دراسة تكشف تطور ورش الرسم والتركيب الكيميائى للصبغات فى بومبى

عندما ثار بركان جبل فيزوف عام 79 ميلاديا، دمرت بومبى تحت الرماد، لكن سمة مجموعة لا مثيل لها من اللوحات الجدارية، التى تم اكتشافها بعد الدمار الذى لحق بالمدينة إلى جانب شواهد على ورش الرسم فى المدينة، وهو ما نال اهتمام خاص من علماء الآثار.
الموقع الأول مسكن تاجر دهانات، يُعرف باسم "البيت مع الورشة"، أنتج هذا المنزل أكبر مخزون من الدهانات عُثر عليه فى بومبى على الإطلاق، إذ ضمّ 150 وعاءً، إلى جانب أدوات أخرى، منها مدقات حجرية، ومقاييس، وملاعق، وحجر شحذ، وكعلامة على توقف العمل فجأة، تُسجّل لوحات حمراء وسوداء على الحائط أنشطة الورشة.
والموقع الثانى منزل الرسامين أثناء العمل، وهو منزل خاص، عند التنقيب فيه في ثمانينيات القرن الماضي، عثر علماء الآثار على 50 إناءً خزفيًا صغيرًا يحتوي على أصباغ، بالإضافة إلى طبعة سلة كان الرسامون يستخدمونها لنقل الأواني من ورشة عمل إلى أخرى، وقد أتاحت المخططات الزخرفية والرسومات التمهيدية غير المكتملة، التي انقطعت بسبب الثوران البركاني، للباحثين فهمًا أفضل لعمليات رسامي تلك الفترة.

لوحة جدارية فى بومبى
لم يُركز بحث جديد أُجري في حديقة بومبي الأثرية على اللوحات الجدارية، بل على الطلاء نفسه، بتحليل 26 صبغة، بعضها لم يُدرس من قبل، تُحلل النتائج، التي نُشرت في العدد الربيعي من مجلة العلوم الأثرية، التركيب الكيميائي المعدني للصبغات، مما يُشير إلى كيفية تحضيرها قبل طلائها على جدران منازل بومبي.
وبعد أن أثبتت الدراسات السابقة تلف مواد الصبغة البومبية، استخدم الباحثون المجاهر الرقمية في الموقع، وهو نهج جديد غير جراحي، كشف عن "الخبرة الرائعة للرسامين الرومان في خلط وتقسيم المواد الخام المختلفة لتحقيق مجموعة واسعة من الظلال الدقيقة".
اعتمدت ورش عمل دهانات بومبى على نوعين من الصبغات أكثر من أي نوع آخر: الأزرق المصري - وهو مزيج معقد من الرمل ومعادن النحاس وكربونات الكالسيوم والرماد - والرصاص الأحمر، الذي يُنتج بتحميص الرصاص الأبيض. على سبيل المثال، كان الأزرق المصري أساسًا للرمادي ويُستخدم لتفتيح الأصفر والأخضر، لم يُعزز الرصاص الأحمر المغرة الحمراء فحسب، بل كان أيضًا نقطة انطلاق لمجموعة من درجات اللون الوردي، وكان بمثابة مُصحح للون البنفسجي.
كتب الباحثون أن مدى تغيير الحرفيين لأوقات الحرق، وتعديل حجم جزيئات الصبغة، وإضافة الصبغات البيضاء لتحقيق الدرجة المطلوبة من اللون الأزرق، لم يكن معروفًا من قبل.
اكتشف الباحثون أيضًا صبغة خضراء فاتحة لم تكن معروفة سابقًا، تكوّنت بخلط المغرة الحمراء والأزرق المصري، ومادة تحتوي على الباريت والألونيت، وهي رواسب كبريتات تتشكل حول البراكين بفعل الضغط والحرارة والماء، يُعد هذا أقدم استخدام معروف لكبريتات الباريوم كمادة تلوين رئيسية في البحر الأبيض المتوسط.
يكتب الباحثون أن النتيجة المترتبة على التفصيل الشامل للأصباغ المكونة للدهانات الرومانية هي أن خبراء الترميم يمكنهم الآن تكرار الخلطات لتتناسب مع الأصول "لضمان أن تكون الأقسام المستعادة من اللوحات الجدارية متسقة كيميائيًا وبصريًا مع الأعمال الأصلية".

التركيب الكيميائي المعدني للصبغات
Trending Plus