سعد زغلول بين البطولة والاتهامات.. هل كان قائدا أم ساقته الأقدار للقيادة في ثورة 1919؟.. الوفد فوجئ بالمظاهرات خلال نفيهم بمالطا.. بعض الأعضاء رفضوا تمويل اضطرابات العمال.. وهذه أسباب عدم ترشحه لوزارة الزراعة

سعد زغلول وضع شروط تقيد من حركة الأعضاء وترجع كل الأمور له
تشكيل تنظيمات سرية بدون معرفة أعضاء الوفد
تخصيص سعد زغلول جزء من أمواله لدعم نشاط الوفد خلال سفره لباريس
سعي سعد زغلول لتولى وزارة الزراعة في حكومة حسين رشدي قبل استقالة الأخير
منافسة وفد سعد لوفدين مصريين أخرين أحدهما حكومي لتمثيل القاهرة في اجتماع فرساي
دور زوجته صفية زغلول في حشد المصريين وتحويل منزل زوجها لبيت الأمة
هي أحد أهم الثورات المصرية في العصر الحديث، اندلعت للمطالبة بالاستقلال من الاحتلال البريطاني، وكان شعرها المميز "الهلال والصليب"، أخرجت المصريين من ثبات عميق إلى وعي لا متناهي، ما ميزها أنها شملت كل الفئات، نساء ورجال وطلاب وكبار وشيوخ وسياسيين وحرفيين، الجميع توحد خلف شعار واحد وهو "مصر دولة مستقلة"، ويظل زعيمها التاريخي سعد زغلول، الذي لا يختلف أحد على وطنيته ولكن يظل ما إذا كان هو سبب اندلاع الثورة من عدمه مثار جدل حتى وقتنا هذا.
الأسباب الحقيقية لاندلاع ثورة 1919
مخطئ من يظن أن سبب اندلاع تلك الثورة كان منع الاحتلال البريطاني سفر وفد سعد زغلول، خاصة عندما نعلم أن هناك 3 وفود مصرية سعت في 2019 – بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى – للالتحاق بمباحثات فرساي التي شملت أطراف تلك الحرب من أجل مناقشة مسألة استقلال مصر وإنهاء الحماية البريطانية عليها، من بينها الوفد الحكومى الذي ضم كل من حسين رشدي رئيس الحكومة وقتها وعدلى يكن أحد وزراء الحكومة، بجانب وفد ثالث سعى لتشكيله كل من أحمد لطفى السيد والأمير طوسون، وجميع تلك الوفود الثلاثة لم تنجح حينها من الحصول على موافقة لندن على السفر لباريس.

سعد زغلول
إذا هناك أسباب أخرى أدت لتأجيج تلك الثورة واندلاعها بدون أي تخطيط من جانب وفد سعد زغلول ورفاقه، خاصة عندما نعلم بأن الوفد المصرى الذي ترأسه زعيم المعارضة بالجمعية التشريعية حينها لم يكن ليخطط لمظاهرات عارمة، وفقا لما يذكره الدكتور عبد الخالق لاشين في كتابه سعد زغلول وثورة 1919، والذي يتضمن دراسة موسعة عن تلك الأحداث ودور زعيم الأمة فيها، ولكن لا يمكن إنكار في ذات الوقت بأن رفض سفر الوفد كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، ولكن كان هناك مخزون كبير من الغضب في نفوس المصريين وجاءت تلك الأحداث لتفجره.
اقرأ أيضا:
نسبة سيطرة الأجانب على مقدرات مصر خلال عام 1914
على رأس تلك الأسباب هو الحالة الاقتصادية السيئة للغاية التي كان يعيش عليها المصريين، وتزايد انتهاكات الأجانب وخاصة البريطانيين ضدهم والذين كانوا يمتلكون الحصة الأكبر من موارد البلاد، وهو ما يتحدث عنه باستضافة الدكتور أمين عفيفي في كتابه "تاريخ مصر الاقتصادي"، والذي يوضح أن نسبة الأجانب في مصر خلال هذه الفترة لم تزد عن 2 % من تعداد السكان ورغم ذلك بلغ رأس مال الأجنبي المستثمر في مصر - عدا شركة قناة السويس – سنة 1914 حوالي 92039000 جنيه من جملة رؤوس الأموال المستثمرة في الشركات المختلفة البالغ قدرها 100152000 أي أنهم كانوا يمتلكون 92 % تقريبا وكذلك في سنة 1918 بلغت جملة ملكيات الأجانب الزراعية 687764 فدان بالإضافة إلى ملكية الشركات الأجنبية التي بلغت 240000 فدان سنة 1907 أي ما يقرب من خمس المساحة الزراعية تقريبا حيث كانت مساحتها سنة 1918 حوالي 5490000 فدان .
اقرأ أيضا:
اضطهاد بريطانيا للمصريين خلال الحرب العالمية
كذلك خلال الحرب العالمية الأولى عمل الاحتلال على تطويع الكثير من المصريين للدخول في حرب لا طاقة لهم فيها ولا جمل، وكان هناك إجبار من جانب سلطات بريطانيا على المصريين لتنفيذ أوامرهم العسكرية تحت مبرر أن العالم في حرب لا أحد يعرف متى تتوقف وما هي نتائجها ودفع لندن لإعلان الأحكام العرفية، بجانب قراراتها بشأن القطن المصري الذي أغضب المصريين حينها بعدما احتكرت حكومة لندن محصول القطن عام 1917 بسعر أقل من السعر الحقيقي، بجانب استقالة حكومة حسين رشدي نتيجة التعنت الواضح في رفض مناقشة مسألة الحماية البريطانية على مصر.
مجموعة أسباب عديدة جعلت مسألة الثورة ضد الاحتلال مسألة وقت لكن جاء رفض سفر الوفد المصرى ليشعلها، وهو ما يجعلنا نعود إلى النقطة التي تحدثنا عنها في البداية هل سعد زغلول ورفاقه هم سبب اندلاع الثورة، فبحسب الدكتور عبد الخالق لاشين في كتابه، فإن الوفد المصرى لم يكن توقع على الإطلاق أن تحدث ثورة بل إن سعد زغلول ورفائه الثلاثة في المنفى حمود باشا وإسماعيل صدقي باشا وحمد الباسل باشا فوجئوا بأنباء الثورة خلال اطلاعهم على الصحف، وبالتالي لم يكن هم الداعين لتلك الثورة أو مخططين لها.
1919 لم تكن ثورة استقلال سياسي
كما يؤكد الدكتور عبد الخالق لاشين، أن الثورة لا يمكن اعتبارها ثورة استقلال سياسي، خاصة أن الاحتلال البريطاني على مصر كان منذ ثلث قرن تقريبا خلال أحداث 9 مارس 1919، ولكن هاك عوامل كثيرة تسببت في اندلاعا جميعها اقتصادية واجتماعية وليست سياسية، خاصة أن الفئات التي شاركت في الثورة بينهم نساء والتي لم تكن قد اشتغلت بالعمل السياسي بشكل متوسع وكبير كما هو الآن.
علاقة سعد زغلول بالمندوب السامي البريطاني
إذا عدنا إلى عام 1914، وحينها كان سعد زغلول عضو الجمعية التشريعية التي أوقف الاحتلال عملها نتيجة الحرب العالمية الثانية، وعلى مدار 4 سنوات من الحرب، كانت علاقة سعد زغلول بالمسئولين البريطانيين متميزة خاصة السير ريجنالد ونجت – المندوب السامي البريطاني منذ عام 1917 وحتى 1919 - الذى التقى به عدة مرات، بجانب علاقته بالحكومة المصرية خاصة حسين رشدي، كما تميزت العلاقة بينه وبين ملك مصر حينها حسين كامل ومن بعده الملك فؤاد جيدة للغاية قبل أن تتوتر علاقته بالأخير قبل اندلاع الثورة بأسابيع قليلة.

زعيم الأمة سعد زغلول
هل سعى سعد زغلول لمنصب وزاري قبل الثورة؟
مذكرات سعد زغلول نفسها تشير إلى أنه خلال تلك الفترة كان يسعى لأن يكون عضوا في حكومة حسين رشدي، بل كان مرشحا لوزارة الزراعة، إلا أن عبد الخالق لاشين يرى أن سبب اهتمام سعد زغلول بأن يكون وزيرا هو محاولته لإيجاد مصدر مال بعد خسارته للكثيرة في لعبة القمار، وهو ما دفعه لبيع الأراضي الزراعية التي كان يمتلكها من أجل تعويض تلك الخسائر وسد ديونه، كما يوضح في كتابه أن سبب عدم ترشيح زعيم الأمة هو اعتراض بريطانيا التي رأت ضرورة ألا تضم الحكومة وزراء مناوئين لها.
ولكن في ذات الوقت يؤكد عبد الخالق لاشين، أن جزء كبير من أموال تلك الأراضي أيضا تبرع به سعد زغلول من أجل دعم أنشطة الوفد المصرى وتغطية نفقاته، بجانب الاستعانة بالاكتتاب للحصول على دعم من المصريين لاستكمال باقي الأموال التي يحتاجها الوفد.
سعد زغلول كان زعيم الوفد المصرى الذي سعى لحضور اجتماع فرساي، ولكن في ذات الوقت وضع سعد ذاته شروط عديدة على الأعضاء المشاركين، على رأسها منع أي تصريحات خاصة بالوفد إلا بعد العودة إليه، وكذلك مراجعة أي تصريحات خاصة بأعضاء الوفد إلا بعد مراجعتها، وهو ما جعل عبد الخالق لاشين يراها قرارات تقيد كثيرا من عمل الأعضاء وتجعل كل القرارات بيد سعد فقط.

زعيم الأمة
خلافات سعد زغلول وبعض أعضاء الوفد المصرى
كذلك كان هناك خلافات عديدة بين سعد زغلول وبعض أعضاء الوفد المصرى خلال تشكيله خاصة محمد محمود، والذي كثيرا ما كان يختلف في وجهات النظر مع رئيس الوفد، مما جعل زعيم الأمير ينعته بصفات ليست جيدة في مذكراته، وهنا يتطرق عبد الخالق لاشين إلى لجوء "زغلول" إلى العمل السري وتشكيل تنظيمات سرية من أجل تشكيل كوادر حتى بدون علم أعضاء الوفد، إلا أنه لم يذكر ما إذا كانت هذه الأمور كانت سببا في تلك الخلافات من عدمه.
ولعل من المواقف التي تشير إلى أن وفد سعد زغلول لم يكن يسعى أو يدعو للثورة هو ما ذكره كتاب "سعد زغلول وثورة 1919" بأن على الشعراوي أحد أعضاء الوفد رفض أن يدعم اضطراب عمال جاءوا إلى مقر الوفد بعد نفى سعد زغلول ورفاقه كما لم يمولهم تحت دعوى أنه لم يطلب منهم الاضطراب والتظاهر إلا أن الكتاب ذاته يؤكد أن أعضاء آخرون للوفد دعموا ومولوا تلك الثورة.
سعد زغلول الفلاح الصلب
بينما على الجانب الأخر سنجد عباس العقاد يتحدث عن سعد زغلول في كتابه "سعد زغلول زعيم الثورة " ودوره في الصورة ووصفه بالفلاح الصلب في مواجهة المستعمر البريطاني، وعرضه القضية المصرية في كل محفل، لا يضره من خذله، مسترخصا بذل العمر، يرافقه باقي زملائه الشرفاء الذين فوضهم الشعب كوفد للحرية.
تثار بعض الآراء أيضا التي تقلل من دور سعد زغلول في ثورة 1919، وتعتبر أنه استغل الأحداث لصالحه. لفهم هذه الرؤية، يمكن الرجوع إلى دراسة بعنوان "سعد زغلول وقيادة ثورة 1919 "قراءة في مذكراته"، والتي نشرت في مجلة "مصر الحديثة" عام 2022، حيث تطرح تساؤلات حول ما إذا كانت الثورة نتيجة لتحريض منه ورفاقه أم أنها انطلقت بشكل شعبي عفوي.

زعيم حزب الوفد
خطب سعد زغلول لإعلان بطلان الحماية البريطانية
هذه الدراسة تستعرض إحدى خطب سعد زغلول قبل اندلاع الثورة وبالتحديد في يناير 1919، أي قبل نفيه بشهرين، وحينها أعلن بطلان الحماية البريطانية على مصر وإصرار الوفد على استكمال طريقه نحو الاستقلال الذي يشكل حق من حقوقها الأساسية، ودعوته لجمع توكيلات من أجل سفر الوفد المصري لباريس مما يدل على محوريته داخل الأحداث، وقال حينها " قد عزى إلينا أننا لا نطلب من الحياة إلا الدرك الأسفل وأن نعيش آمنين طاعمين كاسيين فكان توكيل الأمة الجواب القطاع على هذا الاتهام"
هنا يمكن القول إن سعد زغلول ورفاقه كانوا من المحرضين الأساسيين على الثورة من خلال مطالبهم الوطنية ونشاطهم السياسي، لكن الثورة نفسها كانت ذات طابع شعبي واسع النطاق، وسببها كان تراكم الغضب الشعبي ضد الاحتلال وليس فقط بسبب دعوات سعد زغلول.
شروط سعد زغلول على أعضاء الوفد المصري
تحدثنا مع علاء الشوالى حفيد سعد زغلول بشأن الكثير من النقاط التي يأخذها البعض على سعد زغلول، على رأسها الشروط التي وضعها سعد زغلول لأعضاء الوفد وقيدت أعضائه، حيث يقول إن جده بالفعل وضع 6 شروط تقريبا لضمان قوة الوفد الممثل لمصر فى لندن، لكنها ليست شروطا تعجيزية وإنما كانت شروطا تنظيمية متبعة فى أى مؤسسة أو مجموعة تعرض قضية ما، ذلك أمس واليوم وغدا أيضا.
كما يتحدث "الشوالى" في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، عن معارضة بعض أعضاء الوفد لسعد زغلول، موضحا أن مسألة معارضة بعض رفاق سعد له حقيقة بالفعل، فبعضهم كان يميل الى اسلوب المفاوضات الهادئة أو التفاوض بالشوكة والسكين، ومنهم أحمد لطفى السيد، أما الغالبية بقيادة سعد والوفد فقد تبنت اسلوب التصعيد والمقاومة الشعبية.
علاقة سعد زغلول بـ أحمد لطفى السيد
بينما يؤكد في ذات الوقت، أن أحمد لطفى السيد لم يشكل وفدا لمنافسة سعد كما ذكر بعض المؤرخين، بل كان عضوا فى المجموعة التى أدارت الثورة أثناء نفى سعد، ثم سافر سنة 1921 مع فريق مفاوضات عدلى يكن الحكومى الذى فشل فى تحقيق شيء، موضحا أن "السيد" لم يكن رئيسا للوفد أو عضوا بالحزب الوطنى ولم تربطه به أى علاقة من الأساس للطفى السيد الذى أتت عليه الحرب العالمية الأولى مع غيره من أحزاب تلك الفترة.
سعد زغلول وتشكيل التنظيمات السرية
وبشأن اعتماد سعد زغلول على التنظيمات السرية، يقول علاء الشوالى، إنه رغم عدم وجود توثيق مستندى، إلا أنها من بديهيات ثورة 1919 وجهازها السرى الذى شكله عبد الرحمن فهمى فترة الثورة ضد البريطانيين وتم حله بعد تحول هيئة الوفد إلى حزب سياسى عام 1924 لكن الجهاز لم يكن يتبع سعد مباشرة، لكن البديهى أن سعد كان على علم ورأى بعملياته.
ويوضح أن هذه الفترة شهدت أيضا بعض التنظيمات الشبابية المسلحة ضد البريطانيين، مثل جمعية "التضامن الأخوى" وأيضا جمعية "اليد السوداء" التى تناولها فيلم "كيرة والجن".

سعد زغلول زعيم حزب الوفد
السعي للمنصب الوزاري لإحداث إصلاحات وتقليص نفوذ الاحتلال
وتطرق إلى سعى سعد زغلول لتولى حقيبة وزارة الزراعة تحديدا لحاجته للمال، مشيرا إلى أن هذا يعد اتهام فى ذمة سعد يتهمه بأنه كان يسعى للتربح من الوزارة، وذلك الاتهام لا يصدر ألا من خصوم سعد، وما أكثرهم، لافتا إلى أن هناك بالفعل بعض المصادر التي أشارت إلى عدم ممانعته لمنصب وزير الزراعة في حكومة حسين رشدي باشا "1914-1919".
ويقول حفيد سعد زغلول إن حديث البعض عن سعى جده للوزارة هو سبب علاقته الطيبة بحسين رشدى رئيس الحكومة حينها ليس حقيقيا، متسائلا :"لماذا إذا لم يضعه رشدى فى الوزارة؟! خاصة أن الأخير هو الذى استقال تضامنا مع سعد حين منعه الاحتلال من السفر، متابعا :"لا ينتقص من سعد أن تكون له رغبة فى ذلك، فهو كان جزءًا من النخبة السياسية المصرية وتولى من قبل وزارة المعارف ووزارة العدل، وليس عيبا أن يكون لديه طموحات وزارية أخرى قبل أن يتحول إلى زعيم وطنى أكبر من أى منصب أو وزارة، خاصة الهدف من تولى الوزارة هو القيام بإصلاحات ادارية وطنية تقلص من نفوذ الاحتلال.

الزعيم سعد زغلول
رفض سعد زغلول ضم محمد فريد للوفد المصري
يظل موقف سعد زعلول من محمد فريد ورفض ضمه للوفد المصرى مثار جدل، وهو ما يتطرق له علاء الشوالى الذي يؤكد أن الرفض كان سببه أن الأخير كان معروفا بممالأته لألمانيا وتركيا وبقية أعداء بريطانيا، إلى جانب أيدولوجية الحزب الوطنى المختلفة عن أفكار زعيم الأمة، ذلك فى الوقت الذى كانت لندن تتهم الثورة وزعمائها بأنها ليست ثورة شعبية وطنية وإنما هى مجرد عملاء مدعومين من تركيا والمانيا، لذلك رأى جدي أن ضم فريد من شأنه أن يؤيد مطاعن الخصوم.
ويوضح أسباب وصف سعد زغلول نفسه بزعيم الفقراء، مشيرا إلى أن هذا يدل على ذكاء زعيم أراد صناعة ظهير شعبى قوى يرتكن إليه، فاقترب منه تواضعا لا تكبرا وغرورا، إلى جانب أن جده كان مستور الحال بالفعل ولم يكن ثريا بمقاييس ذلك الزمان.
سعد زغلول وثورة 1919
دور صفية زغلول في دعم زوجها
لا يمكن أن نتحدث عن ثورة 1919، وزعيمها سعد زغلول دون أن نعرج إلى دور زوجته "صفية زغلول" والتي اعتبرها المصريين أما لهم بعد قيادتها الحركة النسائية في تلك الأحداث بعد نفي زوجها من ثم التراجع عن قرار نفيه والسماح له بالسفر مع وفده لفرنسا.
لقب "أم المصريين" له قصة خاصة به، أيضا ظهرت خلال عملها الوطنى ودفاعها الدائم عن الأمة العربية، فخلال إحدى المظاهرات الخاصة بثورة 1919، عندما ألقت السكريترة الخاصة بها بيان على المتظاهرين، قالت فيه "إن كانت السلطة الإنجليزية الغاشمة قد اعتقلت سعدًا ولسان سعد فإن قرينته شريكة حياته السيدة صفية زغلول تُشهد الله والوطن على أن تضع نفسها فى نفس المكان الذى وضع زوجها العظيم نفسه فيه من التضحية والجهاد من أجل الوطن، وأن السيدة صفية فى هذا الموقع تعتبر نفسها أماً لكل أولئك الأبناء الذين خرجوا يواجهون الرصاص من أجل الحرية"، وبعد إلقاء البيان هتف أحد المتظاهرين بمصطلح "أم المصريين"، ومنذ ذلك الحين تم تعميم هذا اللقب عليها ليصبح ملاصقا لها طوال التاريخ.
ويتحدث الدكتور أحمد زكريا الشلق، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة عين شمس، عن دور صفية في دعم زوجها موضحا أن سعد زغلول فى مذكراته قال إنه مدين لقاسم أمين على هذا النسب المهم من عائلة مصطفى فهمى باشا، خاصة أن قاسم أمين هو من عرض طلب سعد زغلول بالزواج من صفية على والدها مصطفى فهمى، وكان مساندة لهم بشكل كبير، حيث رافقت زوجها فى منفاه فى جبل الطارق وهو المنفى الثانى له وكان كبير السن حينها، وعندما تم اعتقاله في المرة الأولى ونفيه إلى جزيرة سيشل حولت بيته ليكون مأوى لكل المصريين المدافعين عن استقلال الوطن.
سعد زغلول وزوجته صفية
تحويل صفية زغلول منزل زوجها لبيت الأمة
ويضيف أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة عين شمس أن خلال فترة نفى سعد زغلول لجزيرة سيشل، كان المصريين يأتون لمنزل سعد زغلول وتستقبلهم زوجته صفية، وفى أحد الأيام كانت الأصوات مرتفعة للغاية فتحدثت صفية زغلول عن أن أصوات الأطفال مرتفعة فرد أحد المواطنين أن هذا بيت الأمة، ومنذ ذلك الحين، أصبح بيت سعد زغلول بيت الأمة يحتشد فيه الزعماء السياسيين ويطلقون منه بيانات وطنية.
ويصف صفية زغلول بأنها كانت سيدة مثقفة للغاية وتتحدث بلغات أجنبية عديدة، خاصة أنها تنتمى لعائلة عريقة، وكانت مثابرة وصابرة، خاصة عندما ذهبت مع زوجها سعد زغلول للمنفى الثانى وهو جبل طارق، فهناك فهيمة ثابت التى قامت بعمل مذكرات الزعيم الخالد وأم المصريين فى جبل طارق، حيث سافرت معهما ودونت كل شيء حدث بين سعد زغلول وزوجته صفية بشكل يومى، وسجلت حياتهما وكيف كانت تساعده خاصة أنه كان كبيرا فى السن وقد تخطى الـ60 عاما حينها، وعاشت معه فى المنفى، كما أن صفية زغلول كانت سيدة ترحب بجميع الضيوف واحتضنت جميع السيدات اللاتى ترددن على منزلها وكانا يكتبن المنشورات فى بيتها التى تطالب بالاستقلال عن الاحتلال الإنجليزى، كما أن أول مظاهرة نسائية فى مصر انطلقت من منزل سعد زغلول ومن أشرفت عليها صفية زغلول.
دعم صفية زغلول لزوجها ماديا
وحول دعم صفية لزوجها ماديا، يؤكد أن صفية مصطفى فهمى كانت غنية ولديها مراث كبير من والدها وكانت تدعم سعد زغلول بأموالها خلال قيامه بدوره الوطنى وسفرياته فى الخارج، خاصة أن زوجها لم يكن غنيا وكانت زوجته تدعمه ماليا، فهو ورث أرض من والده فى كفر الشيخ وكان مسرف فى الانفاق فقضى على ممتلكاته وبالتالى كان يحصل على الدعم من زوجته، ودعمته بمالها وحبها له وحولت منزله لبيت الأمة واحتضن الشخصيات الوطنية، ولم تتركه يوما خلال مشوار النضال، ولم تتخل عنه، خاصة أن سعد زغلول لم ينجب ورغم ذلك عاشت معه، ومكرم عبيد كان يقول دائما إنه ابن سعد زغلول وكان مكرم عبيد يلقى الدعم من صفية زغلول، بل جميع زعماء الوفد كانوا يلقون الدعم من صفية.
بينما يرى المؤرخ الكبير الدكتور عبدالمنعم الجميعى أستاذ التاريخ الحديث بآداب الفيوم، أن صفية زغلول كانت تدعم زوجها بشكل كبير للغاية، بل كانت تدعمه ماليا أيضا، وتمكنت من خلال علاقاتها خاصة أنها ابنة مصطفى فهمى باشا رئيس وزراء مصر وقتها، أن تصعد سعد زغلول لمنصب وزير المعارف، وكانت هناك حالة عشق وحب متبادل بين سعد زغلول وزوجته.
ويكشف سر لقاء سعد بزوجته صفية، موضحا أن زعيم الأمة كان فى البداية سكرتير لأحد بنات الأسرة الملكية، وهى الأميرة نازلى فاضل، وجعلته يسافر إلى فرنسا، وبالفعل كان يريد الزواج منها ولكن الملك حينها رفض، وتعرف على صفية مصطفى فهمى من خلال الأميرة نازلى فاضل فهى من اختارتها له وشجعتها على الزواج منه، ووالد صفية "مصطفى فهمى" كان أكثر رؤساء وزراء مصر مدة فى المنصب.
رفض صفية زغلول تولى زوجها رئاسة الحكومة
كانت صفية زغلول مؤيدة لموضوع الكفاح الوطنى من أجل استقلال الوطن ولكن كانت ضد المناصب، وهو ما يؤكده علاء الشوالى حفيد زعيم الأمة، الذي يوضح أن جده عندما تولى منصب رئيس الحكومة كانت زوجته رافضة لهذا المنصب وقالت له "مهمتنا مقاومة الاحتلال وليس المناصب"، وعندما تقدم زوجها باستقالته من المنصب كانت سعيدة للغاية وأعادت عليه كلمتها "مهمتنا مقاومة الاحتلال وليس المناصب".
سعد زغلول
ثورة 1919
الوفد المصرى
مصر
صفية زغلول
حفيد سعد زغلول
اخر الاخبار
ذكري ثورة 1919
فيلم كيرة والجن
التنظيمات المسلحة ضد الاحتلال البريطاني
المقاومة الشعبية
المقاومة الشعبية ضد الانجليز
جمعية اليد السوداء
حزب الوفد
نفي سعد زغلول
قيادات حزب الوفد
سعد زغلول وثورة 1919
عبد الخالق لاشين
دكتور عبد الخالق لاشين
احمد لطفي السيد
التنظيمات السرية لمقاومة الاحتلال
حزب الوفد المصري
Trending Plus