الحياة على المحك.. "عكس الاتجاه" جريمة تهدد الأرواح وتلاحق المتهورين.. حملات مكثفة من وزارة الداخلية لضبط جرائم تهدد حياة المواطنين.. تهور يعرض الأرواح للخطر.. والعقوبات تتصاعد ضد الجرائم المميتة

في مشهد يتكرر بين الحين والآخر بشكل مأساوي على الطرقات، تقود بعض السيارات الحياة إلى حافة الخطر، وتعرض حياة الأبرياء للخطر دون أدنى مراعاة للقوانين أو حتى للمنطق، إذ يشهد يومًا بعد يوم طريقٌ جديد حيث يرفض قائدو المركبات احترام الاتجاهات ويصرون على السير عكسها، مما يهدد سلامة الجميع، والمفارقة تكمن في أن هؤلاء المتهورين لا يفكرون في العواقب إلا بعد وقوع الكارثة، لكن الأجهزة الأمنية لن تدع هذا التهور يمر دون عقاب.

وفي حادثة شهيرة، تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر فيه قائد "مينى باص" وهو يقود سيارته عكس الاتجاه على الطريق الرابط بين "ميت غمر" و"المنصورة" في محافظة الدقهلية.
الفيديو الذي سرعان ما انتشر بشكل واسع عبر الشبكات الاجتماعية، كشف عن تهور قائد السيارة الذي عرض سلامة المواطنين للخطر، بعد البحث والتحقيق، تم تحديد مكانه وضبطه، وعند مواجهته، اعترف بجريمته وشرع القانون في اتخاذ الإجراءات اللازمة ضده.

ولكن الحوادث لا تقتصر على الطرق الداخلية فقط، بل تتجاوز ذلك لتطال شوارع العاصمة "القاهرة"، كما حدث في واقعة مماثلة في منطقة السويس، حيث قامت سائقة سيارة ملاكي بمخالفة صريحة للسير في الاتجاه المعاكس، ما يضع حياتها وحياة الآخرين في خطر داهم، وبعد تحديد مكان السيارة، تم القبض على السائقة التي اعترفت بجريمتها، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.

وفي مشهد آخر أكثر تعقيدًا، تم ضبط قائد سيارة يسير عكس الاتجاه في منطقة أكتوبر، حيث كان يعرض حياة المواطنين لمخاطر بالغة، وبمواجهته، أقر الرجل بارتكاب الجريمة، ليؤكد أن "البعض يرى الطريق وكأنه ملكه"، دون النظر إلى عواقب أفعاله على حياة الآخرين.

الأمر الذي يثير القلق هو أن بعض السائقين يتجاهلون تمامًا خطورة السير عكس الاتجاه في شوارع مكتظة أو ضيقة، فقد أظهرت حالة أخرى في منطقة "حدائق الأهرام" بالجيزة قيام أحد السائقين بالاصطدام بسيارة سيدة كانت برفقة أطفالها، ما أسفر عن تلفيات في سيارتها وتهديد حياتهم، واحتدم الموقف عندما حاول السائق التعدي عليها، في تصرف لا يمت للإنسانية بصلة.

لكن ما الذي يدفع هؤلاء السائقين إلى القيام بهذه الأفعال الجنونية؟ الجواب يكمن في غياب الوعي الحقيقي بخطورة الأمر، فضلًا عن الاستهانة بالعقوبات التي قد تطالهم.

ورغم أن قانون المرور الحالي يعاقب بقوة على مثل هذه الجرائم، فإن البعض لا يزال يستخف بها، بحسب المادة 76 مكرر من قانون المرور، يُعاقب السائق الذي يسير عكس الاتجاه بالحبس أو بغرامة مالية تتراوح بين ألف إلى ثلاثة آلاف جنيه، وفي حالة حدوث إصابات أو وفيات، تُضاعف العقوبات. وبالرغم من هذه العقوبات، ما زالت الحوادث تتوالى وتعرض الأرواح للخطر، فما الذي يمنع هؤلاء المتهورين من التوقف؟ هل هو جهل بالقانون أم قلة الوعي بحجم الخطر؟.

يقول خبراء المرور والسلامة، إن القيادة عكس الاتجاه ليست مجرد مخالفة مرورية، بل هي جريمة تهدد حياة الآخرين وتستدعي تدخلًا حازمًا من الأجهزة الأمنية التي تحقق أعلى معدلات الضبط وتتدخل بحسم ضد المخالفين، وعلى الرغم من وجود العقوبات، يبقى التحدي الأكبر هو الوعي المجتمعي بأهمية الالتزام بقوانين السير للحفاظ على حياة الجميع.