زراعة الفول البلدى موروث شعبى ودعامة أساسية للأمن الغذائى المصرى.. يزداد الطلب عليه خلال شهر رمضان لإعداد وجبة السحور.. 9 محافظات تشتهر بزراعته ويحتل مكانة مرموقة فى قائمة اهتمامات المزارعين

الفول البلدى واحد من المحاصيل التى ترتبط بالموروثات والشخصية المصرية على اختلاف ثقافتها ووضعيتها الاجتماعية، ما يضعها فى مقدمة أولويات المزارعين، ويفرض التزامًا أكبر عليهم لتحقيق أفضل النتائج فى نهاية الموسم، وهو أيضًا أحد أهم المحاصيل الاستراتيجية الشتوية، التى يعول عليها المزارعين لتحقيق عوائد اقتصادية مجزية، مع الاستفادة من فوائدها الخاصة بتحسين مستوى خصوبة التربة، لتقليص حجم الإنفاق وتكاليف المدخلات الخاصة بالمحصول التالى.
ويعتبر الفول البلدي المحصول البقولى الأول فى مصر من حيث المساحة المنزرعة والإنتاج الكلى والاستهلاك حيث تستهلك بذوره الخضراء والجافة فى تغذية الإنسان نظرا لاحتوائها على نسبة مرتفعة من البروتين تصل إلى نحو 28% والكربوهيدرات 58%بالإضافة إلى عديد من الفيتامينات والعناصر الغذائية الأخرى بالإضافة إلى دور الفول فى تحسين خواص التربة وزيادة خصوبتها بترك نحو 20-30 وحدة آزوتية فى الفدان بعد الحصاد يستفيد منها المحصول التالى.
ويزرع الفول فى النصف الأول من أكتوبر فى محافظات "سوهاج - قنا - أسوان"، وفى النصف الثانى من أكتوبر فى محافظات أسيوط والمنيا وبنى سويف والفيوم والجيزة وفى الوجه البحرى "الدقهلية والشرقية وكفر الشيخ ومنطقة النوبارية بالبحيرة"، ويزرع فى النصف الأول من شهر نوفمبر ويؤدى التبكير أو التأخير عن هذه المواعيد إلى تعرض المحصول إلى الإصابات الحشرية والمرضية والإصابة بالهالوك وزيادة نسبة تساقط الأزهار وبالتالى فقد جزء كبير من المحصول ويتم حصاده فى شهر مارس.
قال الدكتور عزام عبد الرازق عشرى، أستاذ المحاصيل البقولية بمعهد بحوث المحاصيل الحقلية، إن الفول البلدى والمحاصيل البقولية بشكل عام تحتل مكانة مرموقة فى قائمة اهتمامات المزارعين والمستهلكين على حد سواء، نظرًا لتواجدها ضمن قائمة الغذاء الأساسية، بالإضافة إلى فوائدها للتربة والمحاصيل التالية لها، علاوة على إسهاماتها الملموسة فى ملف الأعلاف والإنتاج الحيوانى.
وأضاف عزام أن ارتفاع أسعار الفول يعود إلى عدة عوامل، من بينها ارتفاع تكلفة الإنتاج وزيادة الطلب خلال شهر رمضان أن ارتفاع الأسعار قد يكون له جانب إيجابى، حيث يوفر عائدًا مجزيًا للمزارعين، مما يشجعهم على زيادة المساحات المزروعة بالفول فى المواسم القادمة.
وأوضح عزام الجهود المبذولة لتحسين إنتاجية الفول وتعويض النقص فى المساحات المزروعة من خلال تطوير أصناف جديدة ذات إنتاجية عالية وجودة محسنة.
وأشار إلى أن هناك تطورًا ملحوظًا فى إنتاجية الفول، حيث ارتفع متوسط الإنتاجية من 5 أردب فى الثمانينات إلى معدلات أعلى بكثير فى الوقت الحالى، وذلك بفضل الأبحاث العلمية والتعاون بين الباحثين الزراعيين.
