السطر.
Trending Plus