شيخ الأزهر.. البعث الجديد للأزهر فى عصر أحمد الطيب

تمر المؤسسات بمراحل عده وقد تصل في مرحلة ما إلي الترهل أو الجمود أو الانغلاق، وهذا ما كان عليه الأزهر قبل أن يتولي الدكتور أحمد الطيب مشيخة الجامع الأزهر، هذه المؤسسة الكبيرة العريقة، فجدد وطور وأضاف، وكان منطلق هذا تكوينه العلمي فقد عرك الفلسفة سنين وذهب وعاد ثم ذهب بين الفلسفة الإسلامية والفلسفة الغربية، ومن يذهب لهذا الطريق يكون بعد حين صاحب رؤية، وشيخنا صاحب رؤية، علمته الفلسفة أن الانسان بلا رؤية لا يعدوا إلا أن يكون منقادا من الغير، فاستجاب الشيخ لمتطلبات العصر في الأزهر، فكان إنجازه الأكبر عودة الأزهر للناس فقد فتح أبوابه ليعلم كل من يريد أن يعرف دينه، فكانت أروقة الأزهر الشريف مدرسة يجلس فيها عامة الناس طلبا للعلم، فصرنا كلما دخلنا الجامع نستمع هنا وهناك لدروس علم تلقي ومستمعين ينصتون باهتمام بالغ، ثم جاءت رعاية للطلاب الوافدين فارتقي بكل الخدمات التي تقدم لهم وكفل لهم سبل التفرغ لرسالتهم، فكانت رابطة خريجي الأزهر حلقة الوصل بينهم وبين مدرستهم العلمية، بل ابتعث في عهده طلاب الأزهر إلي جامعات أوربية وكنت أقابلهم وأدرك أن قضيته وراء ذلك هو اكتساب مناهج جديدة وطرق جديدة والاحتكاك لمزيد من الخبرة، برع أبناء الأزهر في هذه الجامعات حتي تمسكت بهم، كل هذا لا شيء أمام مواقفه الحكيمه فبعد عام 2011 ومع أحداث عصفت هنا وعصفت هناك صارالتكفير سهلا إلا عليه فلم يكفر أحد، بل تمسك بأن المسلم يجب ألا يكفر إنسان، وباغلاقه هذا الباب حمي الأمة الاسلامية من عواصف كانت عقبتها غير محمودة.
طور وبنى وفي هذا كله تحمل هجوما عاتيا ممن لا يرضون أن ينهض الأزهر، تحمل وكتم في صدره جروح من صغار النفوس وضعاف السريرة، فكانت نفسه أبيه عازفة عن الصغائر، وهكذا يكون صاحب الهمه والعزة والذي يقود ولا يقاد، فكان أداؤه ردا حاسما بأنه أكبر منهم، لذا حينما شرق أو تغرب تجد الترحاب به كبيرا، لا لشيء سوي أن هذا الرجل قدر أنه يجلس في مقام شريف مقام شيوخ سبوقه فصاغوا للأزهر مكانة في قلوب المسليمن من مشارق الأرض ومغاربها، انظر كيف يستقبل هنا وهناك بترحاب كله حب، "إننا إذا كان هذا كله صدي لإنجازات سابقة، فعلينا أن نفكر معه بصوت واضح ماذا نأمل من الأزهر في المستقبل؟.
فطرح هذا السؤال هام لأنه يحدد مسار السنوات القادمة، نعلم أن هذا يقتضي إدخال الدراسات المستقبلية في الأزهر الشريف، وهو جانب لا يزال غائبا عنه، وهذا ما يجعل المستقبل حاضرا في أذهاننا ولا نفاجئ بما لا يحمد عقباه، وكانت المناظرات قديما تطرح فيها فرضيات لوقائع لم تكن وقعت ولم يكن وقع مثيل لها من ذي قبل، ولذا هذا العلم ليس غريبا علي الاسلام والدراسات الإسلامية، كما أننا نأمل في مركز للخط العربي يكون جزءا من مكتبة الأزهر الجديدة، وكلية للعمارة والفنون الإسلامية، كان علم العمران علما إسلاميا لكنه من العلوم الغائبه عن الأزهر الشريف، وعلم العمران هو علم الحياة الدنيا في الحضارة الاسلامية وغايته سعادة الانسان علي الأرض، وأدواته العلم والعمل، علينا أن نفكر في إنشأ متحف للأزهر إلي جوار الجامع الأزهر، خاصة أن الألاف يتشوقون إلي معرفة تراث الأزهر مسلمين وغير مسلمين، فكل المؤسسات العريقة لديها متاحف تعرض كنوزها وتفتح أبوابها للجمهور، علينا أن نعمل لحصر كامل وشامل للإنتاج العلمي للأزهر الشريف، فالعديد من أبناء الأزهر طواهم النسيان، علي الرغم من أنهم مجددين ومبدعين ،ومن هؤلاء الدكتور محمد علي السايس والدكتور محمد حسين الذهبي ؛ لذا بات من المهم أن نعرف بدقة ماذا أنتج الأزهريين وكيف جددوا ؟، وهذا مدخل لدحض الافتراء حول ،جمود الأزهر وعد تبنيه التجديد.
ان من الواجب أيضا تحديث إدارة الازهر لكي تعتمد على الفضاء الرقمي بصورة أوسع، ولا نستطيع أن ننكر أن دور مرصد الأزهر، لكن يبقي الأزهر في حاجة إلى إدخال علم الاجتماع الديني ضمن مناهجه فالتدين ظاهرة اجتماعية تحتاج إلى دراسة وفحص لذا هذا العلم بات هاما في عصر يجري فيه الحديث عن قيمة الدين بالنسبة للمجتمعات، فالغرب يحاول إعادة الدين لحياة شعوبه لكي تبقى مجتمعاته متماسكة، كما أنه من الضروري التفكير حول الكم والكيف فهل من المفيد افتتاح مزيد من الكليات والمعاهد أم التركيز على الارتقاء بالموجود حاليا.
Trending Plus