كيف نعلم أبناءنا المقدرة على التفسير؟

 أ.د/ عصام محمد عبد القادر
أ.د/ عصام محمد عبد القادر
بقلم أ.د/ عصام محمد عبد القادر

استطاعة الأبناء على أن يقدموا تبريرا، أو يخرجوا باستخلاصات، أو يتحصلوا على نتائج، من جملة أحداث يشاهدونها، أو يرصدونها، أو يتابعونها، أو حتى وقائع يعايشونها، هذا كله يقوم على الفهم، ويتقبله المنطق والعقل؛ ومن ثم نزعم بأنهم قادرين على ممارسة مهارة التفسير، وهنا تصبح للمواقف، والتجارب، والأحداث، التي يمر بها الأبناء ذات مغزى ومعنى بالنسبة لهم، بل إن شغفهم نحو معرفة الأسباب وتحديدها، والتي تقف خلف الظاهرة التي يتعرضون لها، يصبح أمرًا مستدامًا.


إن مهارة التفسير تمكن الأبناء من أن يتحققوا، ويتوثقوا من صدق المعلومات، التي تصبح في حوزتهم، وأن يصلوا لأحكام منطقية، تقوم على شواهد، وأدلة، وبراهين، غير مشوبة، بل ويمكنهم أن يوظفوا ذلك في العديد من القضايا، أو المواقف التي يتعرضون لها، وهنا تبدو ملامح القدرة على حل المشكلة، وفق فلسفة التحديد الدقيق لمكونها؛ فلا مجال للخلط، أو الخطأ، أو التسرع، في إصدار حكم، أو تلافي خطوات مهمة؛ حيث يراعي من يمتلك مهارة التفسير الاعتبارات الفرعية المرتبطة بالموضوع، أو القضية، أو المشكلة محور التناول.


إذا ما رغبنا أن نخرج الأبناء من حيز المألوف في تفسير الموقف، أو القضية محل الاهتمام؛ فلابد أن ندفع بهم نحو محاولة التدريب على إجرائية التحليل، في ضوء معايير يتبعونها، وهنا يتعرضون لخبرات جديدة تضاف لرصيدهم، بل ويقبلون التعديل، أو التغيير، إذا ما تطلب الأمر ذلك؛ حيث يزداد مع وقت التدريب، واكتساب الخبرات، المقدرة على الملاحظة؛ فيستطيع الفرد حينئذ أن يرصد أوجه الشبه والاختلاف في مكنون القضية، أو المشكلة محل التناول، مع التزامه بماهية التنظيم والترتيب عند التعامل مع البيانات، أو المعلومات.


وظيفية التفسير تبدو في تحصيل الفرد على معان ومترادفات جديدة، وهنا يمكننا القول بأن الخريطة المفاهيمية لديه في ازدياد مضطرد، كما أن مقدرته على التمييز تصبح في مستوياتها المتقدمة؛ حيث يفند التأويلات غير المنطقية، ويبقي على المنطقية منها، ناهيك عن كونه يتحرى أمرًا غاية في الأهمية؛ ألا وهو البعد عن الذاتية، في إصدار الأحكام حول المشكلة، أو الظاهرة، أو القضية، محل النقاش.


والتساؤل الذي يشغل الأذهان يكمن في: كيف أن نعلم أبنائنا المقدرة على التفسير؟، وهذا يحتاج منا لاستعراض بعض الخطوات، التي من خلالها يمكننا أن ندرب أبنائنا على مهارة التفسير، والبداية تكمن في تعريف الفرد بالهدف مما يقوم به من ممارسات كونها مفيدة له، وتضيف إليه خبرة علمية، أو عملية، أو حياتية، ثم ننطلق إلى لب القضية محل الاهتمام؛ حيث نعرض تفاصيلها الدقيقة، بإحدى وسائل العرض المتاحة، بل ونوضح كافة المعطيات التي تؤخذ في الاعتبار، والخاصة بتلك القضية؛ ومن ثم يعتاد الفرد على مهارة قراءة التفاصيل، وحصر المتغيرات الرئيسة منها والدقيقة.


في بعض الأحيان نحتاج لأن نزيل أوجه الغموض، حول ما قد يرتبط بالقضية محل التناول، من معلومات، أو مفاهيم ذات صلة؛ كي نجنب الفرد أن يصاب بنمط فهم خطأ حيال ذلك، وهذا في مجملة بمثابة تحديد دقيق للقضية، وإزالة كافة أوجه اللبس، التي قد تحيط بمكنونها؛ لذا يدرك الفرد المهمة التي تقع على عاتقه؛ فيبدأ بالحوار مع ذاته، والتفكر فيما عرض عليه من تفاصيل، ويحاول أن يستقرئ ما بين السطور، ويقدم تفسيراته الخاصة في صورتها الأولية.


