أكرم القصاص يكتب: العيد والهلال والرؤية.. الشرع والفلك وكتاب مختار باشا!

كل عام وانتم بخير.. ليست المرة الأولى التى يحدث فيها اختلاف فى موعد عيد الفطر بين مصر ودول عربية أو شقيقة، فقد أعلنت 8 دول عربية «مصر، وسوريا، والأردن، وسلطنة عمان، والعراق، وتونس، والجزائر، وليبيا»، الاحتفال بعيد الفطر، وأن شهر رمضان يكمل 30 يوما، بعد تعذر رؤية هلال شهر شوال، مساء أمس الأول السبت، بينما احتفلت كل من الإمارات والسعودية واليمن وقطر والكويت وفلسطين ولبنان والبحرين وجيبوتى بالعيد، أمس الأحد، وهى من المرات التى يختلف فيها الرؤية، سبق وأن وقعت مرات، بعضها كانت بالفعل الرؤية واضحة، وفى الغالب يظهر الحسم يوم 14 من شهر شوال، ليحدد اكتمال البدر مدى حسم المواعيد.

اللافت للنظر أنها المرة الأولى التى تعلن فيها دول الخليج الاستعانة بالذكاء الاصطناعى لتأكيد رؤية الهلال، بينما الحسابات الفلكية تشير إلى تحديد موعد مختلف، الشاهد أنها ليست المرة الأولى ولا الأخيرة التى يقع فيها اختلاف الرؤية، لكن هذا الاختلال شغل مواقع التواصل والمعلقين كالعادة، ومنهم من رأى أهمية الالتزام بالحسابات الفلكية، خاصة أن تعذر الرؤية عادة ما يكون بسبب التلوث، بينما رد بعض الفقهاء بأن الرؤية المختلفة تشير إلى أن هلال شوال لم يولد بعد، وأن هناك فرق ساعات تدعم تأخير العيد.

ووسط هذا الجدل حول موعد عيد الفطر 2025 الذى يشغل الجميع،  ظهر الحديث عن كتاب عمره 132 عاما يتحدث عن تحديد العيد سنة 2025 بأنه يوم 31 مارس،  وحسب ما نشرته «اليوم السابع»، يحتوى كتاب «التوفيقات الإلهامية فى مقارنة التواريخ الهجرية بالسنين الإفرنجية والقبطية»- تأليف اللواء محمد مختار باشا المصرى، وصدرت طبعته الأولى عام 1893 بالمطبعة الأميرية- على توافقية للتواريخ ما بين السنين الهجرية والسنين الإفرنجية والقبطية، ويبدأ من السنة الأولى للهجرة إلى عام 1500 بعدها مرتبة فى جداول سنوية، وجعل الأشهر فى كل سنة منها متناسقة على ما يقارن أول كل شهر عربى، وأمام كل شهر أهم الحوادث التاريخية التى وقعت فيه، وخصوصا الحوادث الإسلامية والمصرية، ولقد حدد هذا الكتاب تقويما حسابيا يوميا، ومعجما تاريخيًّا لألفٍ وخمسمائة سنة هجرية، وورد فى الكتاب أنه وفقا لتقويم عام 1446 هجريًا الجارى، الموافق عام 2025، أن بداية شهر رمضان فى 1 مارس 2025، وهو ما يتفق مع الحسابات الفلكية التى تم الاعتماد عليها فى تحديد بداية شهر مضان الجارى، بينما آخره هو الأحد وأول شوال 31 مارس 2025.

يعد كتاب «التوفيقات الإلهامية» مرجعا رئيسيا فى تحديد التأريخ والتقاويم، حيث يساعد الباحثين على تفسير الوثائق التاريخية التى تعتمد على أنظمة تقويم مختلفة، ويسهل عملية التحويل بين التواريخ، الميلادية والهجرية والقبطية، مما يجعله أداة علمية مفيدة فى الدراسات التاريخية والفلكية، ويستند إلى أن هناك دورة ثابتة للأيام فى دخول الشهور الهجرية كل 8 سنوات تتكرر إلى الأبد، والكتاب الذى نشر غلافه على «اليوم السابع» ومواقع التواصل تم نشرت صور غلافه وصفحاته، والواضخ أنها تعتمد أيضا على حسابات فلكية، وهو ما يرد على من رأوا فى بيان دار الإفتاء رفضا للعلم، بينما الدار تتبع هذا الأسلوب على مدى سنوات وعقود، ثم إن كل الدلائل تشير إلى استحالة رؤية الهلال يوم 29 مارس رمضان. ومن هنا يظهر الاختلال الذى سبق ووقع فى سنوات متنوعة على مدى العقود الماضية، وكانت الرؤية بالفعل تثبت صحتها مع اكتمال البدر يوم 14 ليحسم التاريخ.

وفى كل الأحوال، فإن المسلمين يحجون معا حسب مواعيد السعودية وهو ما يشير لتوقعات بنقصان هذا الشهر الهجرى هنا أو هناك. وخلال مرحلة من مراحل الستينيات والسبعينيات، كان هناك اتفاق على أنه يمكن الصيام والإفطار مع دول تشترك مع أخرى فى جزء من الليل، خاصة مع زيادة دقة أجهزة الرصد العملاقة.

وبالطبع، فإننا خلال هذا العام والأعوام الماضية تتقاطع أوقات صيام المسلمين مع صيام الأقباط، وأعياد القيامة مع أعياد الفطر والأضحى، لأن الأعياد المسيحية ترتبط أكثر بالأشهر القبطية أو التقويم الجريجورى، بينما رمضان يتحرك بين الأشهر ولا يثبت على شهر واحد، وبالتالى فهو يتبادل الصيف والشتاء، وفى كل الأحوال فإن الاختلافات والتنوعات تفرض مع الوقت التزامات أكبر بالبحث عن طرق علمية حاسمة مع ظهور المراصد العملاقة، التى تعمل بالحواسب الضخمة، وفى النهاية تلتقى الأيام والتواريخ، وفى مرات كثيرة كانت الرؤية وبيانات دار الإفتاء هى الأكثر دقة، وهى مفارقات تحتاج إلى فهم، مثل كتاب من عشرات الأعوام يحسم المواعيد.