من كثبان رملية إلى بساط أخضر.. ملحمة زراعية فى شمال سيناء خلال 2024.. زراعة الزيتون تتصدر المشهد.. وخضروات وفواكه على أراضى تم استصلاحها.. ومحاصيل القمح والشعير تسجل أعلى نسبة إنتاج.. صور

مزارع سيناء

شمال سيناء ـ محمد حسين

الجمعة، 21 مارس 2025 03:00 ص

علي امتداد رمال سيناء كان لأبناء هذه الأرض قصة تتردد أصداؤها في كل زاوية من زوايا القرى والوديان، إنها قصة تحول أرض قاحلة إلى جنة خضراء، حيث التحديات التي واجهها أهلها كانت بمثابة وقودٍ لأحلامهم في بناء مستقبل زراعي مشرق.

شهد عام 2024 تحوُّلاً زراعيًا ملموسًا في مختلف مناطق شمال سيناء، حيث تسابق أبناء القرى في مناطق غرب وشرق العريش، والشيخ زويد، وجنوب رفح، ومركز بئر العبد، ومناطق مركزي الحسنة ونخل في وسط سيناء، على استصلاح الأراضي وتحويلها إلى مساحات خصبة تنتج محاصيل متعددة. في كل بقعة من هذه الأراضي، كانت هناك قصص تروى عن مجهودات كبيرة بذلها الأهالي، الذين تحدوا الظروف الطبيعية الصعبة، ليحولوا الرمال إلى خيرات.

منذ سنواتٍ طويلة، كانت بعض الأراضي في هذه المناطق مجرد كثبان رملية مهملة، لا تصلح للزراعة، وأخرى توقفت بها الزراعة لسنوات بسبب الإغلاق نظرا للأحداث التي مرت بها المحافظة، ولكن مع عودة الأهالي إليها بعد سنواتٍ غياب بدأوا في استصلاحها وزراعتها من جديد، ليثبتوا أن الإرادة الإنسانية يمكن أن تُحول المستحيل إلى واقع.

"هذه الأرض كانت مهملة لسنوات، لكننا قررنا استغلال كل متر فيها" هذا هو لسان حال جميع أهالي القري والمناطق المتاخمة للمدن بشمال سيناء وقد تحول جميعهم لمزارعين يتنافسون في تسوية الأرض وتحويلها إلى أراضٍ صالحة للزراعة.

وفي هذا السياق، كان الزيتون هو الخيار الأمثل لأهالي سيناء. فقد أصبح زراعة أشجار الزيتون، التي تتحمل الظروف القاسية والتربة القلوية، أحد أهم المشاريع الزراعية في المنطقة. وزراعة الزيتون لا تقتصر على الأرض فقط، بل تمتد إلى جهد مستمر في الحفاظ على هذه الأشجار وتنميتها. إلى جانب الزيتون، قام المزارعون بزراعة محاصيل خضروات متنوعة، مثل الطماطم والخيار والبصل والفلفل، التي وجدت في الأرض السيناوية بيئة خصبة لها.

ويعتبر الأهالي ان زراعة الزيتون هي المستقبل في سيناء لأنه يتحمل ملوحة المياه الجوفية ويعطي محصولًا جيدًا وإلى جانبه زراعة الخضروات لتحقيق دخل إضافي وتحقيق معادلة تنوع في المحاصيل.

الجهود التي بذلها الأهالي لم تقتصر على زراعة الزيتون والخضروات فقط، بل امتدت لتشمل زراعة محاصيل أخرى مثل القمح والشعير، التي حققت نجاحًا ملحوظًا في بعض المناطق التي تعتمد على مياه الآبار. أما تلك التي تعتمد على مياه الأمطار، فلم تحقق إنتاجًا كبيرًا هذا العام بسبب قلة سقوط الأمطار، لكن هذا لم يمنعهم من الاستمرار في محاولة زراعة المزيد.

في هذا الإطار، شهدت مدينة العريش موسم حصاد القمح والشعير في مزرعة جامعة العريش، التي استصلحت مساحة كبيرة لزراعة القمح. وقد تم اختيار أفضل الأصناف من بين 200 صنف موجود بالمزرعة، بناءً على قدرتها على تحمل الظروف المناخية القاسية في سيناء.

وفيما يتعلق بالمياه، كان لجوء الأهالي إلى استغلال المياه الجوفية وتطوير تقنيات الري الحديثة دورًا كبيرًا في استصلاح الأراضي الزراعية. فقد تم تجهيز الأرض بأنظمة ري بالتنقيط، مما ساهم في تقليل هدر المياه وزيادة كفاءة الري، واستخدام تقنيات حديثة في الري، بما في ذلك الري بالتنقيط، لضمان أن المياه تذهب مباشرة إلى جذور النباتات، وبالتالي يتم الحفاظ على الموارد المائية.

ومع ازدهار الزراعة في سيناء، بدأت هذه الأراضي التي كانت خالية من الحياة تصبح جنة خضراء مزدهرة بمختلف أنواع المحاصيل. فقد شهدت القرى في مناطق العريش والشيخ زويد وجنوب رفح العديد من المشاريع الزراعية الناجحة التي وفرت فرص عمل للعديد من الأسر السيناوية.

وكانت هذه الجهود الزراعية قد ساهمت في توفير فرص عمل، ودعمت حركة التجارة في المنطقة، فقد بدأ المزارعون في شراء الأدوات الزراعية والأسمدة، وازدهرت الأسواق المحلية التي تبيع المحاصيل الزراعية، وساهم هذا في تنشيط التجارة في المنطقة، ليصبح للمزارع دور مهم في التنمية الاقتصادية لمناطق شمال سيناء.

أظهرت تجربة أهالي سيناء في استصلاح الأرض وزراعتها أهمية التعاون المجتمعي، حيث عمل الجميع معًا لتحقيق الهدف المشترك وهو استعادة الحياة الزراعية في هذه الأرض الطيبة.

وبينما يواصل أبناء سيناء جهودهم في استصلاح الأرض وزراعتها، فإنهم يضعون نصب أعينهم المستقبل، حيث يتطلعون إلى تطوير المزيد من المشاريع الزراعية، وتجربة أنواع جديدة من المحاصيل التي تتناسب مع طبيعة الأرض.