الوعى الرقمي لدى متعلمينا

نُدْرِك أَنَّ الْوَعْيَ الرَّقميَّ يَقِي ويَصُون ويَحْمي المُتعلِّم مِن صُور المَخَاطر التي يُمكِن أَنْ يَتَعرض َلها المُتعلِّم عَبْر الفَضَاء الرَّقَميِّ، ويَجْعله مَسْؤولًا عمَّا يَقوم بِه مِن مُمارسات أو أَدَاءات عَبر المنصَّات الرَّقمية والمَوَاقع التَّفاعلية، ويَحضُّه عَلى امتلاك المَهارات النَّوعية التي مَكَّنَتْه مِن أَن يُوظفَ أوْ يستخدم التَّقنيَات وتَطبيقَاتُها المُسْتحدَثة بِصورَةٍ صَحيحةٍ بِمَا يُحقّق الفائدة المَرْجُوة مِنها، وَهُنَا يَستطيع المُتعلِّم أَن يُؤدِّي مَا لَديه مِن مَهام تَعليمية بِالاستعانة بِمقَومات البيئة الرقمية، ويَحْصد ثِمارَها ويتجنَّب سلبياتها.
أهميةُ البحث والاستقْصَاء عَبْر التَّقنية الرقمية أَضْحَت مَهَامًا ومُمَارساتٍ لا غِنَى عنها بالنسْبَة للمُتعلِّمين، وهذا يؤكد ضرورة امتلاك الوعي الرقمي؛ ليتمكَّن كُلُّ مُتعلِّم مِن أَن يَتعمَّق فيما يتعرَّض لَه مِن خَبرات تَعليمية مُتنوعة، وهُنَا يَنبغِي أَن يُطوِّر كُلُّ مُتعلِّم مِن مَقْدرَته أو مهَاراته البَحْثية عَبْر المَواقع المُتخصِّصة؛ فقد بَات التَّراكُم المَعرفيّ يَستعدي مَهارات نَوعيَّة فِي التَّعاطِي معها؛ كَي لا يَستهلك الباحثُ عَن المعلومة وَقْتًا كَبيرًا.
التَّجاوزات عَبْر الفَضَاء الرَّقمي يحدث كثيرًا مِن خِلال أَفرادٍ اعتَادوا عَلى مُخالفة القَوانين والقِيم بِكلِّ أنْمَاطهَا؛ ومِن ثَمَّ نَرصد العديدَ من التَّجاوزات التي تتمثَّل فِي طرائقَ النَّصب والاحتيال المُبتكرة، وَأساليب اختَراق الخُصوصية وصُور التَّجسُّس عَلى الآخرين بِصورة مُنْفَردة أوْ جَماعية، وهذا مَا يَسْتدعي أَن يَمتلك المُستخْدِم الوَعيَّ الرَّقمي الذي يجعله يُمارس السُّلوكيات الآمنة التي تُحافظ عَلى خُصوصيته وَمَا يَحوز مِن بَيَانات وَمَعلومات.
الفَضاء الرَّقمي المُنفتِح والذي لَيس عَليه ضَابط يَمتلِىء بِزَخَمٍ مِن المعلومات المَشُوبة سَواءً أَكانت نصِّية أم مَدعومة بالصِّور أمْ بالمقاطع التَّفاعليَّة عَلى هَيئة فِيديوهاتٍ طَويلة وقَصيرة، وهُنَا نُدْرِك مَدى ضَرورة تَعزيز الْوَعي الرَّقميّ؛ كَي يستطيع المُستخدم أَن يُفرِّز الغَثَّ مِن الثَّمين، ويُفرِّز المَشُوب أو المَغلُوط أو المَكْذوب مِن الصَّحيح، نَاهِيك عَن أن المَوثُوقِية يَنبغِي أَن تَرْجِعَ للمَصَادر الرَّسْميَّة بِالدَّولَة دُونَ غَيْرِها.
نُريد أنْ يتعاملَ ويَتفاعل ويستخدم ويُوظف المُتعلِّم التَّقنية الرَّقميَّة وتَطبيقاتها المُتجدِّدة بِصورةٍ صحيحةِ وآمنةٍ من خِلال إدْرَاكه واكتَسَابه المُمَارسَات الصَّحيحة التي تَضمن أَمْنَه وأَمَانه؛ لِيَعِ أنَّه مَسْؤولٌ عَن كَافة مَا يَقُوم به مَن أَدَاءاتٍ عَبْرَ التَّقنية، وَدُون مُوَاربة يُؤهِّل الوَعيَّ الرَّقمي مُتعلِّمينا أَن يَكُونوا عَلى مُطالَعة مُستدَامة لِكَافَّة الخِبَرات بِمخُتلف أَنواعها والتي أضحت متاحةُ عَلى التَّقنيات الرَّقميَّة بصورةٍ مُباشرةٍ.
التَّعلُّم مَدى الحياة صارَ أمرًا مَيسورًا مِن خِلال التَّقنيات الرَّقمية العَامرة بالعديدِ مِن المَواد التي تَحْمِل خَبراتٍ لا مُتَناهِية؛ لَكن التَّعامل الآمِن والمسؤول عَبْر التَّفاعل والإبحار في دُروب المَواقع الرَّقمية يَستوجِب أَن يكونَ مُؤمنُا والمُستخدم يُدرك مَا له ومَا عَليه؛ كَي لا يَقع فَريسةُ لِكثير من أَصحاب النُّفوس المَريضة الذي يتصيَّدون كُلَّ مَن لَيس لَديه وَعيًا رَقميًّا؛ وَمن ثَمَّ يُحقِّقون غَاياتهم الخَبيثة التي تَنَال مِن حُقوق الآخَرين المَادِّية والمَعنوية عَلى السَّواء.
نُريدُ أَن نُصْقِل خَبرات المُتعلِّمين تَجاه فَلسَفَة ومَاهَية التَّعلُّم الذَّاتي الآمن عَبْر البِيئات الافتَراضية، وَهَذا لا يُعْنِي ألَّا نُمارس دَورنا التَّوجيهي مِن خِلال مُتابعة تّقدُّم التَّعزِيز والتَّغذِية الرَّاجِعة للمُستخْدم، بل وتقييم المَسَار؛ كَي يُصْبح قَادِراً علَى تَصويب مَا قدْ يقَع فِيه مِن خَطَأ، ويَتبنَّى مِن الأَدَاءات النَّاجِزة مَا يُسْهم فِي تَطوير أَدَاءاتِه والارْتَقاء بَتفاعلاتِه وَتنمَية المَقْدِرة علَى التَّواصل البَنَّاء مَع الآخَرين مِن أَجل تَبادل الخِبرات والعَمل عَلى تَعميقِها.
باتَ تَرقيةُ الأنْشَطة التَّعليميَّة كَي يَستطيع أَن يُمارس مًهامَها المُتعلِّم عَبْر التَّقنية الرَّقمية التَّفاعلية وتَطبيقاتها المُختلفة أمرًا مرغوبًا فِي حُدوثه؛ فَقد أَضحتْ خَصائصُ المُتعلِّمين مَقرونةُ بِالشَغف التَّقنيَّ وصُور مُخالطته والتَّمازج مَع مكونه؛ ومِن ثَمَّ يَتوجب على كُلِّ مُعلِّم أَن يُراجع استراتيجيات صِياغة مَهَام الأَنشطَة التَّعليميَّة وَيَحول جُلّها للجانب أو المُنحَى الرَّقمي؛ لِيوَاكِب طَرَفَا العملية التَّعليميَّة إفرَازَات العَصر الرَّقميّ.
الوعي الرَّقميُّ لدَى مُتعلِّمينا يُقَابله تَوجِيه نَحو تَعضيد السُّلوك الذي يتَّسِق مَع أَخلاقِنَا الحميدة، ويُعزِّز مَاهية الحقوق والواجبات وصُور المُشاركة الإيجابية الآمنة، ويُؤكِّد ضَرورة المُتابَعة ليس فقط مِن أجل تقديم المساعدة والإرشاد؛ لَكِن مِن أجْلِ أنْ تُصبحَ استجاباتنا سريعةُ حيال ما قد يحتاجه المُتعلِّم بِما يَفِي بِمُتطلبَات تَعلُّمه ويُحقِّق المُساندة بمُستوياتها وأَنْمَاطها المُختلفة.. ودِّي ومَحبَّتي لِوطني وللجميع.
Trending Plus