ليلة رقيقة أم ليلة عنيفة؟ وثائق جديدة عن المشاجرة الشهيرة للأمريكي فيتزجيرالد

صورت رواية "ليلة رقيقة"، مشهد الشجار العنيف الذي يخوضه بطل الرواية، ديك دايفر، على أنه مستوحى من تجربة شخصية عاشها الكاتب الأمريكي ف. سكوت فيتزجيرالد. غير أن وثائق جديدة اكتشفت مؤخرًا تشير إلى أن سلوك فيتزجيرالد في تلك الليلة ربما كان أسوأ مما صوره في أعماله الأدبية.
في ليلة شتوية مشؤومة من ديسمبر 1924، كان فيتزجيرالد في حالة سكر شديد عندما تورط في شجار انتهى باعتقاله في مركز شرطة بروما، حيث قام بلكم أحد الضباط، ما أدى إلى تعرضه لضرب مبرح على يد رجال الشرطة، وفقا لما ذكره موقع ديلى ميل البريطاني.
بعد عقد من الزمن، كتب فيتزجيرالد في رسالة إلى أحد أصدقائه أن تلك الحادثة كانت "أسوأ ما حدث في حياتي"، وهي تجربة مؤلمة لدرجة أنه تجنب الحديث عنها علنًا، ورغم ذلك، تناولها مرتين في أعماله: أولًا في مقالة غير منشورة بعنوان ثمن المعكرونة الباهظ، التي كتبها عام 1925 ونُشرت بعد وفاته، وثانيًا في روايته الشهيرة ليلة رقيقة عام 1934.
في الرواية، يدخل ديك دايفر في شجار عنيف مع سائقي سيارات أجرة في روما، ثم يعتقل، وحين يضرب ضابطًا أثناء احتجازه، يتعرض للضرب المبرح بهراوات الشرطة ولكماتهم وركلاتهم، لينتهي به الأمر محتجزًا، غارقًا في الدماء ومكسورًا، في الرواية، تتدخل شقيقة زوجته ومسؤولون من القنصلية الأمريكية لإنقاذه، بينما في الواقع، كانت زوجته زيلدا هي التي هرعت لإنقاذه.
لطالما اعتبر كتاب سيرة فيتزجيرالد هذا المشهد في الرواية انعكاسًا حقيقيًا لما حدث له في روما، لكن التقارير الرسمية الصادرة عن الشرطة الإيطالية والدبلوماسيين الأمريكيين، والتي اكتشفتها سارة أنتونيلي، أستاذة الأدب الأمريكي في جامعة روما الثالثة، تشير إلى أن الرواية الأدبية ربما حجبت تفاصيل أكثر تعقيدًا عن الحادثة.
تقول أنتونيلي: "لطالما أزعجني هذا الأمر.. في جميع السير الذاتية، استمروا في التأكيد على أن ما ورد في ليلة رقيقة هو تصوير دقيق لما حدث لفيتزجيرالد... لكنني ناقدة أدبية، والأمور لا تؤخذ بهذه البساطة."
استغرقت أبحاث أنتونيلي أكثر من ثلاث سنوات، حيث إنها أمضتها في البحث بين الأرشيفات التاريخية لمختلف قوات الشرطة الإيطالية، وفي أرشيف الدولة المركزي بروما، عثرت على ملف وردي اللون بعنوان اعتقال الأجنبي سكوت فيتزجيرالد، يحتوي على خمس وثائق رسمية، من بينها تقرير أولي صادر عن قوة الشرطة العسكرية الكارابينييري، التي اعتقلت فيتزجيرالد واعتدت عليه ليلة 30 نوفمبر و1 ديسمبر 1924، إضافة إلى تقارير متابعة من الشرطة الوطنية الإيطالية، القوة المدنية في البلاد.
جدير بالذكر، تكشف هذه الوثائق تفاصيل لم تكن معروفة من قبل، ما يسلط الضوء على أبعاد جديدة للحادثة قد تعيد تشكيل فهمنا لما جرى بالفعل في تلك الليلة.
Trending Plus