وهنا ينبغي أن نهتم بعقد حوار معه؛ كي نجعله أن يمارس مهارة التفسير، وفقًا لمعايير، وأدلة، وبراهين، يرتكن إليها، وهذا لا يمنع من أن يستعرض قناعاته في البداية، والتي يكتشف مدى صحتها، أو انحرافها عن المسار الصحيح، بعد مطابقتها بالشواهد، حتى لا نمنع، أو نحد من تدفق الأفكار الملهمة لديه، أو نضير بعتبة الابتكار، ورغم ذلك يفيدنا النقاش معه في أننا نتأكد من صحة الممارسات الإجرائية لأداء مهارة التفسير.


وعندما يقدم الفرد تفسيراته في صورتها النهائية، نقوم بتعزيزه، بما يناسب طبيعة الموقف، ثم نتابع مسار تدريبه بقضية أخرى مشابهة للقضية السابقة، ونطلب منه أن يؤدي مهمة التفسير بالصورة سالفة الذكر، وهذا كي نطمئن أنه اتقن الخطوات الإجرائية لأداء مهارة التفسير، وبعد الانتهاء من تلك القضية، نقدم له التعزيز الذي يتبعه تقديم قضية ثالثة؛ لكنها مختلفة تمامًا في تفاصيلها ومضمونها، عن القضيتين السابقتين؛ حيث نصل إلى قناعة وصول الفرد المتدرب لمستوى الإتقان في أداء مهارة التفسير.


ولا ضير من أن يقع المتدرب في خطأ، أثناء أداء مهارة التفسير؛ فحينئذ نقدم له التغذية الراجعة، أو ما نسميها العلاج؛ لتصويب الخطأ؛ ومن ثم يتوجب علينا أن نضعه في مزيد من المواقف الجديدة، التي تتضمن قضايا، وأحداث، لم يتعرض لها من قبل؛ كي يواصل التدريب على مهارة التفسير، ولابد من أن نتيح له الفرصة للتقييم الذاتي، وتقييم أقرانه؛ حيث إن هذا الأمر يجعله يحسن ويطور من أدائه على الدوام.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

تأكيدا لليوم السابع.. الزمالك ينهى أزمة مستحقات البرتغالى جوزيه جوميز بالتراضى

رجل يلاحق زوجته بسبب تحايلها بمستندات مزورة للزج به فى السجن.. التفاصيل

بيراميدز يهزم الإسماعيلي ويحصد أول فوز بالدورى فى مباراة البطاقات الحمراء

إعفاء طلاب الثالث الإعدادى بالعامين الدراسيين 2026 و2027 من أعمال السنة

وزير التعليم يعلن تطبيق أعمال السنة على الصف الثالث الإعدادى


غموض موعد عودة سلة الزمالك للتدريبات بعد اعتذار المدير الفني

الرئيس السيسى يصدّق على قانون بعض قواعد وإجراءات التصرف فى أملاك الدولة الخاصة

فيريرا : استيعاب اللاعبين سيستغرق وقتاً ولم يعجبنى الاحتفال بعد انتصار سيراميكا

فضيحة جديدة.. إعلامية من باراجواي تكشف المستور عن كاسياس

عمر مرموش يقتحم قائمة ملوك التسديدات فى "بيج 5" وينافس محمد صلاح


سفير الجزائر لدى القاهرة: الحملات ضد مصر ذات أهداف سياسية مغرضة

استطلاع.. استمرار تراجع شعبية ترامب بين الجمهوريين بانخفاض 9 نقاط فى إدارته الثانية

ضبط سائق سيارة فارهة حاول الهرب بعد ارتكابه حادثا مروريا بكوبرى أكتوبر.. فيديو

ليوناردو دى كابريو يكشف عن الفيلم الأقرب إلى قلبه

علياء قمرون أمام النيابة: "معرفش يعنى إيه غسيل أموال.. كنت بفرح بالدعم عشان أجهز نفسى"

من التحرش إلى الخطف والترهيب.. عقوبات قاسية تنتظر المتهمين فى واقعة فتيات طريق الواحات

مصر تدين بشدة الإعلان عن خطة بناء 3400 وحدة استيطانية بالضفة.. الخارجية تحذر إسرائيل من الانسياق وراء معتقدات وهمية بتصفية قضية فلسطين وتجسيد ما يسمى "إسرائيل الكبرى"..وأي محاولة لتهجير الفلسطينيين مصيرها الفشل

اعترفات المتهمين بملاحقة فتاتين الواحات: طاردناهما بسيارة منظومة نقل خاصة

اتحاد الكرة يرد على شكوى الزمالك ضد زيزو ..اعرف التفاصيل

النيابة تستدعى مصور حادث مطاردة سيارة فتيات طريق الواحات لسؤاله حول الواقعة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى