قابيل وهابيل.. كما رآهما فراس السواح

هابيل وقابيل
هابيل وقابيل
أحمد إبراهيم الشريف

تحدثت النصوص الدينية عن هابيل وقابيل، على أساس أن قتل هابيل كان الجريمة الأولى على الأرض، وفراس السواح اهتم بدراسة هذه القصة من خلال التراث الدينى واالشعبى، وذلك فى كتابه المهم "مغامرة العقل الأولى".

 

يقول فراس السواح تحت عنوان:
قايين وهابيل

يسير النص التوراتي على خطى النصوص السومرية المقدَّمة سابقًا؛ فبعد هبوط آدم وحواء إلى الأرض ليعملا فيها ويُحصِّلا قُوتهما بعرق جبينهما، أنجبت حواء من زوجها آدم ولدَين؛ الأول قايين الذي اشتغل بالزراعة، والثاني هابيل الذي اشتغل بالرعي وتربية الماشية، وحدث بعد مدة من اشتغال كلٍّ منهما بعمله، أن قاما بتقديم قربان للرب، حيث قدَّم قايين من ثمار الأرض التي يزرعها، وقدَّم هابيل ذبائح من قطعانه، فتقبَّل الرب قربان هابيل الراعي ولم يتقبَّل قربان قايين المزارع، فدفعت الغيرة قايين لقتل هابيل ودفن جثته في الصحراء. ويجري النص على النحو الآتي..

"وعرف آدم حواء امرأته، فحملت وولدت قايين فقالت: قد رُزقت رجلًا من عند الرب. ثم عادت وولدت أخاه هابيل، فكان هابيل راعي الغنم، وقايين كان يحرث الأرض. وكان بعد أيام أن قايين قدَّم من ثمر الأرض تقدمةً للرب، وقدَّم هابيل أيضًا شيئًا من أبكار غنمه ومن سمانها. فنظر الرب إلى هابيل وتقدمته، وإلى قايين وتقدمته لم ينظر، فشق على قايين جدًّا وسقط على وجهه. فقال الرب لقايين: لمَ شقَّ عليك وسقطت على وجهك؟ ألَا إنك إن أحسنت تنل. وقال قايين لهابيل أخيه: لنخرج إلى الصحراء. فلما كانا في الصحراء وثب قايين على هابيل أخيه فقتله. فقال الرب لقايين: أين هابيل أخوك؟ قال لا أعلم، ألعلي حارس لأخي؟ فقال: ماذا صنعت؟ إن صوت دماء أخيك صارخ إليَّ من الأرض. والآن فملعون أنت من الأرض التي فتحت فاها لتقبِّل دماء أخيك من يدك".

قد تبدو هذه الرواية التوراتية لأول وهلة وكأنها تُعطي الغلَبة والتفوُّق لهابيل الراعي؛ لأن يهوه قد تقبَّل قربانه ولم يتقبَّل من قايين المزارع. ولكن المرامي النهائية للنص تتفق مع مرامي بقية النصوص؛ ذلك أن مقتل الراعي على يد المزارع إن هو إلا تثبيت لغلبة المزارع وقوته وتفوُّقه على الراعي، ولم يكن بإمكان النص التوراتي إلا أن يسير على هذا المخطَّط؛ لأن العبرانيين كانوا قومًا رعاة، ولكنهم استقروا فيما بعدُ وزرعوا الأرض وبنَوا المدن، وبقوا يُكنُّون احتراما لتاريخهم الرعوي القريب، فجاء قَبول يهوه لقربان الراعي تعبيرًا عن مرحلتهم الرعوية السابقة واحترامهم لها بسبب قراءاتهم اليومية للتوراة. أمَّا موت الراعي على يد المزارع فجاء نتيجةً للأمر الواقع الذي عاشوه من غلبة الزراعة على البداوة.

وقد وردت قصة الأخوَين في القرآن الكريم دون ذكر اسمَيهما، ولكن التقاليد الإسلامية تدعوهما قابيل وهابيل. والقصة القرآنية تقوم على عناصر القصة التوراتية مع إضافة عنصر الغراب، الذي علَّم قابيل كيف يدفن أخاه القتيل:

وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ * فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ * فَبَعَثَ اللهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ سورة المائدة: ٢٧–٣١.

مات هابيل تاركًا أحفاده الرعاة في أسر الدورة المناخية السنوية، بعيدين عن أى مساهمة في ثقافة البشر وحضارتهم؛ فبدوي اليوم لا يختلف في شيء عن بدوي فجر التاريخ. أمَّا قابيل فقد تسلَّم زمام الحضارة ودفع بها أشواطًا إلى الأمام. أنتج المجتمع الزراعي، فالمجتمع الصناعي، واستطاع قابيل الوصول إلى الفضاء الخارجي، فهل يعيش أحفاد هابيل ليرَوا قابيل وقد قضى عليه تقدُّمه العلمي والتكنولوجي ذاته.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

سماع دوي انفجار ضخم في العاصمة السورية دمشق

الآن.. بدء تصويت المصريين فى إعادة انتخابات مجلس الشيوخ بنيوزيلندا

الصحة اليمنية: ارتفاع عدد ضحايا القصف الإسرائيلي على صنعاء لـ6 قتلى و86 جريحا

نجاة وزير الكهرباء بعد حادث مروري أثناء توجهه لمدينة العلمين

مباشر الميركاتو.. تعرف على آخر تطورات سوق الانتقالات الصيفية


رئيس الوفد الروسي المفاوض: "صندوق التبادل" الأوكراني يوشك على النفاد

وليد خليل: فيفا حكم لغزل المحلة بـ96 ألف دولار حق رعاية إمام عاشور

تفاصيل التحقيق مع 4 عاطلين بتهمة الإتجار فى المواد المخدرة

حالة الطقس المتوقعة اليوم الإثنين 25 أغسطس 2025 فى مصر

أخبار × 24 ساعة.. وزارة التعليم: تسليم الكتب للطلاب دون قيود أو شروط


الزمالك يشكر الرئيس السيسى بعد التصديق على قانون الرياضة

التضامن: 4.7 مليون أسرة مستفيدة من تكافل وكرامة بدعم 54 مليار جنيه

ريال أوفييدو ضد الريال.. رودريجو يقود هجوم الميرنجى وفينى على الدكة

جنة تحت الماء.. إقبال أوروبى على رحلات السفارى لزيارة الجزر البحرية ومواقع الغوص بالبحر الأحمر.. مشاهدة كهوف الشعاب المرجانية والدلافين والقروش.. والأخوين والفنستون ووادي الجمال والشيلينات تجذب المحترفين.. صور

الاتحاد السكندري يتعادل مع البنك الأهلي بدون أهداف في الدوري

خروج 15 فتاة من مصابي حادث غرق أبو تلات من المستشفى بعد تقديم الرعاية الطبية

أخطر 5 اعترافات لقاتلة أسرة دير مواس: "مشيت فى جنازتهم علشان أبعد الشبهة"

تعرف على بديل إمام عاشور فى منتخب مصر أمام أثيوبيا وبوركينا فاسو

تنسيق المرحلة الثالثة.. 50% حد أدنى للتقدم لطلاب النظامين الحديث والقديم

نيوكاسل ضد ليفربول.. التاريخ ينحاز للريدز قبل موقعة الدوري الإنجليزي

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى