ممنوعات الكنيسة فى الصوم الكبير.. التزام روحى وقوانين صارمة وممارسات مقدسة.. منع الزواج احتراما لقدسية الصوم وروحانيته.. الامتناع عن الأطعمة الحيوانية وتناول الأسماك.. إغلاق الأديرة فى أسبوع الآلام تفرغا للصلاة

يواصل الأقباط الأرثوذكس صيامهم فى الصوم الكبير، المعروف أيضًا باسم الصوم الأربعينى المقدس، والذى يستمر لمدة 55 يومًا تنتهى بعيد القيامة المجيد، وتعد هذه الفترة من أقدس فترات السنة، وخلال الصوم الكبير، تتخذ العبادات والطقوس طابعًا خاصًا، إذ يتم تخصيص قراءات وصلوات يومية تعكس قصصًا محورية فى العقيدة المسيحية، يتم من خلالها نقل التعاليم المقدسة من جيل إلى جيل.
وفى التقرير التالى ننشر ممنوعات الصوم الكبير وسبب منع الكنيسة لإقامة طقوس الزواج خلال هذه الفترة، بالإضافة إلى سبب اختلاف موعد عيد القيامة:
ممنوعات الصوم الكبير
يرتبط الصوم الكبير بمجموعة من الضوابط الروحية التى تهدف إلى تعزيز التقرب من الله والتخلى عن الشهوات، وليس فرض قيود جسدية على الصائمين.
ويعتبر الصوم الكبير، فى الكنيسة الأرثوذكسية، صومًا درجة أولى، إذ لا يجوز فيه تناول الأسماك، وكذلك أيضًا صوم الأربعاء والجمعة، صوم يونان، برمون الميلاد والغطاس، يختلف عن ذلك أصوام الدرجة الثانية وهم صوم الميلاد، صوم الرسل، صوم السيدة العذراء، وسمحت الكنيسة بأكل السمك فى هذه الأصوام فقط، وقسمت الكنيسة الأصوام هكذا من حيث درجة النسك، وذلك للتخفيف بسبب كثرة أيام الصيام واحتياج البعض للبروتين الحيوانى.
ولا يقتصر الصوم، أيضًا، فقط على الامتناع عن تناول الأطعمة الحيوانية مثل اللحوم والأسماك والدواجن ومشتقاتها، وإنما يمتد ليشمل الالتزام بحضور القداسات، وترديد التسابيح والمزامير، وتقديم توبة حقيقية، والاعتراف والتناول من الأسرار المقدسة. هذه الفترة تتطلب الالتزام بحياة العفة والطهارة، وكبح الشهوات النفسية والجسدية، مع التركيز على الصلوات والعبادات، خاصة خلال أسبوع الآلام، حيث تتكثف الطقوس الروحانية.
إغلاق الأديرة خلال أسبوع الآلام
وفى إطار تعظيم الروحانيات خلال الصوم، تلتزم الأديرة بضبط الرهبنة وفقًا لقرار بابوى يقضى بأن تفتح الأديرة أبوابها لاستقبال الزوار والرحلات خلال الصوم الكبير أيام الجمعة والسبت والأحد فقط، بينما تُغلق تمامًا خلال أسبوع الآلام، الذى يبدأ بـأحد السعف وينتهى بـليلة العيد، وذلك لإتاحة الفرصة للرهبان للتركيز على العبادة والتفرغ للصلاة.
اختلاف مواعيد الصوم بين الكنائس الشرقية والغربية
على الرغم من أهمية عيد القيامة لجميع الطوائف المسيحية، إلا أن الكنائس الغربية والشرقية لا تحتفل به فى اليوم ذاته، وذلك بسبب اختلاف موعد بدء الصوم الكبير بينهما، حيث يبدأ لدى الكنائس الغربية قبل أسبوع من بدايته فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، مما يؤدى إلى اختلاف موعد العيد أيضًا.
وكان قد أوضح المركز الإعلامى القبطى للكنيسة الأرثوذكسية سبب اختلاف تحديد موعد العيد، حسب نتائج مجمع نيقية المسكونى الأول 325، مؤكدًا أن الاختلاف يرجع إلى قرار المجمع أن عيد القيامة يحتفل به فى الأحد التالى لعيد الفصح اليهودى، (الاعتماد على "الحساب الأبقطي"، وهو يعنى أحد الحسابات الفلكية الذى اعتمدته كنيسة الإسكندرية).
وهذا العام 2025، يحل عيد القيامة المجيد، فى الكنيسة الأرثوذكسية، يوم الأحد الموافق 20 أبريل، كما قسمت الكنيسة الصوم الأربعينى المقدس إلى 7 أسابيع، يبدأ كل منها يوم الاثنين وينتهى يوم الأحد، وجعلت لأيام كل أسبوع قراءات خاصة ترتبط بعضها البعض ويتألف منها موضوع عام واحد هو موضوع الأسبوع.
لماذا لا يُقام الزواج فى الصوم الكبير؟
مع الصوم الكبير، يتساءل البعض عن سبب منع الكنيسة لإقامة طقوس الزواج خلال هذه الفترة، وهو ما فسرته الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بأنه يعود لعدة اعتبارات روحانية وطقسية تتماشى مع مفهوم الصوم فى العقيدة المسيحية.
وأوضحت الكنيسة أن الزواج هو حدث مفرح، حيث يمثل بداية تكوين أسرة جديدة، وحلول الروح القدس على الزوجين، وهو ما يتنافى مع أجواء النسك والتذلل التى تميز الصوم. واستشهدت بقول السيد المسيح: "لا يستطيع بنو العرس أن يصوموا ما دام العريس معهم" (مرقس 2:19).
كما أن صلوات سر الزواج تتضمن ألحانًا مفرحة، لا تتماشى مع الطابع التقشفى للصوم الكبير. إضافة إلى ذلك، فإن يوم الإكليل يكون يوم فرح وولائم، وهو ما يتعارض مع فكرة الانقطاع عن الطعام، سواء للزوجين أو أهلهم أو المدعوين.
لذلك، شددت الكنيسة على ضرورة الالتزام بعدم إقامة الزيجات خلال الصوم الكبير، وعدم ممارسة الضغوط على رجال الإكليروس للموافقة على عقد الزيجات فى هذه الفترة، مؤكدة أنه لا يصح أن يبدأ الإنسان حياته الزوجية بكسر قوانين الكنيسة.
وفى هذا السياق، دعت الكنيسة المقبلين على الزواج إلى تنظيم مواعيد زفافهم مسبقًا، بحيث لا تتعارض مع فترات الصيام، وخاصة الصوم الكبير، احترامًا لروحانية هذه الفترة المقدسة.
Trending Plus