أكرم القصاص يكتب: الدراما والجريمة والرقابة.. من زمن الفيديو إلى عصر المنصات!

أكرم القصاص
أكرم القصاص
بقلم أكرم القصاص

هناك نقاش مستمر - على مدار عقود - حول دور الفن أو الأدب فى ارتفاع معدلات الجريمة، وهى استنتاجات لم ينجح أحد فى البرهنة عليها، وإن كان بالفعل هناك بعض الأعمال الفنية يمكن أن تلعب دورا تعليميا من خلال تسهيل تدريس المناهج، أما دور الدراما فى إشاعة أو نشر وزيادة العنف فهو أمر لم يثبت، وهو ضمن جدل مستمر على مدار عقود حول الوعى، وهل الواقع هو الذى يصنع الوعى؟ أم أن الوعى يمكن أن يأتى من الشاشات والميكروفونات؟ فقد تجدد هذا النقاش مثلما يحدث فى كل موسم رمضان، وأيضا فى ما يتعلق بافتراضات أن كثرة النشر عن الجرائم يمكن أن يضاعف من ارتكاب الجرائم.

فى بداية التسعينيات من القرن العشرين، وقعت جريمة عائلية تابعتها الصحف ومثلت صدمة للرأى العام، حيث أقدم شاب على قتل والديه، ووقتها نقلت بعض الصحف عن خبراء أو التحقيقات أن الشاب القاتل كان يقرأ فى الفكر الوجودى، لكن اتضح ان هذا الكلام غير صحيح، وأن المتهم كان يعانى من فصام وضلالات ومرض نفسى متقدم، وأنه كان يعالج فى مصحة، وأنه لكم يكن قرأ أو تعرف على الفكر الوجودى ولا جان بول سارتر، وهى نفس الاتهامات التى يوجهها البعض إلى الدراما بوصفها مسؤولة عن ارتفاع معدلات الجريمة، ونتذكر فى بداية السبعينيات من القرن العشرين، ظهرت مسرحية «مدرسة المشاغبين» الشهيرة، والتى عرضت على المسرح وفى التليفزيون، من بطولة عادل إمام وسعيد صالح وهادى الجيار، وحسن مصطفى، وسهير البابلى، وهى من تأليف على سالم، وتضمنت العديد من المواقف والإفيهات التى مثلت قفزة فى وقتها، وانتقلت الحركات والإفيهات إلى المدارس، واتهمت المسرحية من قبل بعض الكتاب بأنها وراء إفساد التعليم لأنها أسقطت هيبة الناظر والمدرس، والواقع أن المسرحية تزامنت مع عصر الانفتاح، وانتشار الدروس الخصوصية، وتحولات اقتصادية واجتماعية اجتاحت المجتمع المصرى، والعربى، مع عصر النفط والسفر، وكانت المسرحية انعكاسا لما يجرى فى مجتمع ينتقل من الحرب إلى مرحلة جديدة انفتاح ورؤية للعالم وبدايات عصر الشاشات والتليفزيونات والفضائيات.

المجتمع المصرى كان يعيش تحولات كبرى فى كل المجالات، وبالطبع كانت الإذاعة قبل ذلك هى المصدر الأول للدراما والبرامج والتمثيليات الإذاعية، لكن مع التليفزيون كانت هناك خطوة إضافية، لكن مع الثمانينيات كان الفيديو، وافلام الفيديو ونوادى الفيديو، وظهرت أفلام المقاولات التى تعرض بعيدا عن تقطيع الرقابة، أو الأفلام الأجنبية التى تعرض بدون مقص الرقيب، بل انتشرت المجلات والأفلام الإباحية التى كان يتم تداولها سرا بكم كبير، وعولجت هذه الفكرة فى «فيلم ثقافى».

صحيح أن التليفزيون كان يحرص على الالتزام بالمحافظة، باعتبار ما يعرض فيه من أفلام أجنبية أو عربية أو مسلسلات يدخل البيوت، لكن خارج التليفزيون الذى التزم الرقابة، كانت هناك عروض موازية فى الفيديو بالمقاهى والمنازل، ودائما كان هناك عالم آخر غير رسمى لكل شىء، للعملة والثقافة والروايات والمجلات والأفلام، والتى كانت تعبيرا عن تحولات فى المجتمع، ولم تختلق المخدرات أو العنف بل إنه لا توجد أى دلائل على أن للسينما أى دور فى ارتفاع العنف، وفى عام 2019 نشرت مجلة «نقطة» العلمية، دراسة، أشرف عليها أستاذ علم النفس كريستوفر فيرجسون فى جامعة ستيتسون فى ديلاند بولاية فلوريدا الأمريكية، عن العلاقة بين أفلام العنف وارتفاع معدلات الجريمة بين المراهقين، وكشف الباحثون أنهم لم يعثروا على أى دليل على أن العنف فى المجتمع كان بسبب الأفلام ذات التصنيف (PG-13)، وهو ضمن تصنيف عمرى لجمعية الفيلم الأمريكى يصنف الأفلام حسب ملاءمتها لقطاع معين من الجمهور ويساعد رواد السينما على تحديد الأفلام المناسبة للأطفال أو المراهقين، ويتراوح بين جميع الأعمار.

وقال كريستوفر فيرجسون «إن القلق من أن العنف فى الأفلام يسبب أعمال عنف مروعة ليس جديدا، وقد جادل خبراء بعض خبراء الإعلام والسياسيين بأن تصوير العنف فى السينما يشجع على القتل المقلد، وأن الارتفاع الواضح فى إطلاق النار فى المدارس يتزامن مع تزايد عدد الأفلام العنيفة»، لكن لم تثبت هذه النتائج، ثم إن الخبراء يرون أنه من الصعب فرض رقابة على الأطفال والمراهقين فى زمن المنصات وانتشار أدوات التواصل ومواقع الألعاب والمواد الخطرة «دارك ويب» وربما يكون الأفضل حسب توصيات علماء النفس أن يواصل صانعو السياسة التركيز على القضايا التى ثبت أنها تؤثر على الجريمة، مثل البيئة الأسرية، والصحة العقلية، والفقر، والتعليم، والعناصر الاجتماعية.

 


مقال أكرم القصاص بالعدد الورقى لليوم السابع

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

توتنهام يتفوق على باريس سان جيرمان بهدف فى الشوط الأول بالسوبر الأوروبي

متحدث الحكومة: لجان حصر المناطق ستصنفها إلى 3 فئات لتحديد الحد الأدنى للإيجار

بنتايج يخضع لتأهيل إضافي في مران الزمالك استعدادًا للمقاولون

كلية طب طنطا تعلن سحب 3 طبيبات استقالتهن من قسم النساء وعودتهن للعمل

كواليس جلسة يانيك فيريرا مع لاعبى الزمالك استعدادا لمواجهة المقاولون


أسوان 49 درجة.. اعرف درجة الحرارة فى محافظتك غداً

وزير الخارجية يؤكد ضرورة الالتزام بقواعد القانون الدولى للموارد المائية

ريهام حجاج لزوجها محمد حلاوة بعد الفوز بانتخابات الشيوخ: مبروك يا حبيب قلبي

عامل يقتل زوجته بسبب خلافات أسرية بينهما فى المنوفية

أشرف زكى للفنانين: التزموا بالقيم واحترموا الثقة التى منحها لكم الجمهور


تعرف على أبطال السوبر الأوروبي قبل صدام الليلة.. إنفوجراف

ميليشيا الدعم السريع تستهدف مدرسة في ولاية الجزيرة بالطائرات المسيرة

لاعب الزمالك الناشئ يطلب الحصول علي مستحقاته..ورئيس القطاع :ليس هناك أي أزمة

مجلس نقابة الصحفيين يوافق على تنظيم مؤتمر النقابة السنوى للسياحة

رئيس الوزراء يحدد أسباب تعديل قانون حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة

رئيس الوزراء: رسائل الرئيس خلال المؤتمر الصحفى مع نظيره الأوغندى قوية وواضحة

لا أحد يفخر بأن يكون صديقا لسفاح.. واشنطن تتبرأ من عار تل أبيب.. معارضة الحزبين الديمقراطى والجمهورى للاحتلال تتزايد.. استطلاع: 56% من الأمريكيين يرون إسرائيل مصدر تهديد.. والأجيال الجديدة ترفض السرديات الدينية

شعب الله "المختل".. الأمراض النفسية تحاصر الإسرائيليين بعد جرائمهم النازية فى غزة.. معدلات مرتفعة لانتحار الجنود.. و900 ألف يعانون من الاكتئاب و30 % مصابون باضطراب ما بعد الصدمة

مجلس الوزراء يوافق على تعديل بعض أحكام قانون حقوق ذوي الإعاقة.. إعفاء سياراتهم من الضريبة الجمركية والقيمة المضافة عن سيارة واحدة كل 15 عاما.. وحبس وتغريم من يتقدم للحصول على خدماتهم من غير المستحقين

إليسا تصل مصر لإحياء حفل غنائي بالساحل الشمالي الجمعة المقبل

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى