سيد درويش.. ما قاله فنان الشعب عن نشأته

تمر اليوم ذكرى ميلاد سيد درويش، فنان الشعب، مجدد الموسيقى العربية، والذي تعد حياته القصيرة وأثره الطويل مغريان بالدراسة والتأمل، لكن ماذا قال سيد درويش عن نشأته؟
في كتاب "أهل البحر" لـ الكاتب الراحل محمد جبريل، فصل بعنوان "سيد درويش" يقول فيه:
وُلد سيد درويش البحر في التاسعة صباح 17 مارس 1892 م بحي كوم الدكة، أبوه المعلم درويش البحر النجار بكوم الدكة كان يمتلك ورشةً لصناعة الكراسي الخشبية، أمه ملوك بنت عيد، وسيد هو الذَّكر الأول بعد ثلاث بنات: فريدة وستوتة وزينب، الأولى والثانية تزوجتا قبل مولده، وتزوجت الصغرى وهو في العاشرة.
كتب في مذكراته: "وُلدت من أبوَين فقيرَين في مدينة الإسكندرية. وكان والدي نجارًا بسيطًا، يعمل لاكتساب لقمته بعرق جبينه، على أنه كان كثيرَ التقوى، زاهدًا، قنوعًا في الحياة. وكم كان يُعاقبني — منذ نعومة أظافري — على ترك الصلاة، وكان لا يلذُّ له شيء أكثر من أن يراني حافظًا لكتاب الله الكريم؛ ولهذا ما كدت أبلغ التاسعة من عمري حتى أدخلني أحدَ الكتاتيب، وهناك ظللت أواصل حفظ القرآن الشريف وتجويده. ولما بلغتُ غايتي من ذلك، توجَّهت بكلياتي إلى دراسة شيء قليل من أصول الموسيقى، وتمييز النغمات الأولية بعضها عن بعض، وخطر لي أن أحترف حرفةً أخرى غير حرفة الفقهاء، أضمن من ورائها القوت لنفسي. كان لوالدي صديقٌ من خيرة أصدقائه، يحكي عن نفسه أنه بدأ الحياة بنَّاءً بسيطًا ككل البنَّائين، وأراد الله له الخير، فأصبح في يوم من الأيام مقاولًا لا بأس بثروته، وهنا وضعتُ كل آمالي في معونة ذلك المقاول، وظللت ألحُّ عليه في الرجاء، حتى أسلمني إلى رجاله، موصيًا بتدريبي على صناعة البناء، وكم كان شوقي شديدًا لليوم الذي أتخرج فيه على أيديهم بنَّاءً حاذقًا، لكن القدَر أراد لي خلاف ما ابتغيت لنفسي."
الروايات تتحدث عن تلقِّي تعليمه الأوَّلي بمدرسة حسن حلاوة. حفظ فيها القرآن والقراءة والكتابة ومبادئ الحساب. أحبَّ ما كان يحفظه من الأناشيد والسلامات. انتقل — بعد عامين — إلى مدرسة "شمس المعارف" في شارع الشمرلي ببحري. لقَّنه المدرس نجيب أفندي فهمي ما كان يحفظه من ألحان سلامة حجازي.
مات أبوه سنة 1906م. صار سيد العائلَ الوحيد للأسرة. عَمِل في محل لبيع الموبيليا مع زوج إحدى شقيقاته، ثم عمل في دكان للعطارة، أغلقه ظهر جمعة لأداء الصلاة في جامع أبي العباس. طلب منه إمامُ الجامع أن يقرأ سورة الكهف لتغيُّب القارئ. إجادته التلاوة كانت دافعًا له، كي يتكسب من قراءة القرآن.

Trending Plus