أوضح عبد الرازق عشرى أن الفول البلدى يتميز بجودة خاصة تجعله الخيار المفضل لدى المستهلكين، حيث يتمتع بنكهة مميزة وقيمة غذائية عالية، مشيرًا إلى أن بعض المطاعم تعتمد عليه كعلامة تجارية مميزة، مما يرفع من قيمته فى السوق، مؤكدًا أن العديد من المحلات تحرص على تقديم الفول البلدى بدلاً من المستورد، ما يعكس ثقة المستهلكين بجودته. كما أن هناك إقبالًا كبيرًا على عربات الفول، لا سيما خلال شهر رمضان، حيث تُعد وجبة الفول عنصرًا أساسيًا فى السحور.
أوضح عزام أن هناك نوعين من الفول: الفول الحراتى "الأخضر" والفول الجاف، حيث يتخصص معهد المحاصيل الحقلية فى تطوير أصناف الفول الجاف، بينما يتولى معهد الخضر تطوير الأصناف الخضراء.
وأشار إلى أن بعض المزارعين يفضلون زراعة الفول الحراتى لتحقيق عائد اقتصادى أسرع، نظرًا لارتفاع سعره مقارنة بالفول الجاف، موضحًا أن بعض الأصناف مثل الفول الإسبانى ونوبارية 1 تمتاز ببذور كبيرة تصلح للاستهلاك الأخضر، ومشددًا على أهمية جودة البذور وضرورة اختيار الأصناف التى تحقق أعلى إنتاجية وجودة.
وأوضح عزام عن السياسة الصنفية وأهمية اختيار الأصناف المناسبة لكل منطقة، مشيرًا إلى أن هناك أصنافًا مبكرة مثل وادى 1، والتى تنضج خلال 120 يومًا، مما يجعلها مناسبة للمزارعين الراغبين فى حصاد مبكر، مشيرًا إلى أصناف أخرى مثل “سخا 1، ومصر 1″، والتى تتميز بقدرتها على تحمل الظروف البيئية المختلفة.
وأكد أن هناك اهتمامًا كبيرًا بتطوير أصناف مقاومة للأمراض، خاصة الأصداء التى تنتشر فى فصل الشتاء، موضحًا أن بعض الأصناف مثل “جيزة 16، سخا 1، ونوبارية 1” تتمتع بقدرة عالية على مقاومة الأمراض الفطرية، مما يقلل من الحاجة لاستخدام المبيدات الكيميائية، وبالتالى يخفض تكاليف الإنتاج ويحمى البيئة.
وشدد عزام على أهمية اختيار الأصناف المقاومة للأمراض من مصادر موثوقة، مشيرًا إلى أن بعض المزارعين قد يقعون فى خطأ زراعة أصناف غير معروفة المصدر، مما يعرضهم لخسائر كبيرة بسبب انتشار الأمراض مثل الصدأ.
ونصح المزارعين بضرورة متابعة التوصيات البحثية الصادرة عن مراكز البحوث الزراعية لضمان زراعة ناجحة وإنتاج وفير، مع التأكيد على أن الفول يُعد محصولًا استراتيجيًا يجب الاهتمام به لتحقيق أعلى عائد اقتصادى.
وأوضح أن الهالوك يأتى فى مقدمة أمراض الفول الأكثر شيوعًا، لافتًا إلى أن الاتجاه صوب تطبيق إجراءات المكافحة بأى مبيد، يمثل إهدارًا للمال والجهد، دون تحقيق النتائج المرجوة منها، فيما يخص تخفيف حجم الضرر والخسائر المتوقعة.
ولفت إلى أن تجميع شماريخ الهالوك يدويًا، يعد أفضل الخيارات المتاحة للمزارعين فى هذا التوقيت من الموسم، شريطة اتباع التوصيات الفنية الواردة بشأن طرق التخلص منها، وهى الخطوة التى تحد دون انتشار المسببات المرضية وانتقالها للأماكن السليمة.
Trending Plus