يوم الشهِيد.. استدامة الذكرى

أ.د/ عصام محمد عبد القادر
أ.د/ عصام محمد عبد القادر
بقلم أ.د/ عصام محمد عبد القادر

المُطَالِع لِسَجلِّ تَاريخ الشُّهَداء، يَجدُ أنَّه زَاخرٌ بِالملاحِم، ومَواقفِ العزَّةِ، والكَرامَة، والتَّضْحَية؛ مِن أَجْل بقاء وَطنٍ مَرفوع الرَّايَة، وَشَعب مِصْر، والقَيادَة السَّيَاسية، وَجَميع مُؤسَّسَات الدَّولة الوَطنيَّة، دَومًا حَريصون عَلى الاحْتَفاء والاحْتَفال بِيوم الشَّهيد، مِن كُلِّ عَام فِي التَّاسع مِن شَهر مَارس، وهَذا لَيْس مِن قَبيل التَّكْريم لِأُسَر الشُّهَداء فَقَط، بَل تَأكيد علَى أَن العَطَاء، مَكَانه الامْتَنان، والتَّقْدِير عَلَى الدَّوام؛ فَمَنْ حَافظَ عَلى تُرَاب وَطَنه، وَصَان مُقدَّرَاته، أضْحَى الاعتزازُ به، وَإحياءُ ذِكراه فرضًا عينًا، على كُلِّ مُخلص، يُدرِك مَاهية الوَطن، ومَا يُقدَّم مِن أَجْله مِن تَضْحَيات عَلى الدَّوَام.
إِنَّ ذِكْرَى اسْتَشهَاد الفَريق أَوْل عَبد المُنعِم رِياض فِي عَام 1969م، أَثناء حرْب الاسْتَنزَاف بَين أَبنَائه مِن القُوات المُسَلحة المِصْرية، التِي كَانَت تَقُوم بِوَاجِبها أَثْناء رَدْع العَدو؛ حيثُ أُصيبَ البَطَل الفَريق أَول، بنِيران مَدْفَعية العَدو بالإسْمَاعلية؛ إِذ كَان بَينَ الجُنُود فِي الصَّفِّ الأَمَامي، وَعندَما نُقل للمُستَشفى فَارقَ الحَياة؛ فَكانت جَنازتُه تاريخية، شَارك فِيها طُوفان مِن أَطياف الشَّعبِ، عِنْدما وَرَيَ الثَّرَى؛ فَقدْ بَدَت مَلامِح الحُزن والأَسَى عَليه لا تُوصَف، ومَع ذَلك اسْتَكملت مَسيرَة التَّضحِيات؛ مِن أِجْل هذَا البَلد الأَمِين؛ لِينالَ حقوقَه غَير مَنقوصةٍ، ويدحر المُعتدِي فِي حِرب ضَروس عام 1973م.
نُؤكِّد أنَّ الوَجْدان المَصريَّ مُحبًّا للتَضحية؛ مِن أَجل الوَطن، جِيلًا تِلو آخر؛ حيثُ يَتربَّى المُقاتِل المَصريُّ في مُؤسسَة مَصنع الرِّجَال، التي تَغرس مُكوِّن بِنائِه، أنَّ الشهادةَ غايةُ يتمَنَاها الجَميع، ويَنَالها شُرفاء الوَطن ومُخلِصوه، وأنَّ الوَلاء، والانتَماء، والشَّرف، والإخْلَاص؛ مِن أَجلِ البَلادِ قيمٌ عميقةٌ، يَتصفُ بِها كُلُّ مَن يَنتسِب لِجيش مِصرَ العَظيم؛ ففِي سَبيل استَقرار وَأمَن البِلاد، واقتَناص حُقوقه، وحِماية مُقدرَاته، تُبذل الدماء، وتُقدَّم الأرْوَاح؛ فَالجميع يُدرِك أَن مِصر مُنذُ فَجر التَّاريخ تَمتلك سيفًا ودَرعًا حَاميًا، وسَيظل أبدَ الدِّهر بِمشيئَة الله تعَالى.
إذَا مَا كانت القِيادةُ السياسيةُ الحكيمةُ لها الفَضْل فِي تَطويرِ المُؤَسسة العَسكَرية وتَسْليحها؛ فإِنَّ شعبَ مصرَ المُتماسكَ النسيجِ، القَوي العَزيمة، صَاحِب الإرَادة الفُولاذية، يُسانِد جيشَه، ويصطفُّ خلفه، ولَديه جَاهزية للتَّضحية مِن أَجل هَذا البَلد الأَمين؛ فَمن يقُول إِن جيشَ مِصر أضْحى قَويًا؛ فَهو صَادق لا ريب؛ لَكِنْ نزيدُ فنَقول: إنَّ جَيش مِصر البَاسل مِن شَعب مِصر العظيم، الذي يُقدِّم كُلَّ غاَلٍ ونَفيس؛ مِن أجلِ مصر، ودَعم ومُساندة جَيشه، وهَذا ثابتٌ علَى مرِّ التَّاريخ، وفِي كافَّة المَواقف الصَّعبة التي مرَّت بِها البلاد.
الاحْتَفاء والاحْتَفال بِيوم الشَّهيد فِي التَّاسِع مِن شَهر مَارس مِن كُلِّ عَام، يُؤكِّد عَلى أَن مِصرَ، وشعبَها، وقيادَتها، ومُؤسساتَها، لا يَقبلون الضَّيمَ، ولا يَتحمَّلون أَن يَنَال كَائنٌ مَن كَان، مِن مُقدَّرَات هَذا الوَطن الغَالي؛ فالعِزَّة، والحُريَّة، شِعار الأَبطَال، وقُوة البَوَاسل، وكَرَامة العَيش تَجعل الجَميع يُضحِّي دُونَ تَردُّد؛ فَالدَّفَاع عَن الوَطَن يَقعُ عَلَى عَاتق الجَميع دُون اسْتَثنَاء؛ حيثُ إنَّ رايةَ المَجدِ يَفخَر بِها كُلُّ مَصريِّ ومصريَّة، فِي كُلَّ مَكان عَلى أرضِ المَعمورة، وفِي كُلِّ شِبر مِن رُبوع المَحروسة عَلى السَّواء.
مَا يُقدَّم مِن تَكريم لِبَعض أُسَر الشُّهَداء، فِي اليَوم التَّاسع مِن شَهر مَارس مِن كُلِّ عَام، ما هُو إلَّا تَقدير لِكُلِّ شَهيد، قَدَّم رَوحَه، وَدَمَّه الذَّكِيّة، مِن أَجْل بِلاده، كَما أَن فِي ذَلك دَلالة قَاطعة بِأنَّ الدَّولة المِصرية لا تَنْسَى أَبنَاءَها الأَبرار، الذين يَضحُون ويُدَافعون عَن تُراب الوَطن، ويَدْحرون كُلَّ مَن يُحاول النَّيل مِن اسْتقرار وَأَمن البِلاد، وهُناك قَنَاعة بِأنَّ مِصر لا تَشِيخ، ولا تَهن، ولا تَسقط؛ حيثُ تَمتلِك الطَّاقات البَشرية المُجدَّدة على الدَّوام، وهذا فِي الحَقيقة يَستند عَلى فَلسفَة وَاضحَة، مُرتبِطة بِعقيدة تَربَّى عَليها أَبطال القُوات المُسلَّحة، وهِي طَلب الشَّهادة التي يَعيش المُقاتِل مِن أِجْلها.
سَتظلُّ ذِكرى الشَّهيد فِي نُفوسِنا مُستدَامةً، وسَيظلُّ الشَّعب بنسيجه القَوي مَع جيشه، ومُؤسَسات وَطنه، وقيادتُه السياسية الرشيدة، داعمًا ومُساندًا مَحبَّةً ووَلاءً وانتماءً، ونَقول لمن تُسوِّل لَه نَفسه أَن يَضير بِالبلاد والعَباد، إنَّ ذَلك ضَرْبًا مِن المُستحِيل؛ لِوطن جَيشه مِن الشَّعب، وشَعبه جَيشًا جَسورًا، لا يَخشَى المُواجَهة، ولا يتَقهقَر، وَلا يَترَاجع عَن مَواقِفه المُشَرِّفة؛ مَهْما كَابدَ مِن عَنَاء العَيشِ؛ فَالمَبْدَأ يَقومُ عَلى أَن الأَمَانةَ، والشَّرفَ، والتَّضحيةَ بالنَفس، فِي سَبيل رَفْع رَاية الْوَطَن الحَبيب الذي يَعيش فِي قُلوب المصريين، وَيَتربَّع فِي أَفْئِدتهم.. حَفظ الله شَعبنَا العظيمَ ومُؤسسَاتِنا الوَطنيَّة وقِيادتنا السَّياسيَّة أَبدَ الدَّهرِ.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

اشتباكات مسلحة وفوضى أمنية فى ليبيا.. فرار أخطر السجناء من سجون طرابلس

رافينيا هداف برشلونة في مواجهات الكلاسيكو الموسم الحالي

الطقس اليوم الأربعاء 14-5-2025.. أجواء حارة نهارا والعظمى بالقاهرة 31 درجة

الأمم المتحدة ترحب بتصريحات ترامب بشأن رفع العقوبات عن سوريا

تفاصيل زلزال "نص الليل".. سكان القاهرة والمحافظات يشعرون بهزة أرضية بقوة 6.4 ريختر.. البحوث الفلكية: قوى نسبيًا.. واستغرق أقل من 20 ثانية.. ورصدنا هزتين ارتداديتين.. والهلال الأحمر: لم ترد بلاغات بوقوع أضرار


قانون العمل الجديد.. باب كامل لتنظيم التدريب وربط التعليم بسوق العمل

زى النهارده.. الأهلى يحسم التتويج بالدوري المصري للمرة 31 بثنائية فى الزمالك

توابع الزلزال.. هزة ارتدادية جديدة بقوة 4.26 ريختر شمال مرسى مطروح

زلزال جديد.. الشبكة القومية ترصد أول هزة ارتدادية بقوة 2.69 ريختر

تعرف على عقوبة نشر الأخبار الكاذبة بعد إحالة سوزى الأردنية إلى المحاكمة


احذر.. 10 مخالفات مرورية تعرضك للحبس أو الغرامة وفقًا للقانون

جولتان لحسم صراع التتويج بدوري نايل بين الأهلى وبيراميدز

رابط الاستعلام عن رقم جلوس امتحانات الدبلومات الفنية 2025

بيان عاجل خلال دقائق.. معهد الفلك يكشف تفاصيل زلزال القاهرة

عاجل.. زلزال يضرب القاهرة وعددا من المحافظات

احذر.. غرامات تصل إلى 100 ألف جنيه بسبب التخلص غير الآمن من المخلفات

محامى رمضان صبحى يكشف حقيقة القبض على شخص يؤدى الامتحان بدلا منه

موعد مباراة الأهلي القادمة أمام البنك فى دوري nile والقناة الناقلة

زى النهارده..هدف "تسلل للمعلم" يخطف الاضواء فى قمة الأهلى والزمالك

حر نار.. تحذير عاجل من الأرصاد عن حالة الطقس اليوم الأربعاء 14 مايو 2025

لا يفوتك


مواعيد حجز قطارات عيد الأضحى 2025

مواعيد حجز قطارات عيد الأضحى 2025 الثلاثاء، 13 مايو 2025 09:25 م

المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى