حكاية محفظ القرآن لـ"طه حسين".. لماذا رفض الشيخ غريب السفر للقاء عميد الأدب العربى؟.. حفيدة الشيخ: جدى وزوجته تعاملا معه كأنه ابنهم ولم يفارقاه.. كان دائما يثنى على ذكائه وفطنته ورغبته وحماسه للتعلم

مازالت عزبة الكيلو بمركز مغاغة شمال محافظة المنيا، تحتفظ باسمها بين المواطنين، لكن عندما تطأ قدمك هناك فلا تجد لها معالم سوى منزل أو اثنين يعبرون عن التاريخ الذى حفرته تلك العزبة الصغيرة، وسوف يظل لسنوات طويلة، شارك فيه طفل صغير يسمى طه حسين وشيخ الكتاب الشيخ غريب، رغم أن الكتاب تحول الى محل ملابس ومنزل عميد الأدب العربى تم هدمه وبناؤه من جديد، تبقى سيدة وحيدة تحتفظ بصورة الشيخ غريب وتجاوز عمرها 60 عاما تدعى ذكية محمود غريب، فهى حفيدة الشيخ، وعاشت معه لسنوات وأصبحت شاهدة على قصة الكتاب الصغير الذى تخرج منه عالم ينير اسمه عميد الأدب العربى على مر السنوات.
وقالت ذكية محمود غريب حفيدة الشيخ غريب: كان جدى يحفظ أبناء العزبة القرآن الكريم على ألواح من الصفيح، وكان هادئ الطباع، لذلك كان الأطفال تأتى إليه بأعداد كبيرة ومن بينهم الدكتور طه حسين، فقد كان منزل والده مجاور لكتاب الشيخ غريب، فكان يأتى إليه يحفظ القرآن الكريم، واحب طه حسين جدى كثيرا، فقد كان يصطحبه جدى إلى كل مكان لأن عميد الأدب العربى كان كفيف فكان يحتاج إلى من يساعده.
وأضافت ذكية محمود قائلا: زادت تلك العلاقة بين جدى وطه حسين بعد مغادرة أسرته من عزبة الكيلو الى القاهرة فرارا من الطاعون، فلم يكن أمام طه حسين سوى جدى يقيم معه، وبالفعل أحتضنه جدى وحفظه القرآن الكريم كاملا وكان رفيقه، حتى أصبح طه حسين شابا وانتقل الى مدينة المنيا لاستكمال تعليمه، بعد ذلك انقطعت أخبار طه حسين عن جدى.
واستطردت قائلة: فى يوم من الأيام فوجئنا أن الدكتور طه حسين يرسل لجدى الشيخ غريب سيارة ويطلب لقاؤه، إلا أن الشيخ رفض الذهاب معهم، قائلا ليس هو صاحب الفضل، لذا رفض الشيخ لقاء الدكتور طه حسين، وحزن بعدها حزنا شديدا، لكنه فى ذات الوقت كان دائما يثنى على ذكاء وفطنة طه حسين ورغبته وحماسه والتزامه فى التعلم.
ولفتت ذكية قائلة: تغيرت معالم المكان كثيرا، فلم يعد كتاب الشيخ غريب موجود بل أصبح محل ملابس تحيط به الملابس من كل اتجاه، واختفت تماما معالم الكتاب الذى تخرج منه طه حسين، وكثير من أبناء عزبة الكيلو حتى منزل عميد الأدب الغربى تم هدمه وبناؤه من جديد حتى فقدت المنطقة معالمها، بما فى ذلك الكبار من أهالى المنطقة فلم يبقى الكثير ممن يعلمون قصة الشيخ غريب مع طه حسين فلم يتبقى إلا انا من عاش مع الشيخ غريب وسمع قصة عميد الأدب العربى.
وأوضحت ذكية محمود غريب قائلة، كان جدى لا يزيد عن آية واحدة فى الدرس الواحد يكتبها على اللوح الصفيح ويعيدها فى اليوم الثانى حتى يتمكن الأطفال من الحفظ الجيد، فقد كان الشيخ غريب يعطى الإجازة لمن أتم حفظ القرآن، وفى قصصه كان يقول أن الدكتور طه حسين كان لديه رغبه فى حفظ أكثر من آية فى القرآن فى الحصة الواحدة وكان لا ينام حتى يحفظها، ويأتى لتسميعها.

Trending Plus