حكايات زمان.. الإمام محمد عبده والشاعر صالح جودت يجيبان عن السؤال الصعب: هل لعن الله المصورين؟.. الإمام يفسر الحديث النبوى والشاعر يشرح للطلاب من هم الشعراء الذين حذر منهم القرآن؟

هذا السؤال طرحه الشاعر والكاتب الكبير صالح جودت في عنوان مقاله الإسبوعى الذى انتظم على كتابته لمجلة الكواكب منذ خمسينات القرن الماضى وحتى رحيله عام 1976 تحت عنوان: "في الإسبوع مرة" وقال جودت الذى كان يلقى محاضرات في المعهد العالى أن عدد من قراء الكواكب طلبوا منه نشر بعض هذه المحاضرات على صفحات الكواكب، ولكنه أشار إلى أن الكثير من هذه المحاضرات علمى لا يناسب القارئ العادى واقترح للقراء أن يناقش بعض الأمور والأسئلة التي تواجهه أثناء والتي يمكن للقراء الاستفادة منها.
وأشار جودت إلى أن من بين الأمور والأسئلة التي طرحها عليه الطلبة موقف الأديان من الشعر والتصوير وبعض الفنون، وإجاباته عن هذه الأسئلة.
وقال الشاعر الكبير أن كثير من الشعراء وقت بعثة النبى صلى الله عليه وسلم خاصموا دعوته وعادوه، ولكن سانده وآمن به ووقف إلى جواره عدد قليل من الشعراء ومنهم حسان بن ثابت ، ولهذا حذر الإسلام وقتها من أكثر الشعراء لأنهم كانوا يهيمون في الأرض ويقولون مالا يفعلون، إلا الذين آمنوا والذين لا ينطبق عليهم هذا الحكم.
وأشار جودت إلى ما طرحه عليه طلاب قسم التصوير عن الحديث النبوى الذى يقول :"إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون" والذى ورد في صحيح البخارى، وكيف صدم الطلاب من هذا الحديث ، فما كان من الشاعر الكبير إلا أن ساق لهم رأى تفسير الإمام محمد عبده في حكم الصور إذا كان القصد منها تصوير هيئات البشر في انفعالاتهم النفسية وغيرها، فأجاب بأن الحديث الذى ورد جاء أيام الوثنية وكانت الصور تتخذ في هذا العهد لسببين الأول هو اللهو، والثانى التبرك والعبادة لمن يتم تجسيده أو تصويره ، مؤكدا أن السبب الأول يبغضه الدين، والثانى جاء الإسلام لمحوه، والمصور في الحالتين شاغل عن الله ويمهد ويساعد على الشرك.
وأكد الشيخ محمد عبده أنه إذا زال هذا العارضان والسببان وقصدت الفائدة كان تصوير الأشخاص بمنزلة تصوير النبات والشجر في المصنوعات، وأن ذلك قد تم في حواشى المصحف وأوائل السور ولم يمنعه أحد من العلماء.
وقال الإمام الجليل في معرض السياق الذى ساقه الشاعر صالح جودت في مقاله، أنه لا يمكن للمفتى أن يحرم الصور وقد أصبحت من أفضل وسائل العلم بعد كل هذا التقدم مظنة العبادة، وشبه ذلك بأن اللسان يمكن أن يصدق أو يكذب فهل يجب ربطه مظنة الكذب؟
وقال الشيخ محمد عبده: "بالجملة ، يغلب على ظنى أن الشريعة الإسلامية أبعد ما من أن تحرم وسيلة من أفضل وسائل العلم بعد أن تحقق أنه لا خطر منها على الدين لا من وجهة العقيدة ولا من وجهة العمل".
واختتم الشاعر الكبير صالح جودت مقاله قائلاً: "خلاصة قول الإمام أن على المصورين والرسامين والمثالين أن يطمئنوا، ما دامت غاية فنونهم خدمة العلم والفن والجمال والإنسانية".
Trending Plus