"سيدى العوام" أشهر مساجد مطروح.. يطل على البحر مباشرة وله شهرة واسعة بين المصطافين.. قديما قذفت الأمواج جثمان مجهول إلى الشاطئ فأقيم له ضريح ومسجد.. كان المريدون يقصدونه كل عام لمدة أسبوع لإحياء المولد.. صور

سيدي العوام أشهر مساجد مطروح

مطروح – حسن مشالي

السبت، 08 مارس 2025 11:00 م

يكتسب مسجد "سيدى العوام" شهرة واسعة بين ملايين المصطافين الذين يتوافدون لقضاء إجازة المصيف، بمدينة مرسى مطروح، كونه أحد أهم وأشهر معالم الكورنيش، وكونه المسجد الوحيد الذى له إطلالة رائعة على البحر وكورنيش المدينة، إضافة إلى تصميمه المعمارى المميز، كما تحيط به منطقة سكنية مصيفية تحمل نفس الاسم " منطقة العوام " لكن معظم زوار مطروح يعرفون المسجد وربما ترددوا عليه لكنهم لا يعرفون تاريخه، إضافة إلى قليل من أهالى مطروح خاصة الأجيال الجديدة.

ويتميز مسجد سيدى العوام بطرازه المعمارى المميز، حيث تتوسط قبته الضخمة بين مئذنتين مرتفعتين، بطول أكثر من 15 متر، وتزين جدران وسقف المسجد من الداخل الزخارف والنقوش الإسلامية للعصر الفاطمى.

وصلى فى هذا المسجد عدد من رؤساء الدول، خلال زيارتهم محافظة مطروح، من بينهم حافظ الأسد، ومعمر القذافى، وجعفر نميرى، والرئيس الأوغندى عيدى أمين، كما أدى الصلاة فيه الرئيسان جمال عبد الناصر وأنور السادات.

ويعد مسجد سيدى العوام بموقعه على الكورنيش وإطلالته المتميزة على البحر، من أقدم وأشهر مساجد المدينة، ويضم بداخله ضريحاً لشيخ مجهول الهوية، قذفت جثمانه الأمواج إلى شواطئ المدينة، منذ سنوات بعيدة، وعثر عليه الأهالى وقتها، ولم يكن يظهر عليه آثار التحلل على الرغم من حدوث الوفاة قبل عدة أيام من العثور عليه، وتم دفنه فى مقبرة صغيرة وأطلق عليه أهالى مطروح، اسم " سيدى العوام"، وذلك قبل أن يصبح مقصداً للموردين وأصحاب النذور والمتبركين به من أبناء مطروح والمحافظات الأخرى.

وتتعدد الروايات حول تاريخ المسجد، وحول صاحب المقام أو الضريح، ونسجت الحكايات الشعبية، حول سيدى العوام الذى عٌثر على جثمانه طافياً على الشاطئ.

أكد حمد خالد شعيب الباحث فى أطلس فولكلور التراث المصرى، أن هناك رواية شعبية هى الأكثر شيوعا حول " سيدى العوام "، بأنه شخص مجهول الهوية، ألقت به أمواج البحر، ودفنه الأهالى فى قبر شرعى عادى، وأطلقوا عليه اسم العوام، لكونه جاء عائماً وحط على الشاطئ المُسمى باسمه حاليا " شاطئ العوام".

وتضيف الحكايات الشعبية المتوارثة أن "العوام"، زار فى المنام فؤاد المهداوى حاكم الإقليم فى ذلك الوقت، وقال له (أشهرنى أشهرك) أى أرفع من قدرى وعرف الناس بى بمقام يليق بصلاحى، ونفذ المهداوى الرؤيا وأقام له مقام معروف، وبُنى المسجد فى عهد الملك فؤاد.

وأضاف الباحث فى التراث، أن سيدى العوام ذاع صيته بين الناس على أنه شيخ صالح ومن الأولياء وله كرامات، وأصبح يأتيه الناس من كل مكان، ويقيمون احتفالات مولد سيدى العوام، وكان القطار يحمل الناس من شرق مرسى مطروح، وكان يأتى الناس من الغرب بخيامهم ونذورهم، وتحمل سيارات النقل خيام ودواب الموريدين، وكانت بعض الأسر تقيم لمدة أسبوع قبل المولد، تشعل خلاله النيران أمام الخيام، وتبدأ السهرات وتنشط التجارة، من خلال الدلالات والبائعين المتجولين، وبعض المحال داخل الخيام الثابتة، وكانت تُعقد بعض الزيجات خلال المولد للتبرك، وأحياناً يتعرف الشباب على شريكات حياتهم فى المولد.

واستمر إقامة مولد سيدى العوام بانتظام، كل عام، على شاطئ البحر لعدة عقود، قبل أن ينصرف الناس عن زيارته وتبجيله، مع نهاية عقد السبعينيات وبداية الثمانينيات من القرن الماضى، مع انحسار الصوفية وانتشار الدعوة السلفية، وإتباع معظم أهالى مطروح لمنهجها الذى يحرم إقامة الأضرحة أو التبرك بها.

وتؤكد مخطوطة معلقة داخل الضريح، أن "سيدى العوام " اسمه الحقيقى هو " العربى بن محمد بن عبد القادر بن أحمد شهيدة"، وينتهى نسبه إلى سيدنا على بن أبى طالب وفاطمة الزهراء، وأن من ألقابه " الأطرش، وأبى البحار"، وولد فى ولاية " مستغانم " بالجزائر.

وتشير لوحة المخطوطة داخل الضريح، إلى أن سبب ظهور جثمان الشيخ بشواطئ مطروح، بأنه كان فى رحلة للحج على متن سفينة، يرافقه 3 من أبناء أخيه، وعدد من الحجاج المغاربة، وعقب تأديتهم مناسك الحج وأثناء عودتهم توفى الشيخ، ولم يبلغ أقاربه ربُان السفينة بوفاته، لكى لا يلقى جثمانه فى البحر، ولكن الحجاج الآخرين أبلغوا ربان السفينة بوفاة السيد العربى، فأمر الربان بإلقاء الجثمان فى البحر، حسب المتبع فى مثل هذه الحالات، فرفض أقارب الشيخ ونشب بينهم وبين الربان خلاف، وبعدها رأى أبناء شقيق الشيخ كل منهم رؤيا على حدا، يأمره فيها عمه بأن يلقوا جثمانه فى البحر وأنه سيرافقهم إلى ما شاء الله، فابلغوا الربان أن يتخذ الإجراءات المطلوبة وبعد صلاة الجنازة ألقى الجثمان فى البحر، ولاحظ الجميع أن الجثمان يسير بمحاذاة السفينة وبعد غروب الشمس ودخول الليل لاحظ الجميع نورا بجانب السفينة واستمر الوضع لمدة يومين أو ثلاثة ولم ير الجثمان فى اليوم الأخير، فسأل أقاربه عن أقرب شاطئ لاختفاء جثمان عمهم، فأخبرهم الربان أنهم شمال مدينة مرسى مطروح المصرية بعدة أميال.

وألقت أمواج البحر الجثمان على الشاطئ، وبعد أن عثر أهالى مطروح عليه فى كفنه، أدركوا أنه من الصالحين ودفنوه وأطلقوا عليه اسم "سيدى العوام".

وظل مسجد العوام على مكانته بين الناس، وأصبح من معالم المدينة بعد إعادة تشييده، فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر، على الطراز الإسلامى الحديث المميز، حيث نفذت شركة حسن علام فى عام 1969، أعمال تشييد المسجد على كورنيش المدينة، وتم نقل جثمان " العوام " للمرة الثالثة والأخيرة إلى حجرة داخل المسجد، وأصبح ضريحه الدائم حتى الآن.