أحاسيس على الورق

د. داليا مجدي عبد الغني
د. داليا مجدي عبد الغني
بقلم د. داليا مجدي عبد الغني

أخيرًا قرأت رواية "مذكرات محكوم عليه بالإعدام"، للكاتب العالمي "فيكتور هيجو"، والتي ناقش فيها فكرة عُقوبة الإعدام، حيث إنه من أشد المُعارضين لها، وقد عرض حُجته ووجهة نظره في مقدمة الرواية، والحقيقة إنني لم أفكر أن أناقش في هذا المقال تأييدي أو مُعارضتي لهذه العقوبة، لأنها بالقطع تخضع لوجهات النظر المتباينة، والتي لكل منها حُججه القاطعة، ولكن ما استرعى انتباهي هو نهج الكاتب في الرواية، حيث إنه اعتمد على فكرة طرح مشاعر وأحاسيس الشخص المحكوم عليه بالإعدام، دون أن يسرد تفاصيل جريمته ولا دوافعه، ولا الظروف التي أودت به إلى ارتكاب جناية القتل التي وصلت به إلى مصير الموت المحتوم، وهذا في حد ذاته يعد شجاعة فى السرد الروائى، فالكاتب آثر أن يستثير مشاعر الشفقة والعطف لدى القارئ من خلال ما يعتمل بداخل الإنسان الذي يتنظر موته ويعد الأيام والساعات لحين تنفيذ الحكم، فغالبًا ما نُشاهد في الأعمال الدرامية التي تعتمد على مناقشة إحدى قضايا القتل التي تنتهي بالجاني إلى حبل المشنقة، مشاعر الندم في حالة إقرار الجاني بارتكاب الجريمة، أو الحسرة في حالة أن يكون مظلوم ولم يرتكب هذه الجريمة، وتبدأ مشاعرنا تتحرك تجاهه من خلال هذه الدوائر الضيقة المُغلقة، والتي تدور وجودًا وعدمًا في الجريمة ودوافعها ومدى ارتكابها من عدمه، ولكن في هذه الرواية جذبنا الكاتب نحو حالة الشخص المحكوم عليه بالإعدام، وما يختلج بداخله من مشاعر مُتباينة لا صلة لها على الإطلاق بالجريمة، فهو يُقر في قرارة نفسه بارتكابه لها، دون أن يسرد  أية تفصيلات عنها بشأن المجني عليه وأسباب ودوافع ووقت ومكان ارتكاب الجريمة، فلقد اكتفى بعبارة من بضع كلمات تُوحي بأن الجاني ارتكب الجريمة بالفعل، ولكن الرواية بأكملها تدور حول مشاعره وخواطره وأفكاره وأحاسيسه التي تتباين في كل لحظة عن غيرها.


وفي الحقيقة، هذا النوع من الأدب والذي لم يتطرق إليه الكثيرون أوحى لي بفكرة خاصة جدَا، وهي أننا على أرض الواقع كثيرًا ما نحتاج إلى شرح مشاعرنا التي تختلج بداخلنا دون أن نتطرق إلى التفاصيل الدقيقة، وكأننا نُريد أن نتجرد من الماديات بكافة أشكالها، لنلبس ثوب الروحانية بكل معانيها، وفي تلك اللحظة يكون جل أملنا مُنصبًا على مُقابلة مَنْ يسمعنا بقلبه فقط دون أن يجعل لحسابات العقل والمنطق أي حيز على الإطلاق، ولكن نادرًا ما نلتقي بمَنْ لديه الاستعداد للاستماع لحفنة من المشاعر المُتضاربة والمُتخبطة دون أن يتطرق بفضوله إلى طرح الأسئلة والحوادث والأحداث والتفاصيل، فالشغف دائمًا يتجه نحو الماديات، ولا ينظر ولو بطرف عينيه إلى الأحاسيس، فبمجرد أن تسرد الأحداث تغلق الأذن عن الاستماع إلى ما يجوب بداخل النفس، لذا ينتهي الحال بالإنسان إلى الاكتفاء بكتابة خواطره على الورق مثل بطل الرواية الذي كان يخط أحاسيسه على هيئة مُذكرات، ولم يُفصح بها إلى أحد المسجونين ولا حتى السجان.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

رسميا.. نانت الفرنسي يقيل مديره الفني أنطوان كومبوار

الزمالك يهزم ريد ستار الإيفوارى ويتأهل إلى نصف نهائى الكؤوس الأفريقية لليد

توقف جميع شبكات الاتصالات فى إسبانيا بعد 4 أسابيع من أزمة انقطاع الكهرباء

محامى عمرو وأحمد الدجوى: آخرون من العائلة سرقوا وادعوا على موكلينا

نجوم الفن يدعمون كارول سماحة فى عرض "كلو مسموح"


كاس ينصف الإسماعيلي في قضية الفلسطيني سعدو عبدالسلام

الجيش الإسرائيلى يعلن اغتيال قائد منظومة الصواريخ التابعة لحماس شمال غزة

بلومبرج: تراجع ترامب عن محادثات السلام فى أوكرانيا يمنح بوتين انتصارا

الأهلى يستقر على تواجد عمرو السولية فى قائمة كأس العالم للأندية

موعد حسم صراع الأهلى وبيراميدز على لقب "بطل دوري نايل 2025"


الشروط والأوراق المطلوبة للتقدم على وظائف المدارس المصرية اليابانية 2026

نيويورك تايمز: قطر أرادت "بيع" طائرتها الفاخرة حتى وضع ترامب عينيه عليها

الأهلي يترقب وصول عروض خليجية لبيع أليو ديانج في الصيف

سيارة بنتايج تكشف حقيقة الرحيل عن الزمالك

موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025

ذكرى رحيل سمير غانم.. تفاصيل الخلاف بين ثلاثى أضواء المسرح بسبب الأهلى والزمالك

نهاية الرحلة.. الأهلي يوجه الشكر إلى علي معلول نهاية الموسم

جلسة حاسمة مع عبد الله السعيد فى الزمالك بعد أزمة التجديد

موعد مباراة الأهلي أمام فاركو فى الدوري المصري والقناة الناقلة

الشباب يستضيف الاتحاد في قمة كروية بالدوري السعودي

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى