سمات الإيجابية لدى الأبناء

أ.د/ عصام محمد عبد القادر
أ.د/ عصام محمد عبد القادر
بقلم أ.د/ عصام محمد عبد القادر

إن قبول الواقع، والتعايش مع أحداثه، ووضع مقترحات، وحلول لما قد يواجه الإنسان من مشكلات، وقضايا، ومحاولته العمل على إيجاد مخارج، قد تشكل بدائل، يختار أفضلها، وهذا يُعد في مجمله نمطًا من الإيجابية، التي تشير إلى إعمال العقل بصورة إيجابية، وهنا نستطيع القول أن الفرد ينبغي ألا يستسلم للأمر الواقع، ويتقبله، دون أن يبذل الجهود، التي يسعى من خلالها إلى تغييره، للصورة القويمة، أو الصحيحة.


إن تحمل المسئولية من بداية تؤكد على استعداد الفرد نحو ممارسة التفكير في صورته الإيجابية التي يملؤها التفاؤل، ويكسوها طموح التوقعات التي تبعدنا عن الصورة السلبية؛ ومن ثم تقدح الأذهان بمزيد من الأفكار التي تتأتى من المناخ الداعم لهذا النمط من التفكير، وبناء عليه تتوالد المزيد من الأفكار، والرؤى التي تعزز المقدرة على التعامل، والسيطرة على الموقف، بل يفتح ذلك الطريق نحو عقد شراكات مع الآخرين تستهدف إعمال العقل الجمعي؛ بغية الوصول إلى أفضل الحلول التي يتم التوصل إليها، وهذا في حد ذاته يشير إلى ماهية تقبل من رؤى الغير.


والثقة بالنفس تعني مرونة التفكير، وقبول التحدي، وتقبل وجهات النظر المتباينة التي تقوم على دلائل، وبراهين منطقية، وهو ما يعني أن الفرد قد أضحى لديه سيطرة على جموح العاطفة؛ فيستطيع أن يندمج مع الآخرين، ويصل بذاته إلى ممارسات عقلية تعبر عن إيجابيته، بل ويحقق من خلالها نوعًا من تدشين العلاقات الجيدة مع الغير، وهذا يباعد بينه، وبين توقعات الإخفاق، أو الفشل، ويجعله دومًا قريبًا من مسارات التفكير الإيجابية القويمة.


إن القلق في حد ذاته لا يتناغم مع ماهية التفكير الإيجابي لدى الفرد؛ لكونه يحد من مقدرته على المواجهة، بل قد يقلل من توالد الأفكار؛ حيث يزيد من حالة التشتت، والاضطراب؛ لذا فقد بات تدريب أبنائنا على فلسفة التفكر، وتعقل الأمور، وإعمال العقل تحت مبدأ المحاولة في خضم مناخ مواتي يعزز المقدرة على المواجهة؛ ومن ثم يزيد من طموح الفرد تجاه البحث عن الحلول المنجزة التي ترتبط بالقضية محل الاهتمام، وهذا يفتح بوابة الطمأنينة أمام الأبناء؛ ومن ثم يزاد تفاعلهم، وتنمو مستويات التعاطي الإيجابي مع ما يواجههم من تحديات، أو مشكلات بمختلف أنماطها.


الاستسلام يقوض من إيجابية الفرد في كل الأحوال، وهذا ما يوجب علينا أن ندرب الأبناء على الإقدام تجاه تحقيق الهدف؛ فلا مجال للإحباط حتى وإن أخفق الفرد في مساره؛ إذ يجب أن تتوالى فرصة المزيد من المحاولات أمامه؛ كي يصل في نهاية المطاف لغايته، وما يتطلع إليه، بما يعزز مقدرته على استكمال المزيد من الخبرات، وهذا في حد ذاته يقوي العزيمة نحو الإيجابية؛ ومن ثم تزداد شجاعة أبنائنا شيئًا فشيئا تجاه خوض غمار المواجهة.


إن تقبل النتائج مهما كانت صورة للإيجابية التي ينبغي أن نخلقها في نفوس الأبناء، وهذه دعوة صريحة؛ لتعزيز الإيجابية بغض النظر عن طبيعة الموقف، ودرجة المخاطر التي تتعلق به، وبناءً عليه يتوجب أن ندربهم على مزيد من المواقف الضاغطة التي تزيد من تحملهم، وتدفعهم نحو ممارسة التفكير الإيجابي، وأرى أن ذلك يسهم في إحداث تهدئة داخلية لدى الإنسان؛ حيث دومًا يركز على الإيجابيات التي تحثه على مزيد من انتهاج فلسفة التفكير المنتج.


والتفكير الإيجابي يساعد الأبناء في الوصول لحلول منجزة من شأنها أن تخلق مستويات من السعادة التي قد نرى ملامحها بالعين المجردة، وهذا في حد ذاته بداية للشعور بالرضا، سواءً أكان موجهًا نحو الذات، أم خارجها تجاه ما تم إنجازه على أرض الواقع، وهنا لا ينسدل الأمر على صورة اكتساب الخبرة المقصودة التي يتلقاها الأبناء داخل مؤسساتنا النظامية الرسمية منها، وغير الرسمية، بل قد يتعلق الأمر بأنماط الحياة، وصور المعيشة في مجالاتها المختلفة.


من سمات الإيجابية لدى الأبناء شغفهم، ورغبتهم في اكتساب المزيد من الخبرات، وهذا يجعلهم يتحرَّون الدقة فيما يطالعونه من معارف، كما يسعون دأبًا للمصادر الموثوقة، والموثقة التي يتشربون منها معارفهم، وهو ما يعزز إيجابيتهم نحو ممارساتهم؛ فلا يصاب الفرد بالملل، أو الكلل، أو الإحباط؛ فقد تكونت القناعة لديه بأن بلوغ الغاية يستلزم بذل الجهد من خلال نمط التفكير الإيجابي الذي يساعد في تحقيق ما يصبو إليه، وبناءً على ذلك يمكننا القول بأنه كلما زاد رصيد أبنائنا المعرفي نتوقع زيادة مضطردة تجاه ممارسة هذا النمط من التفكير المتفرد.


وإذا ما أردنا أن نخلق بيئة داعمة للابتكار، والإبداع؛ فإنه يتوجب علينا أن نعزز مداخل حب الاستطلاع لدى الأبناء؛ ومن ثم نحثهم على الإقدام، ونمدهم بالمقومات التي تحثهم على ممارسة التفكير الإيجابي بمزيد من الأنشطة المقصودة، والمخططة، والتي تحتوي على مهام من شأنها أن تجذب تفاعلاتهم نحو أدائها، وهنا يجب أن نلتفت إلى أمر مهم من شأنه أنه قد يقلل من الدافعية تجاه تبني الإيجابية، وهذا يتمثل في انتهاج سياسة الروتين مع الأبناء؛ كونه أحد مسببات الحد من التفكير الإيجابي.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.

________

أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الأندية تعترض على عقوبة إنذارات اللاعبين فى لائحة الدورى الجديد

لا يجوز الجمع بين دائرتين بالنظام الفردى.. اعرف إجراءات التقدم للترشح للشيوخ

فيريرا يتسلح بالوديات لإعداد الزمالك للموسم الجديد

اكتمال تطبيق "التأمين الصحى" بأسوان.. الرعاية الصحية: تنفيذ المرحلة الأولى للمنظومة بـ6 محافظات.. واستحداث وإدخال 22 خدمة متطورة.. وأحمد السبكى: الفاتورة تجاوزت 9 مليارات جنيه.. وإنهاء المرحلة الثانية قريبًا

مسيرة فنية كبيرة.. 19 عاما على رحيل النجم عبد المنعم مدبولى


الطقس اليوم الأربعاء 9-7-2025.. أجواء شديدة الحرارة على أغلب الأنحاء

قبل ما تشغل التكييف.. 9 نصائح تحميك من كارثة حريق مفاجئة

موعد نهائى كأس العالم للأندية 2025 بعد تأهل تشيلسى على حساب فلوميننسى

المقاولون العرب يقترب من ضم ثنائي كهرباء الإسماعيلية في الميركاتو الصيفي

ارتفاع درجات الحرارة ينشر الفوضى فى أوروبا.. عواصف وفيضانات فى إيطاليا وتأجيل 13 رحلة جوية بعد موجة حر شديدة.. والأسماك النافقة تتسبب فى انسداد نهر فى التشيك.. واندلاع الحرائق فى عدد من الدول


اختبارات القدرات 2025 تبدأ السبت.. هل يمكن استرداد الرسوم حالة الرسوب؟

مواعيد مباريات اليوم الأربعاء 9-7-2025 والقنوات الناقلة

الجبهة الوطنية: القائمة الوطنية تضم كوادر وكفاءات تثرى مجلس الشيوخ القادم

هدوء ما قبل الإعلان.. آخر تطورات نتيجة الدبلومات الفنية 2025

الحرارة تصل 42 درجة.. حالة الطقس المتوقعة اليوم الأربعاء 9 يوليو 2025

أخبار × 24 ساعة.. الإسكان: طرح كراسات شروط حجز 113 ألف شقة 15 يوليو

أخبار الرياضة المصرية اليوم الثلاثاء 8 - 7 - 2025

فلومينينسى ضد تشيلسى.. المتألق بيدرو يضيف الثانى للبلوز 0-2.. "فيديو"

كيف أنقذت مصر نفسها من كارثة بيولوجية بعد إحباط تهريب 300 كائن حى نادر فى مطار القاهرة؟.. الأنواع المضبوطة شديدة الخطورة وتنشر أمراض وفيروسات وبكتيريا غريبة لا نملك أمصال لها.. وتسبب خسائر فى الثروة الحيوانية

"فتش فى دفاترك القديمة" شعار صفقات الأهلى فى الميركاتو الصيفى

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى