نقابة أطباء الأسنان تحذر: زيادة أعداد الخريجين تهدد مستقبل المهنة وسوق العمل.. 108 آلاف طبيب مُقيد بجداولها 37% منهم بالقاهرة والجيزة.. عدد الكليات فى مصر 5 أضعاف نظيرتها بالولايات المتحدة

- السوق المحلى يتخطى النسب العالمية لتوزيع الأطباء بالنسبة للسكان بـ1328 مواطن لكل طبيب مقابل 7 آلاف و500 عالميا
- توقعات بزيادة 50% خلال السنوات الخمس القادمة عن العدد الحالي.

تشهد مصر في السنوات الأخيرة زيادة ملحوظة في أعداد خريجي كليات طب الأسنان، ما أدى إلى حالة من التشبع في سوق العمل وارتفاع معدلات البطالة بين الأطباء الجدد، ووفقًا لدراسة أعدتها النقابة العامة لأطباء الأسنان، فإن أعداد الخريجين تفوق بكثير الاحتياجات الفعلية، مما يفرض تحديات جديدة على المنظومة الصحية، ويثير تساؤلات حول سياسات القبول الجامعي والتخطيط لسوق العمل.

وأوضحت النقابة في دراستها أن التوسع في إنشاء الجامعات الأهلية، التي تضم معظمها كليات طب الأسنان، أدى إلى تجاوز عدد الكليات حاجز الـ 80 كلية، في حين لا يتجاوز عدد كليات طب الأسنان في الولايات المتحدة 15 كلية فقط، حيث تضم كل دفعة نحو 50 طالبا كحد أقصى، ويصل إجمالي عدد الخريجين سنويا إلى 6500 طبيب، أما في مصر، فقد تجاوز عدد خريجي دفعة 2023 حاجز الـ 12 ألف طبيب، بينما من المتوقع أن يكون عدد خريجي دفعة 2024 أعلى من ذلك.

وأشارت الدراسة إلى أن إجمالي عدد أطباء الأسنان المقيدين حاليًا بالنقابة يتجاوز 108 آلاف طبيب، بالإضافة إلى أكثر من 70 ألف طالب يدرسون في كليات طب الأسنان داخل مصر، إلى جانب نحو 7 آلاف طالب يدرسون بالخارج، كما لفتت إلى أن منطقة القاهرة والجيزة تشهد أعلى كثافة لأطباء الأسنان بنسبة تقارب 37%، نتيجة تكدس الجامعات الحكومية والخاصة، بينما تشهد محافظات الدلتا توزيعًا أكثر توازنًا بمتوسط كثافة 17%، باستثناء محافظة مرسى مطروح التي تُعد من أقل المحافظات في عدد أطباء الأسنان، وهو الأمر نفسه الذي ينطبق على المحافظات الحدودية مثل البحر الأحمر، جنوب سيناء، والوادي الجديد، حيث لا يتجاوز عدد أطباء الأسنان في كل منها 200 طبيب.

أما صعيد مصر، فيواجه نقصًا شديدًا في أعداد أطباء الأسنان، إذ لا تتجاوز نسبة الأطباء هناك 6% من إجمالي عدد الأطباء المسجلين، رغم أن الوجه القبلي يمثل أكثر من ثلثي مساحة مصر، ويضم نحو نصف عدد السكان.

ووفقًا للمعايير العالمية، فإن النسبة المثالية هي طبيب أسنان لكل 7500 مواطن، وهي نسبة تعتمد على الثقافة الصحية للمجتمع ومدى وعي الأفراد بضرورة المتابعة الدورية لصحة الفم والأسنان، لكن في مصر، وبسبب اختلاف أنماط العناية الطبية، يُعتبر معيار طبيب لكل 10,000 مواطن أكثر واقعية، ومع وصول عدد السكان إلى نحو 102 مليون نسمة، بمعدل زيادة سنوية يُقدر بـ 1.92 مليون مولود، تشير الإحصائيات إلى أن النسبة الحالية في مصر تبلغ طبيبًا لكل 1328 مواطنًا، ما يعني أن السوق تجاوز بالفعل النسب العالمية، مع سوء توزيع الأطباء بين المحافظات.

وتوقعت الدراسة أن تشهد السنوات الخمس المقبلة زيادة بنسبة 50% في أعداد أطباء الأسنان، وهو ما سيؤدي إلى تفاقم الأزمة، خاصة مع توجه وزارة الصحة نحو إلغاء نظام التكليف للأطباء، مما سيجعل فرص التوظيف أكثر تعقيدًا. وتشير التقديرات إلى أن عدد أعضاء النقابة سيزيد بنحو 70 ألف طبيب بين عامي 2021 و2027، ليصل إجمالي عدد الأطباء المقيدين بالنقابة إلى 137,750 طبيبًا.

وأوصت نقابة أطباء الأسنان، بالتزامن مع توجه وزارة الصحة لإلغاء التكليف، بوضع نظام توزيع غير مركزي للأطباء، بحيث يتم توجيههم إلى المحافظات والمستشفيات الأكثر احتياجًا، بدلاً من الإلغاء المفاجئ للنظام. كما اقترحت زيادة فترة حظر فتح العيادات الخاصة إلى 5 سنوات بعد فترة الامتياز أو حتى الحصول على شهادة دراسات عليا، إلى جانب تعزيز التعاون بين وزارتي الصحة والتعليم العالي والنقابة لاستحداث فرص عمل جديدة في مجالات مرتبطة بطب الأسنان، مثل إدارة العيادات والمستشفيات، إدارة المعامل، التصوير الطبي، الجودة الشاملة، والتأمين الصحي.

وشددت الدراسة على ضرورة زيادة فرص الدراسات العليا وبرامج الزمالة والتخصصات الدقيقة لتعويض النقص في أعداد الطلاب بالجامعات، مع تفعيل نظم التأمين الصحي الشامل، الذي يمنح مميزات مالية أفضل من العمل داخل وزارة الصحة، وذلك لضمان استيعاب الأعداد المتزايدة من الخريجين، ومنع تفاقم أزمة البطالة في القطاع الطبي.