سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 10 أبريل 1979.. الأغلبية البرلمانية توافق على معاهدة السلام مع إسرائيل وتهتف للسادات وتغنى «بلادى» وراء فايدة كامل.. والأقلية الرافضة ترد بنشيد: «والله زمان يا سلاحى»

استأنف مجلس الشعب لليوم الثانى على التوالى مناقشاته لمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل فى صباح 10 أبريل، مثل هذا اليوم، 1979، بعد توقيع الرئيس السادات والأمريكى جيمى كارتر ورئيس الحكومة الإسرائيلية مناحم بيجين عليها فى واشنطن يوم 26 مارس 1979.
أخذ مجلس الشعب دوره فى مناقشة المعاهدة بعد موافقة مجلس الوزراء عليها فى اجتماعه يوم 4 أبريل 1979، وفى 5 أبريل ألقى الرئيس السادات خطابا مطولا أمام مجلس الشعب هاجم فيه الذين انتقدوا المعاهدة هجوما سياسيا ساخرا، وفى 9 أبريل بدأ مجلس الشعب مناقشاته بإلقاء الدكتور فؤاد محيى الدين نص تقرير اللجنة المشتركة من لجان العلاقات الخارجية والشؤون العربية والأمن القومى، ودعا التقرير إلى الموافقة على المعاهدة وملحقاتها، وحسب جريدة الأهرام فى عددها يوم 10 أبريل 1979 فإن سيد مرعى رئيس المجلس تحدث أكثر من ساعة هاجم فيها الدول العربية وقادتها، وطلب سبعون نائبا الحديث، وتحدد لكل متحدث 10 دقائق.
فى 10 أبريل 1979 وبعد أن تحدث ثلاثون نائبا أعلن رئيس الجلسة الدكتور صوفى أبو طالب، أنه لا فائدة فى مزيد من الكلام، وقال: «تلقيت مذكرة من عشرين عضوا تطالب بإقفال باب المناقشة فى الموضوع، موافقون»، فصاح النائب كمال أحمد متسائلا، لا بد أن تتاح الفرصة أمام المعارضة لإبداء رأيها نظرا لأهمية هذا الموضوع، فإذا لم نتكلم هنا فأين نتكلم إذن؟، وصاح النائب أحمد ناصر: «حرام عليكم لا بد من سماع رأى المعارضة»، وصاح العضو عادل عيد نائب الإسكندرية: «كنت أول من طلب الكلمة فى هذا الموضوع»، فرد صوفى أبو طالب: «لقد صدر قرار بإقفال باب المناقشة».
أعلن «أبو طالب» نتيجة التصويت على المعاهدة، قائلا: «329 موافقون، و15 يرفضون، وعضو واحد ممتنع عن التصويت، وصعدت النائبة فايدة كامل فوق أحد الأدراج وهتفت: «عاش الرئيس محمد أنور السادات، عاشت مصر، عاشت مصر»، وردد المؤيدون وراءها، واستكملوا بنشيد «بلادى بلادى/ لك حبى وفؤادى»، وفى المواجهة ردد المعارضون نشيد: «والله زمان يا سلاحى/ اشتقت لك فى كفاحى»، الذى غنته أم كلثوم أثناء العدوان الثلاثى عام 1956، وأصبح نشيدا وطنيا لمصر حتى قرر السادات نشيد «بلادى بلادى» بدلا منه، وانسحب المعارضون للمعاهدة من الجلسة، وقال صوفى أبو طالب: «بعد أن قالت الأمة ممثلة فيكم كلمتها، أقول ونقول جميعا لأنفسنا، مبروك».
كانت الأغلبية البرلمانية وقتئذ لحزب مصر العربى «الوسط»، والمعارضة لحزب الأحرار برئاسة مصطفى كامل مراد الذى وافق على المعاهدة، أما نواب المعارضة الرافضون لها فكانوا من حزب التجمع بزعامة خالد محيى الدين، ونواب مستقلين، وكانت هذه التركيبة حصيلة انتخابات عام 1976 فى ظل حكومة ممدوح سالم، وتحتفظ هذه الانتخابات بسمعة طيبة فى تاريخ الانتخابات المصرية.
كان أداء مجلس الشعب ساخنا لأنه كان الأول فى ظل الحياة الحزبية التى أعادها السادات، وحسب مضبطة المجلس عن هذه الجلسة، وكتاب «هذه المعاهدة لماذا» للدكتور عصمت سيف الدولة، فإن النواب الذين رفضوا هم، الدكتور محمود القاضى، ممتاز نصار، خالد محيى الدين، دكتور محمد حلمى مراد، عادل عيد، كمال أحمد، صلاح أبو إسماعيل، قبارى عبدالله، أحمد محمد إبراهيم يونس، محمد كمال عبدالمجيد، أحمد ناصر، طلعت عبدالرحمن، عبدالمنعم إبراهيم، محمود زينهم، أحمد طه»، وخرج من هذه الكتلة المعارضة النائب كمال الدين حسين عن دائرة بنها بعد إسقاط عضويته عام 1977، وأبو العز الحريرى نائب دائرة كرموز بالإسكندرية بعد إسقاط عضويته عام 1978.
أعد المعارضون للمعاهدة مذكرة تفصيلية بوجهة نظرهم، وأعلنها الدكتور محمود القاضى نائب الإسكندرية أثناء إلقاء كلمته، وبينما كان يحذر مما تنص عليه المعاهدة بحصول إسرائيل على البترول المصرى عبر عطاءات، ضجت القاعة بالأغلبية تقاطعه: «ما المانع طالما سيدفعون ثمنه»، وقال النائب محمد عودة نائب شبرا الخيمة: «إيه المانع طالما سيدفعون أكثر»، فرد القاضى: «ليس هذا الأمر خاصا بنسيج شبرا الخيمة، بل إن هذه سياسات دولية وعالمية، وأرجو ألا تدخل فيه يا أستاذ عودة»، فرد عودة: «يجب أن تكونوا مع مصر، حرام عليكم»، فرد القاضى: «أذكركم بقول الله تعالى: وجادلهم بالتى هى أحسن»، فرد محمود أبوفية «زعيم الأغلبية»: ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم وتوكل على الله».
اختتم محمود القاضى كلمته، قائلا: «من فوق هذا المنبر أقول للسيد مناحم بيجين رئيس حكومة إسرائيل، إن الشعب المصرى لم ولن يرحب بك فى مصر، وإذا كنت ترى أنك قد كسبت جولة بهذه المعاهدة، فإننى أقول إن النضال سيستمر من أجل مصر، مصر التى نعيش على أرضها وإننى أرفض هذه المعاهدة جملة وتفصيلا».
انتهت الجلسة، وفى اليوم التالى قرر السادات الاستفتاء على حل مجلس الشعب، حدث الحل يوم 20 أبريل 1979.
Trending Plus