بين البشعة والعدودة.. التقاليد الشعبية في دراما رمضان 2025.

مسلسل ظلم المصطبة
مسلسل ظلم المصطبة
محمد عبد الرحمن

شهدت دراما رمضان 2025 تسليط الضوء على العديد من العادات والتقاليد الشعبية المصرية، حيث تم توظيفها بمهارة لتعزيز الحبكة الدرامية وإبراز الجوانب الثقافية للمجتمع المصري. وجاءت هذه التقاليد ليس فقط كخلفية للأحداث، بل كمحركات أساسية للصراعات الدرامية، مما أضفى على المسلسلات طابعًا أصيلًا يمس وجدان المشاهدين، الذين وجدوا في هذه العادات انعكاسًا لواقع لا يزال حاضرًا بقوة في بعض المناطق المصرية، رغم تغير الزمن وتطور المجتمع.

تنوعت هذه العادات بين ما هو مرتبط بالمعتقدات الشعبية والخرافات، وما هو مستمد من التراث الصعيدي والريفي، مرورًا بطقوس الحزن والفرح، وصولًا إلى الممارسات الصوفية التي لا تزال حية في وجدان المصريين. ومن خلال هذه الأعمال، نجحت دراما رمضان 2025 في تقديم صورة حية للتقاليد والعادات الشعبية، مما ساهم في تعزيز الوعي الثقافي وإبراز التنوع الغني للمجتمع المصري، بل وإثارة النقاش حول بعض الممارسات التي أصبحت محل جدل بين مؤيد يرى فيها جزءًا من الهوية، ومعارض يعتبرها بقايا تقاليد يجب تجاوزها.

فيما يلي استعراض لأبرز هذه العناصر وكيفية تجسيدها ودلالاتها في المسلسلات:

البشعة.. محاكمة نارية للحقيقة

ظهر طقس “البشعة” خلال أحداث مسلسل “ظلم المصطبة”، حيث استُخدمت كوسيلة تقليدية للتحقق من صدق المتهم عن طريق تعريض لسانه لقطعة حديد ساخنة؛ فإذا تألم يُعتبر مذنبًا، وإذا لم يتألم يُعتبر بريئًا. وفي السياق الدرامي، لجأ حمادة كشري (فتحي عبد الوهاب) إلى هذه الطريقة القاسية ليحسم شكوكه بشأن خيانة زوجته هند مع صديقه القديم حسن.

ويعكس استخدام “البشعة” في المسلسل تأثير العادات والتقاليد في المجتمعات الريفية بالخرافات التي تحدد كثيرًا من مصائر الأفراد، حيث يتم استبدال القانون والعقل بممارسات توارثها الناس عبر الأجيال. سلط المسلسل الضوء على كيف يمكن لهذه العادات أن تتحول إلى أداة ظلم، حيث يُدان الأبرياء ويُبرَّأ المذنبون بناءً على اختبار بدائي لا يستند إلى أي منطق علمي.

القودة.. دية الثأر واستعادة الشرف

لم يكن “ظلم المصطبة” مجرد مسلسل يتناول الحياة الريفية، بل كان أيضًا نافذة على الموروث الريفي المتعلق بالثأر، حيث برزت عادة “القودة”، وهي دفع الدية في قضايا الثأر لإصلاح الخلافات بين العائلات.

ويقدم المسلسل القودة باعتبارها سلاحًا ذا حدين، فهي أحيانًا تكون وسيلة لإنهاء العداوات الطويلة بين العائلات، ولكنها في الوقت نفسه تكرس فكرة أن “الثأر” لا يُنسى بل يتم التعويض عنه بالمال، مما قد لا يكون كافيًا لمنع اندلاع موجات جديدة من الانتقام.

حلقات الذكر والموالد.. الاحتفاء بالروحانية المصرية

من خلال عدة مشاهد في مسلسل “ظلم المصطبة”، تم تصوير حلقات الذكر والاحتفالات بالموالد، وبالتحديد في مشهد هروب هند وحسن من المنيا بعد اكتشاف حقيقة تحايل أسامة أبو العطايا على الناس لسرقة أموالهم، بإيهامهم أنه سوف يستثمرها، وإغرائهم بفوائد أكبر من فوائد البنوك، حيث ظهر المشاركون يتمايلون على أصوات الأناشيد الصوفية، وسط أجواء تعكس التمازج بين الروحانية والتعبير الشعبي عن التدين.

وأبرز المسلسل كيف أن الاحتفاء بالموالد والتجمعات الصوفية لا يزال جزءًا أصيلًا من وجدان المصريين، حيث يُنظر إلى هذه الطقوس على أنها مصدر للبركة والسكينة الروحية. كما سلط الضوء على العلاقة بين التصوف والمجتمع، ودوره في خلق مساحة من التسامح والتعبير عن الإيمان بعيدًا عن التشدد الديني.

العدودة.. الحزن المغنى

في مسلسل "حكيم باشا"، برز فن “العدودة” في مشهد وفاة نوح (أحمد فؤاد سليم)، حيث قامت حزينة (ماجدة منير) وبرنسة (سهر الصايغ) بتعداد مناقب المتوفى ورثائه بطريقة غنائية تقليدية، وهي عادة قديمة لا تزال موجودة في بعض الأرياف والصعيد.

ويبرز هذا العنصر أهمية التعبير عن الحزن والجوانب العاطفية في الثقافة الشعبية، حيث تعد “العدودة” وسيلة لنقل الأحزان بشكل جماعي، مما يخلق نوعًا من الطقوس التي تساعد على التخفيف من وطأة الفقد. كما يُظهر المسلسل كيف أن النساء في المجتمعات الريفية لهن دور كبير في الحفاظ على التقاليد المرتبطة بالموت والفقدان.

التحجيبة والأحجبة.. قوة الخرافة في الوعي الشعبي

ظهر خلال مسلسلي “قهوة المحطة” و"شباب امرأة” لجوء بعض الشخصيات إلى الأحجبة والتمائم لجلب الحظ أو دفع الشر، حيث ظهرت شخصيات تزور الدجالين للحصول على “حجاب” يعينهم على حل مشاكلهم. وألقى المسلسلان الضوء على الاعتقاد السائد في بعض الأوساط الشعبية بقوة الأحجبة في التأثير على مجريات الأمور، وكيف أن بعض الناس لا يزالون يؤمنون بقدرة هذه الأشياء على تغيير مصائرهم، رغم تطور العلم والمنطق.

في النهاية، لم تكن دراما رمضان 2025 مجرد ترفيه، بل كانت بمثابة مرآة تعكس الهوية الثقافية للمجتمع المصري. تنوعت العادات بين ما هو مرتبط بالمعتقدات، وما هو نابع من الموروث الشعبي العريق، فكان المشاهد أمام رحلة عبر الزمن، يكتشف فيها كيف تؤثر هذه العادات على حياة الناس، وكيف تتداخل مع مصائر الشخصيات بشكل درامي يحمل الكثير من العمق والواقعية.

وبذلك، نجحت الدراما في إعادة تقديم هذه التقاليد، ليس فقط كجزء من التراث، ولكن أيضًا كمادة غنية للتحليل والتفكير حول تأثيرها المستمر في الحاضر.

شاهد المزيد من أخبار مسلسلات رمضان عبر بوابة دراما رمضان 2025

موضوعات متعلقة

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مواعيد مباريات اليوم الخميس 22-5-2025 والقنوات الناقلة

موعد مباراة نهائى كأس مصر للكرة النسائية بين الأهلى ووادى ودجلة

ريكوبا أسطورة ميلان: مصر محظوظة بمحمد صلاح الاستثنائى

ورش عمل لتطوير مسابقات الناشئين 24 و25 مايو من أجل المنتخبات

ميدو ينفى مفاوضات الزمالك مع ريفيرو.. ويؤكد: كل ما يثار حول صفقاتنا غير صحيح


إصابة 5 أشخاص باختناقات فى حريق داخل منزل بالغربية

هبة مجدي بعد تكريمها من السيدة انتصار السيسي: فرحت من قلبى وأهم تكريم فى حياتى

مدبولى يكلف وزير التعليم بدراسة إعادة هيكلة مدارس "دبلوم التجارة"

بتروجت يهزم سيراميكا بهدف بوبو ويودع كأس عاصمة مصر

محمد رمضان مدافعا عن نجله: الأطفال قالوله أنت أسود زى أبوك وأتعرض لاضطهاد 11 سنة


شاهد.. لحظة إطلاق إسرائيل النار على وفد دبلوماسى يضم سفير مصر.. فيديو وصور

"أصحابه حاولوا ينقذوه وفشلوا".. غرق طالب بالمرحلة الإعدادية فى النيل بدسوق

مجلس الوزراء يوافق على 9 قرارات خلال اجتماعه.. تعرف عليها

فى رسالة إلى المجلس الأحمر .. كولر ينفى الاتفاق مع الأهلى حول الشرط الجزائى

هل ينضم بيراميدز لقائمة الأندية المصرية المتوجة بلقب الأميرة الأفريقية؟

أحمد السقا يحذف بيان انفصاله عن مها الصغير بعد انتقاده بسبب الصياغة

نهى صالح: تعرفت على زوجى منذ عامين وهويته الشخصية ما تهمش حد

أنسو فاتي.. من أحياء غينيا بيساو إلى ثروة تقدر بـ12 مليون يورو

الطقس غدا.. أجواء ربيعية مائلة للحرارة معتدلة ليلا والعظمى بالقاهرة 32 درجة

أول جلسة لمعارضة نجل محمد رمضان على حكم إيداعه فى دار رعاية 19 يونيو

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى