يوم الشهيد.. تضحيات خالدة في ميادين العطاء

أ.د/ مها عبد القادر
أ.د/ مها عبد القادر
أ.د/ مها عبد القادر

لطالما كانت مصر محط أطماع وحصنًا منيعًا أمام أطماع الغزاة، وعلى مدار تاريخها سجل أبناؤها ملاحم بطولية وصفحات مشرقة من التضحية في الدفاع عن أرضها، سواء في ميادين القتال ضد المعتدين أو في معارك الداخل ضد الإرهاب والتطرف، فكل قطرة دم سالت من شهيد كانت درعًا قويًا في وجه الفوضى يحمي الوطن، وحجر أساس في بناء دولة قوية مستقرة وقد أسست هذه التضحيات لدولة قادرة على مواجهة التحديات، واليوم ونحن نشهد نهضة شاملة في مختلف المجالات بالجمهورية الجديدة، ندرك أن ما تحقق لم يكن لولا التضحيات العظيمة التي قدمها الأبطال، والتي ستظل نبراسًا يضيء طريق الأجيال القادمة.


وإيمانًا بفضل شهدائها وعظمة تضحياتهم، حرصت الدولة المصرية على تكريمهم والوفاء بعهدهم، فجعلت التاسع من مارس يومًا للشهيد اعترافًا وتخليدًا لعطائهم الذي لا يضاهيه عطاء، ولم يقتصر التكريم على الذكرى، بل امتد ليشمل رعاية أسرهم من خلال توفير الدعم الكامل الصحي، والتعليمي، والاجتماعي، تأكيدًا على أن مصر لا تنسى أبناءها الذين بذلوا أرواحهم فداءً لعزتها؛ فهذا الاهتمام ليس مجرد تقدير رمزي، بل هو رسالة ثابتة بأن دماء الشهداء ستظل حاضرة في وجدان الوطن، وأن تضحياتهم ستبقى مصدر فخر وإلهام علي مر الأعوام للشعب العظيم.


وجدير بالذكر أن الشهادة لم تقتصر على ميادين القتال وحدها، بل تجاوزت ساحات الحروب إلى مختلف ميادين وساحات العطاء والتضحية، حيث يسجل التاريخ يومًا بعد يوم ملاحم بطولية لأبناء الوطن في شتى المجالات كما يسطر أبناء الوطن صفحات مضيئة من الفداء في سبيل رفعة بلادهم وأمنها واستقرارها، فهناك أطباء ضحوا بأرواحهم ووهبوا حياتهم أثناء التصدي ومواجهة الأوبئة والأمراض، وأفنوا أعمارهم في إنقاذ الأرواح، متحملين ساعات العمل الشاقة والظروف القاسية، ليكونوا خط الدفاع الأول عن صحة المواطنين.


وفي الميدان الأمني، تصدّى رجال الشرطة بكل شجاعة للإرهاب والجريمة، وقدموا أرواحهم دفاعًا عن أمن الوطن وحماية المواطنين، فسالت دماؤهم الزكية على أرضه لتظل رايته مرفوعة خفاقة، وكذلك، لا يمكن إغفال دور العمال الذين فقدوا حياتهم أثناء تشييد المشروعات القومية الكبرى، التي تُرسي دعائم التنمية وترسم ملامح مستقبل مشرق للأجيال القادمة، فهم لم يترددوا في مواجهة المخاطر التي تصاحب العمل فكانوا جنودًا مجهولين في معركة البناء والتطوير.


ومعلمون أفنوا حياتهم في تربية الأجيال وإعدادهم للمستقبل وتشكيل وعيهم، متحملين مسؤولية غرس القيم والمبادئ والمعرفة في نفوس الطلاب، ويمدّونهم بالعلم الذي يبني الأوطان وسط تحديات جسام، واضعين نصب أعينهم مسؤولية إعداد أجيال قادرة على النهوض بالمجتمع؛ ليكونوا بدورهم شهداء رسالة سامية تضع الأسس المتينة لمجتمع متقدم ومزدهر، كما أن رجال الإغاثة والمتطوعين قدموا نماذج فريدة في ميادين الإنسانية، مخاطرين بأرواحهم لإنقاذ المنكوبين ومساعدة المحتاجين في أوقات الأزمات والكوارث.


ونؤكد أن هؤلاء جميعًا جنود مجهولون في معركة بناء الإنسان يحملون على عاتقهم رسالة سامية رغم اختلاف ميادين عطائهم وتضحياتهم، يجمعهم خيط واحد من الإخلاص والتفاني، فهم جنود الوطن وسنده، يسطرون بأعمالهم ملاحم لا تقل عظمة عن البطولات العسكرية، إذ يقدمون أرواحهم وجهدهم بلا تردد لإعلاء شأن بلادهم وحماية مقدراتها، إنهم نماذج مشرقة للوطنية المتجذرة، يهبون أغلى ما يملكون، مؤمنين بأن رفعة الأوطان لا تتحقق إلا بسواعد أبنائها الأوفياء، ولا تزدهر إلا بتضحياتهم التي تبقى شاهدة على قيم الفداء والولاء.


إن تضحيات هؤلاء الأبطال سواء في ميادين القتال، أو في أروقة المستشفيات، وفي ساحات الأمن، أو مواقع البناء، أو في قاعات التعليم، ليست مجرد أحداث عابرة في صفحات التاريخ، بل هي منارات تهدي الأجيال القادمة إلى درب العزة والكرامة، تغرس فيهم قيم الإيثار والعمل بإخلاص؛ فالعظمة الحقيقية لا تقاس بما يمتلكه الإنسان من مال أو سلطة وجاه، بل بقدر ما يقدمه لوطنه ومجتمعه من عمل وجهد وتفانٍ، وبما يتركه من بصمة خالدة في مسيرة التقدم والنهضة.


وفي الختام، يبقى الشهداء رمزًا خالدًا فهم من سطّروا بدمائهم الطاهرة أعظم معاني البطولة، ويبقى واجبًا علينا جميعًا أن نستلهم من تضحياتهم العظيمة روح البذل والعمل، وأن نواصل مسيرة البناء والعطاء بنفس العزيمة والإخلاص، حاملين راية الوفاء لكل من بذل وقدم حياته ليبقى الوطن صامدًا شامخًا؛ فالشهداء لا يرحلون، بل تبقى سيرتهم ومآثرهم خالدة في الوجدان، تُلهم الأجيال وتؤكد أن الوطن باقٍ بعطاء أبنائه، وأن كل قطرة دم سالت وكل تضحية قُدمت، في سبيل عزته ستظل وسامًا على جبينه، ورمزًا خالدًا للقوة والفداء وسيفًا يحميه عبر الزمن.


اللهم اجعل دماء شهدائنا الطاهرة نورًا يضيء لهم قبورهم، ورفعةً لهم في جناتك العليا، اللهم احفظ بلادنا وأمنها، وانصر جنودها، وأدم علينا نعمة الاستقرار والسلام آمين يا رب العالمين.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مدرب الإسماعيلي: أهدرنا فرصة سهلة أمام بطل أفريقيا ونحتاج للاعبين خبرات

جدو: فوز بيراميدز على الإسماعيلي مهم رغم تراجع الأداء وسنعالج إهدار الفرص

بيراميدز يواجه دايموند وديا اليوم استعدادا للمصري البورسعيدي

حبس المتهمين بمطاردة سيارة فتيات على طريق الواحات 4 أيام

سنة دون مبرر.. غلق الوحدة السكنية يوجب إخلاءها فى قانون الإيجار القديم


بيراميدز يهزم الإسماعيلي ويحصد أول فوز بالدورى فى مباراة البطاقات الحمراء

الأقصر تدعم المزارعين.. علاج 40 فدانا من دودة القصب الكبيرة.. الانتهاء من زراعة 16 حقلا إرشاديا بمحصول الذرة الرفيعة.. 20 رخصة لمحال الاتجار في الأعلاف.. ومقاومة حشرة النمل الأبيض بـ 19 منزلا بالمجان.. صور

أبرق قرية ظهرت فيها علامات الإنسان القديم ومخطوطاته قبل التاريخ.. تقع شمال غرب مدينة الشلاتين.. أهم مناطق محمية جبل علبة الشهيرة.. يقع بها أقدم آبار الصحراء الشرقية.. ويعيش بها قبائل العبابدة والبشارية.. صور

إعفاء طلاب الثالث الإعدادى بالعامين الدراسيين 2026 و2027 من أعمال السنة

خسارة ناشئى اليد أمام إسبانيا 31-29 فى ربع نهائى بطولة العالم.. صور


وزير التعليم يعلن تطبيق أعمال السنة على الصف الثالث الإعدادى

بدء هدم عمارة هندسة السكة الحديد بميدان رمسيس لتوسعة كوبرى أكتوبر.. إنشاء موقف متعدد الطوابق للقضاء على العشوائية وإزالة كافة الأكشاك والمحال المنتشرة بالميدان.. وتجهيز مول تجارى ومكاتب إدارية بديلة.. صور

قرار مهم لوزير التربية والتعليم بعد قليل

أخر مران للأهلي استعداداً لـ فاركو ..محاضرة من ريبيرو وتدريبات متخصصة

قرار جمهوري بترقية عدد من مستشارى هيئة قضايا الدولة.. تعرف على الأسماء

أرقام لا تفوتك في مشوار ناشئي اليد ببطولة العالم قبل لقاء إسبانيا اليوم

عمر مرموش يقتحم قائمة ملوك التسديدات فى "بيج 5" وينافس محمد صلاح

ضربة لحيتان المقاولين.. إزالة 6 أبراج مخالفة فى منطقة اللبينى بالهرم.. صور

ليوناردو دى كابريو يكشف عن الفيلم الأقرب إلى قلبه

على ماهر يستعين بسيراميكا لفك عقدة مواجهات زد فى الدورى.. لا يعرف الفوز

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى