هل يجب تنفيذ نذور الطفولة؟ الكنيسة توضح

ورد سؤال من أحد الأقباط على موقع الأنبا تكلا هيمانوت التابع لـ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ينص السؤال على: "هل النذور وعدم الوفاء خطية؟ عندما كان عمري 9 سنوات نذرت إذا تحقق مطلبي سأكون راهبة عندما أكبر والآن عمري 20 سنة ولا أعلم ماذا أفعل أذهب إلى حياة الرهبنة أم اتزوج، حلمي أكون أم.. ماذا أفعل كي لا يغضب الرب علي؟".
في هذا الصدد، أوضحت الكنيسة في البداية ما هو الندر وشروطه، مؤكدة أن النذر هو اتفاق أو عهد بين الشخص وبين الله. وهناك أكثر من نقطة في النذور حسب قول الكتاب، منها أهمية الوفاء بالنذر، وتوقيت الوفاء به. فيقول الكتاب المقدس: "أَنْ لاَ تَنْذُرُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَنْذُرَ وَلاَ تَفِيَ" (سفر الجامعة 5: 5)، "إِذَا نَذَرْتَ نَذْرًا لِلرَّبِّ إِلهِكَ فَلاَ تُؤَخِّرْ وَفَاءَهُ.. مَا خَرَجَ مِنْ شَفَتَيْكَ احْفَظْ وَاعْمَلْ" (سفر التثنية 23: 22، 23؛ سفر الجامعة 5: 4). فأن لا ينذر الشخص خيرٌ من أن ينذر ولا يقوم بإيفاء النذر، وعلى الجانب الآخر لا يجب أن يقوم الشخص بالتأخر في الوفاء بالنذر.
على جانب آخر، "هل يجوز تغيير النذر؟"، فكان رد الكنيسة هو أن النذر لا يجب تغييره. ولا يستطع أحد أن يعطيك حِلًا بتغييره مهما كانت درجته الكهنوتية. فالكهنوت له سلطان الحِل والربط في حدود وصايا الكتاب، ليس إلا. فإن نذر شخصًا مثلًا أن يعطي خروف للكنيسة أو للفقراء أو غيره، فلا يمكن أن يقوم بتبديل النذر بثمن الخروف مثلًا. بل يجب أن يكون النذر كما هو.
الله لا يحاسب إن نذر شخص أمرًا ثم مُنع عن تنفيذه بسلطة أعلى منه.
يجب على الشخص قبل أن ينذر أن يتأكد من أنه يستطيع تنفيذ نذره، وأن ما نذره يقع في سلطته. لكن إن نذر شخص أمرٌ ما وهو في غير قدرته، يكون هذا نذرٌ خاطئ. وإذا كان التنفيذ بسلطة أعلى منك، فأنت غير مسئول. وطبيعي أنك لا تنذر أمرًا وأنت تعرف مسبقًا أنه ليس في سلطتك تنفيذه. فمثلًا لا تسمح الكنيسة القبطية الأرثوذكسية منذ الستينيات من القرن العشرون للأقباط على مستوى العالم بالذهاب إلى القدس لزيارة الأماكن المسيحية هناك، نظرًا للتعديات الإسرائيلية على أخوتنا الفلسطينيين، فلا نقبل نحن التطبيع مع إسرائيل لأن في ذلك خيانة لأخوتنا العرب والفلسطينيين، وخيانة القضية الفلسطينية التي كافحت عنها مصر منذ عام 1948 حتى الآن، والتي هي أساس الخلاف بين العرب واليهود. فمثلًا لا يصح أن يقول قبطي أني نذرت زيارة القدس. لأن هذا الأمر ليس في سلطته ولا مقدرته. فبركة الطاعة للكنيسة أكبر من مجرد زيارة مباني بُنِيَت في القدس بعد قيامة المسيح بسنوات. والكتاب المقدس كان واضحًا في هذه النقطة من جهة السلطان في النذر، من خلال سفر العدد، الأصحاح 30 (عد 30).
أهلية صاحب النذر
يجب أن يكون صاحب النذر أهلًا للنذر؛ فمثلًا الطفل يمكنه أن ينذر تقديم شمع للكنيسة إذا نجح في السنة الدراسية، لكن لا يمكنه نذر البتولية مثلًا. لأن هذا الأمر شيء مستقبلي لا يستطيع تقريره في الطفولة. فهو كشخص غير كامل الأهلية من جهة النضج العقلي الكامل، لا يُحاسَب على أفعاله أو أقواله بنفس الطريقة التي يُحاسَب عليها الشخص الناضج. فالله لا يحاسب الأطفال حسب عقولهم. ولا حتى القانون العادي يفعل هذا. فإن ارتكب شخصًا كبيرًا أمرًا يكون عقابه مختلف كثيرًا عن إذا فعل طفلًا الأمر نفسه. فالطفل لا يعي ما يقول، ولا يستطع أن ينذر نذورًا بهذا الحجم لأنه لا يدرك أبعاد الأمر، ولا يعرف معنى النذر، وشروطه وإيفائه، ولا يعرف -كطفل- أن نظرته للأمور ستتغير بعد النضوج الجسدي والعقلي والفِكري. فلا تقلقين يا عزيزتي. وأقدِمي على الزواج باطمئنان وراحة بال. والله يبارك في حياتك وفي عائلتك الجديدة.
Trending Plus