دراما رمضان.. حين تخلت عن التطويل واهتمت بالجودة

صارت وجبة الدراما الرمضانية المصرية جزءا مهما من ثقافة المجتمع وركنا أصيلا فى صناعة وعيه، وهو الذى عانى في أحوال كثيرة من التركيز على النماذج السلبية أو بمعنى آخر كان يذهب إلى ما يمكن اعتباره شيطنة للمجتمع المصرى حيث الصراعات التى تتحكم فى أفعال أفراد طالما رسمتهم الدراما بوصفهم أولاد البلد، وربما يكون التغير الذى طرأ على تلك المعالجات بما يذهب بها أبعد من خيال المتلقى، حيث الاعتياد على البلطجة والشر بوصفهما محركين أساسيين لأفعال الشخصيات، وكان ذلك بالطبع بدافع زيادة المشاهدات وتعبئة ساعات تمتد إلى الثلاثين في كل موسم بما يتبع ذلك من تطويل وتركيز على العناصر الإثارية.
ولذلك يجب التوجه بالتحية إلى صاحب فكرة توسيع دائرة الإنتاج وتقليل ساعاته، فقد أثر ذلك تأكيدا على جودة المنتج بالتركيز والتكثيف في كل عمل مع اكتشاف وجوه وأسماء ومناطق جديدة في الدراما مما أسهم بصورة إيجابية في مستوى الدراما المقدمة هذا العام خاصة فيما أشرفت عليه الشركة المتحدة، وهو الأمر الذي يمكن ملاحظته في عدد من الأعمال التي خرجت بمستوى فني عال وتماس مع قضايا حقيقية في المجتمع وربما كان أول هذه الأعمال أولاد الشمس التي اكتشفت منطقة جديدة في أداء محمود حميدة الذي ظهر في ثوب جديد متمكن كالعادة من جوانب شخصية الشرير الهادئ ليظهر بجواره مجموعة من الشباب الذين بدأوا طريقهم الخاص جدا مثل طه دسوقي الذي يقدم في كل دور رؤيته الخاصة جدا وربما كان مشهد عودته إلى الأسرة التي تبنته طفلا ذروة في الإتقان من دون (فذلكة) أو صوت عال ليبدو طه متمكنا من شخصياته وربما لو استمر على أسلوبه في الاختيار الجيد والعمل على فهم الشخصيات لوجدناه مستقبلا واحدا من نجوم الصف الأول وربما أبعد من ذلك.
غير أن الأمر لا يتوقف عند ذلك فهناك من الأعمال ما يقدم خلطة درامية اجتماعية وربما كوميدية مثل الكابتن الذي بدا فيه أكرم حسني مفسحا المجال لعدد كبير من الوجوه في تناغم واضح يبتعد عن الابتذال ويقدم جرعة كوميدية خفيفة لا تحمل نفسها فوق هذا.
كما يستمر جودر في تقديم رؤية خاصة جدا لحكايات ألف ليلة وليلة، لا تقل عن المستوى الذى قدمه إسلام خيري في الجزء الأول بل نافس نفسه فيه بالاهتمام بالتفاصيل وعلى الرغم من الاعتماد الكبير على تقنيات الجرافيك فإن الاهتمام بالتفاصيل وإتقانها جعلها جزءا من العمل لا يشعر به المشاهد.
كان الإتقان عاملا مشتركا في هذه الأعمال وغيرها حين لم يعد الكم هو العامل الأهم، كما كان التركيز على اكتشاف قدرات شباب الممثلين والوجوه الجديدة التي تم إفساح المجال لها عنصر نجاح هذا الموسم لكنه في الوقت نفسه عنصر مبشر بما سوف يأتي في السنوات القادمة، ولا يبقى سوى توزيع الجهد على العام ليكون ذلك الإنتاج الناجح مستمرا في الظهور في غير رمضان.
Trending Plus