مسجد العارف بالله بسوهاج.. قبلة المصلين من كل المحافظات فى شهر رمضان

المساجد هى بيوت الله، وملاذ المؤمنين الذين يجدون فيها راحة النفس وطمأنينة القلب، وبالنسبة للمسلمين فى مدينة سوهاج، يعتبر "مسجد العارف بالله" واحدًا من أبرز المعالم الدينية التى تستقطب المصلين والزوار على مدار العام، وخاصة فى شهر رمضان هذا المسجد التاريخى الذى يعكس جمال وروحانيات العبادة فى أبهى صورها، يزينه المصليّون بالحبال الملونة والزينة الرمضانية، ليصبح رمزًا من رموز الإيمان والنور فى المدينة.

مسجد العارف بالله هو من أقدم وأكبر المساجد فى سوهاج، وله مكانة خاصة فى قلوب الأهالى والمصلين. يتزين المسجد فى شهر رمضان بأجواء روحانية واحتفالية، حيث تزدحم ساحاته بالمصلين الذين يقبلون من كل مكان للقيام بالصلاة وقراءة القرآن الكريم فالمسجد لا يقتصر على كونه مكانًا للصلاة فحسب، بل هو مركز دينى يعقد فيه العديد من الاحتفالات والمناسبات الدينية المهمة، مثل الاحتفال بمولد الرسول الكريم، ورأس السنة الهجرية، وذكرى غزوة بدر، وليلة الإسراء والمعراج، وغيرها من المناسبات التى تجمع أهل المدينة وكل الزوار من القرى المجاورة.

تاريخ المسجد يمتد إلى القرن الثامن الهجرى، حيث أُعيد بناؤه فى عام 1968، ليشمل العديد من التحسينات فى مراحله المختلفة. يقع المسجد فى قلب مدينة سوهاج، حيث يُعتبر من أهم معالم المدينة، بالإضافة إلى أن هناك ضريحًا للعارف بالله داخل المسجد يزورونه الكثيرون طلبًا للبركة والرحمة فى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، خضع المسجد لعملية تجديد شاملة، ومن ثم تم تطويره مجددًا فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى، ضمن مبادرة "إعمار بيوت الله" تم تحسين المسجد من الداخل والخارج بشكل كامل، لتوفير بيئة مريحة للمصلين والزوار.

أحد أبرز التحسينات كان فى الساحة الخاصة بالمسجد والميدان المحيط به كان الميدان يشهد فوضى عارمة بسبب الباعة الجائلين، مما كان يعرقل حركة المرور ويصعب الوصول إلى المسجد لكن مع تطوير ساحة وميدان مسجد العارف بالله بتكلفة تصل إلى 6 ملايين جنيه، تم تقسيم الميدان إلى ثلاث مناطق: منطقة أمام المقاهى والمطاعم، منطقة مرصوفة كممشى للأهالى، ومنطقة مخصصة لانتظار السيارات، كما تم إنشاء مظلات إلكترونية لحماية الزوار من حرارة الشمس، بالإضافة إلى وضع مصحف مجسم ضخم فى وسط الميدان على ارتفاع 5 أمتار.

أما بالنسبة لأصل تسمية المسجد بـ"مسجد العارف بالله"، فهى تعود إلى الشيخ إسماعيل بن على بن عبد السميع اليمانى، الذى يُلقب بالعارف بالله. وُلد الشيخ فى قرية دندرة فى قنا عام 724 هجريًا، وكان عالمًا فى الفقه والحديث وله مكانة كبيرة بين المسلمين توفى فى 795 هجريًا، وترك وراءه إرثًا علميًا وروحيًا عظيمًا، حيث قام بإدارة مديرية جرجا لمدة 23 عامًا، وكانت سوهاج جزءًا من تلك المديرية ولا يزال كل عام يُحتفل بمولد الشيخ العارف بالله فى المسجد، حيث يحضر المريدون من جميع أنحاء مصر للمشاركة فى هذه المناسبة التى تشهد مشاركة أكثر من 70 طريقة صوفية.

داخل المسجد، يظل المكان يعج بالحياة طوال العام، وخاصة فى شهر رمضان يتميز المسجد بمقرأة للقرآن الكريم، كما يُنظم فيه العديد من حلقات الذكر والمجالس الدينية فى رمضان، يزداد الإقبال على المسجد من قبل الصائمين الذين يتسابقون للحصول على الأجر والثواب من خلال الإكثار من الأعمال الصالحة، كإفطار الصائمين الذين يجلب لهم أهل الخير الطعام والشراب. كما تشهد ساحات المسجد زحامًا كبيرًا فى ساعة الإفطار، حيث يتوجه الجميع لتناول الطعام والتجمع معًا فى أجواء مليئة بالألفة والتكافل الاجتماعي.

ومع كل هذه الأنشطة والروحانيات التى يبعثها المسجد فى شهر رمضان، يبقى مسجد العارف بالله واحدًا من أبرز المعالم الدينية فى سوهاج، حيث يتوافد إليه المصلون والزوار من جميع أنحاء المدينة والقرى المجاورة، ليعيشوا فيه لحظات من التراحم والتكاتف الاجتماعى، ويجددوا إيمانهم فى هذا الشهر المبارك.