مكاسب وتحديات.. تقرير صندوق النقد يُشيد بالإصلاحات الاقتصادية في مصر وتوصيات لمزيد من المرونة.. وسياسيون: الإصلاح الاقتصادي يؤتي ثماره.. ومصر تسير بخطى ثابتة تجاه تحقيق الاستقرار الاقتصادي والتنمية المستدامة

شهد الاقتصاد المصري خلال الفترة الأخيرة تطورات ملحوظة في إطار تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي يخضع لمتابعة دورية من قبل صندوق النقد الدولي، وجاء تقرير المراجعة الرابعة للصندوق ليبرز الإنجازات التي تحققت، إلى جانب التحديات التي تواجه الاقتصاد، مع تقديم مجموعة من التوصيات لضمان استقرار السوق وتعزيز النمو المستدام.
وركز التقرير على تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي، لا سيما فيما يتعلق بضبط سعر الصرف، وزيادة الإيرادات الضريبية، وتعافي قطاعات مثل السياحة وتحويلات المصريين بالخارج، لكنه في الوقت نفسه، أشار إلى ضرورة اتخاذ مزيد من الإصلاحات، خاصة فيما يتعلق بتحرير سعر الصرف بالكامل، ورفع الدعم تدريجيًا عن الطاقة والاتصالات، وتعزيز الإيرادات المحلية عبر إصلاحات ضريبية.
ولفت التقرير إلى التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري، ومن أبرزها الضغوط الناتجة عن زيادة أعداد اللاجئين وتأثير الاضطرابات الإقليمية على إيرادات قناة السويس، وهو ما يستدعي تبني سياسات مرنة لمواجهة الصدمات الخارجية وتعزيز قدرة الاقتصاد على التعافي والنمو.
الاقتصاد المصري يشهد تحسنًا ملحوظًا رغم التوترات الجيوسياسية
وفي هذا السياق، أكد الدكتور أيمن محسب، عضو مجلس النواب، ومقرر لجنة أولويات الاستثمار بالحوار الوطني، أن البيانات الصادرة مؤخرًا تشير إلى وجود تحسن ملحوظ في أداء الاقتصاد المصري، سواء على صعيد تحقيق أكبر احتياطي من النقد الأجنبي في تاريخ البلاد، والذي تجاوز 47 مليار دولار، أو انخفاض معدل التضخم إلى أدنى مستوى له منذ مارس 2022. وقد تُوّجت هذه الإنجازات بموافقة صندوق النقد الدولي على صرف الشريحة الرابعة لمصر، البالغة 1.2 مليار دولار، وهو ما يعكس نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي، ويمثل اعترافًا بقدرة الاقتصاد المصري على الثبات والاستمرار، رغم تحديات التوترات الجيوسياسية التي أثرت سلبًا على التجارة العالمية.
وأضاف "محسب" أن الإصلاحات الاقتصادية التي تبنتها الدولة خلال السنوات الأخيرة أسهمت بشكل كبير في تحقيق الاستقرار الاقتصادي، حيث تم تنفيذ سياسات مالية ونقدية تهدف إلى تقليل العجز في الموازنة العامة، وتعزيز قدرة مصر على جذب الاستثمارات الأجنبية، وزيادة الإنتاج المحلي. وأكد أن هذه الإصلاحات، رغم صعوبتها في بعض المراحل، كانت ضرورية لضمان مستقبل اقتصادي أكثر استدامة.
وأشار عضو مجلس النواب إلى أن مصر حققت نجاحات كبيرة في عدة قطاعات بفضل برنامج الإصلاح الاقتصادي، حيث ساهم تحرير سعر الصرف في تقليل الفجوة بين السوق الرسمي والموازي، مما أدى إلى تحسين كفاءة الاقتصاد المصري في التعامل مع تدفقات النقد الأجنبي، وساعد على تعزيز القدرة التنافسية للصادرات المصرية في الأسواق العالمية. كما أوضح أن اتجاه البنك المركزي نحو مواجهة التضخم من خلال رفع أسعار الفائدة والسيطرة على المعروض النقدي كان خطوة مهمة أسهمت في تقليل الضغوط التضخمية التي أثرت على المواطنين.
وأوضح "محسب" أن الإصلاحات لم تقتصر على السياسات النقدية والمالية فقط، بل امتدت إلى قطاعات حيوية مثل الاستثمار، حيث تمكنت مصر من جذب استثمارات أجنبية مباشرة غير مسبوقة، أبرزها صفقة تطوير منطقة رأس الحكمة بقيمة 35 مليار دولار. كما شدد على أن التحسن في المؤشرات الاقتصادية يعكس نجاح الخطط التي وضعتها الدولة لتحفيز النمو، حيث ارتفعت تحويلات المصريين بالخارج بنسبة 45.3% خلال عام 2024، مما عزز احتياطي النقد الأجنبي ودعم استقرار الاقتصاد.
بالإضافة إلى ذلك، زادت إيرادات السياحة إلى 14 مليار دولار، بفضل الجهود المبذولة لتطوير البنية التحتية السياحية، وافتتاح المتحف المصري الكبير جزئيًا، فضلًا عن استمرار الحكومة في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية لتعزيز مشاركة القطاع الخاص.
وأكد النائب أيمن محسب أن مصر تسير على الطريق الصحيح نحو تحقيق نمو اقتصادي مستدام، مشيرًا إلى أن توقعات صندوق النقد الدولي تشير إلى ارتفاع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 3.6% خلال العام المالي 2025، ثم إلى 4.1% في العام التالي، وهو ما يعكس فعالية الإصلاحات الاقتصادية التي يتم تنفيذها حاليًا. كما أكد أن الدولة تواصل جهودها لضمان الاستقرار الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة، وأن المرحلة القادمة ستشهد مزيدًا من التحسن في بيئة الأعمال، مع استمرار تنفيذ خطط الإصلاح الهيكلي وتطوير القطاعات الإنتاجية، مما يضمن اقتصادًا أكثر قوة وقدرة على مواجهة التحديات المستقبلية.
الإصلاح الاقتصادي يؤتي ثماره.. ومصر في طريقها لتحقيق الاستقرار الاقتصادي
من جانبه، أكد المهندس حازم الجندي، عضو مجلس الشيوخ وعضو الهيئة العليا بحزب الوفد، أن الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الدولة خلال السنوات الأخيرة بدأت تؤتي ثمارها، حيث انعكس ذلك في تحسن المؤشرات الاقتصادية الرئيسية، مثل ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي، وتراجع معدلات التضخم، وزيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، مما يؤكد أن مصر تسير في الاتجاه الصحيح نحو تحقيق الاستقرار الاقتصادي والتنمية المستدامة.
وأضاف "الجندي" أن برنامج الإصلاح الاقتصادي اعتمد على عدة محاور رئيسية، أهمها تحرير سعر الصرف، وإعادة هيكلة الدعم، وتحسين مناخ الاستثمار، وهي خطوات أساسية لضمان بناء اقتصاد قوي قادر على مواجهة الأزمات العالمية. كما أشار إلى أن موافقة صندوق النقد الدولي على صرف الشريحة الرابعة من القرض المخصص لمصر بقيمة 1.2 مليار دولار تعكس ثقة المؤسسات الدولية في قدرة الاقتصاد المصري على النمو والاستدامة.
وأكد "الجندي" أن قطاع الاستثمار شهد طفرة غير مسبوقة، حيث تمكنت مصر من جذب استثمارات أجنبية مباشرة، مثل صفقة رأس الحكمة بقيمة 35 مليار دولار، وهو ما يعكس جاذبية السوق المصري للمستثمرين الدوليين، خاصة في ظل التعديلات التشريعية التي تستهدف تسهيل بيئة الأعمال وتحفيز القطاع الخاص.
وشدد النائب حازم الجندي على أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيدًا من التحسن في الأداء الاقتصادي، حيث من المتوقع أن يرتفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 3.6% خلال العام المالي 2025، وإلى 4.1% في العام التالي، وفقًا لتقديرات صندوق النقد الدولي. وأكد أن استمرار تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، إلى جانب تحسين بيئة الاستثمار، سيضع مصر على طريق تحقيق نهضة اقتصادية حقيقية، تضمن مستوى معيشة أفضل للمواطنين، وتعزز مكانتها كوجهة استثمارية رئيسية في المنطقة.
تقرير صندوق النقد شهادة ثقة تعزز مناخ الاستثمار
من جانبه، أكد النائب أحمد سمير زكريا، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الشيوخ، أن موافقة صندوق النقد الدولي على إتاحة الشريحة الرابعة من القرض، البالغة نحو 1.2 مليار دولار، تعكس الثقة الدولية في الاقتصاد المصري.
وأوضح زكريا أن هذه الخطوة تأتي في إطار التزام مصر بتنفيذ إصلاحاتها الاقتصادية، رغم التحديات الجسيمة التي تواجهها بفعل التأثيرات الجيوسياسية التي يشهدها الإقليم.
وأضاف أن الحصول على هذه الشريحة يُعَدُّ شهادة ثقة ضرورية، تُسهم في تأمين تمويلات دولارية تدعم الاستدامة النقدية، سواء عبر الإنتاج والصناعة أو من خلال مصادر التمويل المختلفة.
وأشار النائب إلى أن هذه الخطوة تعزز من قدرة مصر على جذب استثمارات أكبر، وتؤكد مرونة سعر الصرف وتوافر السيولة الأجنبية في البنوك، مما يشجع على جذب الاستثمارات وتوفير رؤية أكثر وضوحًا للمستثمرين، مؤكدًا ضرورة التركيز بقوة على التكنولوجيا الحديثة والبرمجة والذكاء الاصطناعي.
وأكد أن المواطن المصري على رأس أولويات الدولة، وأن منح الشريحة الرابعة يعطي نظرة أكثر تفاؤلًا للاقتصاد المصري في هذا التوقيت المهم.
وفيما أشاد النائب أحمد جلال أبو الدهب، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الشيوخ، بموافقة صندوق النقد الدولي على صرف الشريحة الرابعة من قرض مصر، والتي تبلغ 1.2 مليار دولار، مؤكدًا أن هذه الخطوة تمثل شهادة ثقة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، وتعكس الثقة في الاقتصاد المصري وتعزز مناخ الاستثمار.
وأوضح أبو الدهب، في بيان له، أن هذه الموافقة تأتي في إطار الإصلاحات الهيكلية التي تنفذها الحكومة المصرية، والتي تشمل تحسين بيئة الأعمال، وتحرير سعر الصرف، وتطوير السياسات النقدية والمالية، مما يساهم في تعزيز تنافسية الاقتصاد المصري وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.
وأكد عضو اللجنة الاقتصادية أن مرونة سعر الصرف تلعب دورًا حاسمًا في تحسين قدرة الاقتصاد المصري على استيعاب الصدمات الخارجية، وتعزيز تدفقات النقد الأجنبي، مما يدعم استقرار الأسواق المالية ويشجع المستثمرين المحليين والأجانب على ضخ استثمارات جديدة في مختلف القطاعات.
وأضاف أن هذه الخطوات المدعومة ببرنامج إصلاحي شامل تعكس التزام الدولة المصرية بمواصلة الإصلاحات الاقتصادية وتعزيز التنمية المستدامة، مما يسهم في تحقيق معدلات نمو قوية، وتحسين مستوى معيشة المواطنين، وخلق فرص عمل جديدة.
واختتم النائب أحمد جلال أبو الدهب تصريحاته بالتأكيد على أن المضي قدمًا في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية وتوفير بيئة استثمارية مستقرة سيضمن لمصر تحقيق الاستفادة القصوى من التمويلات الدولية، وتعزيز قدرتها على مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية، بما ينعكس إيجابيًا على كافة شرائح المجتمع.
تقرير صندوق النقد الدولي يعكس التقدم الاقتصادي لمصر
وفي ذات الصدد، أكد الدكتور كريم عادل، رئيس مركز العدل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أن تقرير المراجعة الرابعة لصندوق النقد الدولي حول برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري أكد على العديد من الإيجابيات التي تحققت خلال الفترة الماضية، مع تسليط الضوء على بعض التحديات التي تستوجب التعامل معها بجدية خلال المرحلة المقبلة، موضحًا أن التقرير أشار بوضوح إلى نجاح مصر في القضاء على فجوات سعر الصرف بين السوق الرسمي والموازي، وتقليل الطلب على الدولار، مما ساهم في تلبية احتياجات المستوردين والأفراد بشكل أكثر استقرارًا.
وقال "عادل" إن التقرير أشار إلى ارتفاع الإيرادات الضريبية لتتجاوز 900 مليار جنيه في النصف الأول من العام المالي الجاري، وهو ما يعكس التقدم نحو تحقيق المستهدف المالي البالغ 2 تريليون جنيه، بالإضافة إلى زيادة إيرادات تحويلات المصريين في الخارج، وتحسن إيرادات السياحة، وزيادة حركة "الانتربنك"، مما يعكس تحسنًا في معدلات تداول السيولة بين البنوك المصرية، منوهًا بأن التقرير تضمن تقدير حجم خسائر الاقتصاد المصري نتيجة الاضطرابات العسكرية في البحر الأحمر، والتي أدت إلى تراجع إيرادات قناة السويس بنحو 6 مليارات دولار.
وأشار الخبير الاقتصادي، في تصريح خاص لـ"اليوم السابع"، إلى أن صندوق النقد الدولي يرى ضرورة تعزيز مرونة سعر الصرف، حيث لا يزال يتقلب ضمن نطاق محدود، وهو ما يتطلب اتخاذ مزيد من الإجراءات لتحقيق سعر صرف مرن بشكل كامل، مما يعزز ثقة المستثمرين المحليين والأجانب، لافتًا إلى أن التقرير قدم مجموعة من التوصيات المهمة التي يجب تنفيذها على المدى القريب، ومن بينها رفع أسعار الكهرباء والمحروقات والاتصالات، بالإضافة إلى التحرير الكامل لسعر الصرف، وتعزيز الإيرادات المحلية من خلال زيادة الضرائب.
وأكد "عادل" أن التزام مصر بتنفيذ هذه الإصلاحات يعزز من مكانتها لدى المؤسسات الدولية، ويفتح الباب أمام فرص تمويلية جديدة من صندوق النقد الدولي، مما سينعكس إيجابيًا على التصنيف الائتماني للدولة وجاذبية الاقتصاد المصري للاستثمارات الأجنبية، لافتًا إلى أن الدولة المصرية تتحمل أعباء اقتصادية كبيرة نتيجة استضافة ما يزيد على 12 مليون لاجئ من 58 جنسية مختلفة، مما يشكل ضغطًا إضافيًا على البنية التحتية والموارد المالية، فضلًا عن تأثيره على أسعار السلع والمنتجات والعملات الأجنبية، منوهًا بأن هذه الأعباء قد تكون دافعًا لمصر للحصول على دعم إضافي من الاتحاد الأوروبي، وإن كان ذلك مشروطًا بتوفير مزيد من الحماية للحدود والحد من الهجرة غير الشرعية.
وشدد الخبير الاقتصادي الدكتور كريم عادل على أن الإصلاح الاقتصادي يظل ضرورة لا بد منها، معتبرًا أن دعم القطاعات الإنتاجية وخلق موارد دولارية جديدة وترشيد الإنفاق العام هي العوامل الأساسية لضمان استدامة الاستقرار الاقتصادي، خاصة في ظل استمرار التحديات والصدمات الخارجية التي تواجه الاقتصاد العالمي.
Trending Plus