هيئة التهجير الطوعى الإسرائيلية.. تهجير قسرى تحت غطاء طوعى مزيف.. اتفاقية جينيف الرابعة تحظر تهجير المواطنين من الدول المحتلة.. وقانونى: وثيقة اعتراف رسمية بارتكاب جرائم حرب والتحضير المؤسسى لعملية تطهير عرقى

بعد إعلان إسرائيل عن تشكيل ما يسمى "هيئة التهجير الطوعي" لسكان غزة في ظل ارتكاب أبشع الجرائم الإنسانية في حق أهل غزة، وهو ما يعد جريمة مكتملة الأركان، وانتهاك واضح وصريح لكافة القوانين والااتفاقيات الدولية حيث نصت المادة 49 من اتفاقية جينيف الرابعة، على أنه يحظر النقل الجبرى الجماعى أو الفردى للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضى المحتلة إلى أراضى دولة الاحتلال أو إلى أراضى أى دولة أخرى، محتلة أو غير محتلة، أيًا كانت دواعيه.
ومع ذلك، يجوز الدولة الاحتلال أن تقوم بإخلاء كلى أو جزئى لمنطقة محتلة معينة، إذا اقتضى ذلك أمن السكان أو لأسباب عسكرية قهرية. ولا يجوز أن يترتب على عمليات الإخلاء نزوح الأشخاص المحميين إلا فى إطار حدود الأراضى المحتلة، ما لم يتعذر ذلك من الناحية المادية ويجب إعادة السكان المنقولين على هذا النحو إلى مواطنهم بمجرد توقف الأعمال العدائية فى هذا القطاع.
- وعلى دولة الاحتلال التى تقوم بعمليات النقل أو الإخلاء هذه أن تتحقق إلى أقصى حد ممكن من توفير أماكن الإقامة المناسبة لاستقبال الأشخاص المحميين، ومن أن الانتقالات تجرى فى ظروف مرضية من وجهة السلامة والشروط الصحية والأمن والتغذية، ومن عدم تفريق أفراد العائلة الواحدة.
- ويجب إخطار الدولة الحامية بعمليات النقل والإخلاء بمجرد حدوثها.
- لا يجوز لدولة الاحتلال أن تحجز الأشخاص المحميين فى منطقة معرضة بشكل خاص الأخطار الحرب، إلا إذا اقتضى ذلك أمن السكان أو لأسباب عسكرية قهرية.
- لا يجوز لدولة الاحتلال أن ترحل أو تنقل جزءًا من سكانها المدنيين إلى الأراضى التى تحتلها.
ومن جانبه حذر الدكتور محمد محمود مهران، المتخصص في القانون الدولي وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، من خطورة قرار الحكومة الإسرائيلية بإنشاء هيئة حكومية لتنظيم ما يسمونه التهجير الطوعي لسكان قطاع غزة، معتبراً إياه وثيقة اعتراف رسمية بارتكاب جرائم حرب والتحضير المؤسسى لعملية تطهير عرقى ممنهجة، مثنياً على موقف مصر الرافض لذلك وبيان الخارجية المصرية.
وصرح "مهران" أن ما تقوم به إسرائيل اليوم يشكل فضيحة قانونية دولية غير مسبوقة!، مشيرا إلى أنها المرة الأولى في التاريخ المعاصر التي تقوم فيها دولة بإنشاء هيئة حكومية رسمية لتنظيم جريمة دولية ، موضحا ان هذه ليست مجرد تصريحات أو سياسات عابرة، بل مؤسسة حكومية كاملة تهدف لتقنين التطهير العرقي وإضفاء صبغة قانونية زائفة عليه.
وأضاف الدكتور مهران أن مصطلح التهجير الطوعى الذى تروج له إسرائيل هو أكبر كذبة قانونية في القرن الحادي والعشرين، قائلا "أي طوعية يتحدثون عنها بينما يدمرون البيوت على رؤوس ساكنيها، ويقطعون المياه والكهرباء، ويجوّعون مليوني إنسان، ويقصفون المستشفيات والمدارس، أن هذا ليس تهجيراً طوعياً - هذا إرهاب دولة ممنهج يهدف لجعل البقاء مستحيلاً".
وحذر أستاذ القانون الدولي من تداعيات خطيرة قائلاً ستكون هذه الهيئة هي المسؤولة عن أكبر عملية تطهير عرقى فى العصر الحديث، لافتا إلى أن إسرائيل تحاول تقديم نموذج جديد للعالم كيف تقوم بجرائم ضد الإنسانية تحت غطاء قانونى وبدم بارد، مشيرا إلى أن هذه الهيئة ستصبح الآلية التنفيذية للتطهير العرقى الجماعى.
وشرح مهران بتفصيل قاطع الفارق الجوهري بين التهجير الطوعي والقسري قائلا: القانون الدولي حاسم في هذا الأمر - التهجير لا يمكن اعتباره «طوعياً» إذا كان في ظل ظروف قهرية تجعل البقاء مستحيلاً، مستكملا: عندما يُجبر الشخص على الاختيار بين الموت جوعاً أو قصفاً وبين ترك بيته، فهذا ليس اختياراً - هذا إكراه صارخ!
ونوه إلى أن ما تفعله إسرائيل هو خلق ظروف معيشية لا تطاق عمداً لإجبار السكان على مغادرة ديارهم، موضحا ان هذا هو تعريف التهجير القسري المحظور في المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، مشيرا الي ان تغيير اسمه لا يغير حقيقته القانونية، تماماً ، مستشهدا بـان تسمية البعض التعذيب استجواباً مكثفاً لا يجعله مشروعاً.
وحول الآثار القانونية الدولية، أطلق مهران تحذيراً مباشراً للمسؤولين الإسرائيليين قائلاً: أقول لنتنياهو وحكومته.. أنتم توثقون جرائمكم بأنفسكم، هذا القرار سيصبح الدليل الأقوى ضدكم في محكمة الجنايات الدولية، وأمام محكمة العدل الدولية في دعوى جنوب إفريقيا، مشيرا إلى أن كل من يشارك في تأسيس هذه الهيئة أو العمل فيها سيكون متهماً بالتواطؤ فى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وذكر أن المادة 7 من نظام روما تجرّم الترحيل القسري للسكان كجريمة ضد الإنسانية عندما يرتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي ضد السكان المدنيين، لافتا الي ان إنشاء هيئة حكومية خاصة يوثق بشكل قاطع عنصري التخطيط والمنهجية - وهما ركنان أساسيان في تكوين الجريمة.
وكشف مهران عن ان ما نشهده في غزة هو جريمة مركبة متعددة الأوجه: إبادة جماعية من خلال الحصار والتجويع، ثم تهجير قسري تحت غطاء طوعي مزيف، ثم الاستيلاء على الأراضي والممتلكات التي يتركها الفلسطينيون، مؤكدا انها عملية سرقة أرض كاملة تحت غطاء قانوني مصطنع! بدعم أمريكي غير محدود.
وفي رسالة للمحكمة الجنائية الدولية، قال الدكتور مهران إن هذه الهيئة هي اعتراف حكومي رسمي بالنية المبيتة لارتكاب جرائم دولية، متابعاً: لم يعد المدعي العام بحاجة للبحث عن أدلة - إسرائيل تقدمها على طبق من ذهب! هذا القرار يجب أن يكون أساساً فورياً لإصدار مذكرات توقيف بحق المسؤولين الإسرائيليين بدءاً من نتنياهو نزولاً لكل من شارك في هذا القرار.
وحذر أستاذ القانون من صمت المجتمع الدولي عن هذه الهيئة، مؤكدا انه يمثل تواطؤ مباشر في جريمة تطهير عرقي جماعية، وأنه لم يعد هناك مجال للحياد أو المساومة مطالبا بالعمل الفورى والعاجل على وقف هذه الجريمة فوراً، ومشددا على ان التاريخ لن يرحم من يشاهد بصمت هذه الجرائم معلنة والموثقة بهذا الشكل.
Trending Plus