ما هى جنسية فرعون موسى.. مصرى أم أجنبى؟ ويظل رمسيس الثانى عقدة اليهود التاريخية!

ما سر عظمة الحضارة المصرية؟ الإجابة عن هذا السؤال لا تسعه كتب ومجلدات، ولكن سنكتفى بإبراز سببين مهمين، الأول أنها منتج بشرى مصرى خالص، فكرا وعلما وقدرة، وهو ما يثير غيرة الذين ينصابون المصريين العداء، ويحاولون أن ينسبوا لأنفسهم الفضل فى اشتعال جذوة هذه الحضارة، عنوة، أو لكائنات فضائية، عن طريق إلصاق الخرافات والخزعبلات التى لا تصدق!
الثانى، أنها تمثل ألغازا، وتسلب الألباب، وتثير الإعجاب، حتى الآن، أى أنها لم تفقد بريقها على مدار ما يقرب من 6 آلاف سنة، وأن عنصر الإبهار متصاعد مع مرور الزمن، لم ينل منه الملل أو تتجاوزه صخب التكنولوجيا والعمارة الحديثة.
لذلك يتبقى طرح السؤال الوجوبى، مستمرا، حول الاستدلال الأثرى والتاريخى عن حقيقة فرعون موسى، وهل هو ملك مصرى، أم أجنبى، وما هى أصل كلمة «فرعون»، هل هى اسم شخص، أم لقب كان يطلق على القصر. لكن تتبقى حقيقة علمية حتى كتابة هذه السطور، أنه من الصعوبة بمكان، إن لم تندرج فى قائمة المستحيلات، التأكيد على أنه أجنبى، أو أنه مصرى، أو أنه لقب، فى ظل أن هناك 60 % من الشواهد والكنوز الأثرية لم يتم اكتشافها بعد، وأن حجم ما تم اكتشافه لا يتجاوز 40 % بالكاد!
إذن المجهول من التاريخ المصرى أكبر من المعلوم، وفقا لكل الدراسات والأبحاث العلمية، التى أجرتها وما زالت تجريها البعثات الأثرية من مختلف الجنسيات، بجانب البعثات وعلماء وباحثى الآثار والتاريخ المصريين، المستمرين فى عمليات البحث والتنقيب فى أكثر من موقع على الأراضى المصرية!
ورغم ذلك فإن العلماء والباحثين فى الآثار والتاريخ المصرى، دائما يجنحون نحو تدشين مصطلحات احتمالية، وليست جازمة، من عينة تقريبًا، ربما، احتمال، عند سرد بعض الوقائع التاريخية، ومع كل اكتشاف أثرى جديد، لأن كل اكتشاف، يا إما يضيف معلومة جديدة، أو يصحح معلومة واعتقادا قديما، أو يزيح لبسا، ويستبعد شكا، وهذه قواعد ثابتة، تحكم الاجتهاد العلمى عند الاكتشافات الأثرية الجديدة.
ونعود إلى السؤال، من هو فرعون موسى؟! الحقيقة أن كل الشواهد الأثرية، والوثائق التاريخية، لم تعط إجابة، لا بشكل واضح، ولا حتى ضمنى، عن من هو ذاك الفرعون، وجميعها اجتهادات فردية لباحثين وعلماء فقط، والذين اختلفوا فيما بينهم حول هل «فرعون» لقب كان يطلق على «القصر الملكى» أم أنه «اسم» ملك..؟!
الروايات التاريخية أشارت إلى أن فرعون موسى، هو رمسيس الثانى، أحد أعظم ملوك الأسرة التاسعة عشر، وهذا الاعتقاد سائد بين الإسرائيليين، بقوة، لذلك يمثل لهم عقدة تاريخية، ويحملون له كراهية مفرطة، مع الوضع فى الاعتبار أن رمسيس الثانى، كان دائما ما يُسير حملات عسكرية يقودها بنفسه لتأديب «الكنعانيين»، بينما يرى آخرون أن فرعون موسى هو الملك مرنبتاح، الابن الأكبر لرمسيس الثانى، استنادا إلى أول ظهور لكلمة إسرائيل فى التاريخ المصرى، ظهرت فى لوحة، فى عهده، والموجودة الآن فى المتحف المصرى، باسم لوحة مرنبتاح!
أما الرواية الدينية فتؤكد أن فرعون موسى أجنبى، ومن الهكسوس، المنحدرين من بنى إسرائيل، وجاءوا إلى مصر من صحراء النقب، وعبروا سيناء واستوطنوا الشرقية، وتحديدا الزقازيق، وأن مجيئهم، فى الأسرة الثانية عشرة، من الدولة الوسطى، وللعلم ووفقا للتاريخ والشواهد الأثرية المصرية، أن عصر الاضمحلال الثانى، بدأ بانهيار الأسرة الثانية عشرة، واستمر الهكسوس فى مصر أكثر من مائة عام، وفى روايات تاريخية، تؤكد مائتى عام!
والفترة من نهاية الأسرة الثانية عشرة، وحتى تدشين الأسرة الثمانية عشرة، شهدت مصر انهيارات سياسية واقتصادية، وهو ما استغله الهكسوس، فى تثبيت احتلالهم، فى شمال البلاد، وبدأوا فى التشبه بالملوك المصريين، من حيث الألقاب والتقرب من آلهتهم، فى محاولة حثيثة للسيطرة على الشعب المصرى!
الباحثون فى علم الأديان، يؤكدون أن فرعون موسى من الهكسوس، وأن فرعون اسم وليس لقبا، وفقا لما ذكره القرآن الكريم فى سورة العنكبوت: «وَقَارُون وَفِرْعَونَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِى الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ».
وهنا يؤكد الباحثون فى علم الأديان، واللغة العربية، أنه لا يجوز أن يأتى «لقب» بين اسمين.. فقد جاء فرعون بين قارون وهامان.. إذن القرآن الكريم وهو الأصدق يؤكد أن فرعون اسم، وليس لقبًا!
لكن بعض الباحثين فى التاريخ، والمستشرقين المهتمين بالدين الإسلامى، يطرحون سؤالا خبيثا، وهو: إذا كان فرعون، ملك، فما هى الصفة والشأن لـ«قارون»، ليسبق اسم الملك «فرعون» ووزيره الأول والأهم «هامان» فى الآية الكريمة؟
الشاهد من هذا السرد المبسط، هو التأكيد على أنه لا يوجد رأى قاطع حاسم، عن جنسية «فرعون موسى» وأن كل ما ذُكر عن جنسيته، لا يعد سوى اجتهادات باحثين، سواء فى التاريخ، أو فى الأديان، والأمر يحتاج إلى جهد كبير، فى عمليات البحث والتنقيب عن الآثار، والوثائق التاريخية!
Trending Plus