سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 13 أبريل 1517.. السلطان العثمانى سليم الأول يعدم «طومان باى» شنقا والحاضرون يصرخون صرخة مدوية تفيض حزنا وجثته تبقى معلقة ثلاثة أيام على باب زويلة

السلطان العثمانى سليم الأول
السلطان العثمانى سليم الأول
سعيد الشحات

وافق السلطان العثمانى سليم الأول على إعدام السلطان المملوكى طومان باى بعد 14 يوما من القبض عليه، حسبما يذكر الدكتور أحمد فؤاد متولى فى كتابه «الفتح العثمانى للشام ومصر»، أو 17 يوما وفقا للدكتور عماد أبوغازى فى كتابه «طومان باى.. السلطان الشهيد».


كان «طومان باى» أسيرا بسبب خيانة «حسن بن مرعى» وابن أخيه «شكر» من مشايخ العربان فى البحيرة، بعد أن اختفى عندهما، وأقسما له على أن يحمياه، وألا يغدرا به، لكن «حسن أبلغ سليم عن وجوده عندهما»، حسبما يذكر «أبو غازى» و»متولي» نقلا عن «ابن إياس» فى كتابه «بدائع الزهور فى وقائع الدهور».


يؤكد «أبو غازى» أن معظم المصادر التى عاصرت هذا الحدث تتفق على أن السلطان سليم كان ينوى الاكتفاء بنفى طومان باى أو حبسه، إلا أنه اتجه فى النهاية إلى إعدامه، وإن اختلفت الأسباب التى أوردتها هذه المصادر للتحول المفاجئ فى رأى سليم، فبينما يذكر «ابن إياس» أن السبب هو عدم تصديق الناس بمسك «طومان باى» ما أثار ضيق سليم فأمر بإعدامه، يذكر «ابن زنبيل» فى كتابه «واقعة السلطان سليم» نقلا عن محمد بن السلطان الغورى، أن سليم غير قراره تحت إلحاح «جان بردى الغزالى» و«خاير بك» اللذين خشيا على نفسيهما من بقاء «طومان باى» حيا، فاستندا إلى هذه الحجة لإقناع سليم بإعدامه.


هكذا كانت ظروف السلطان المملوكى أثناء أسره، وقبل اقتياده إلى المشنقة، ويصف «متولى» وقائع هذا اليوم، قائلا: «خرج آخر سلاطين المماليك من سجنه فى إمبابة يوم 13 أبريل، مثل هذا اليوم، 1517، وسار وسط حرس عدته 400 جندى، حتى وصل إلى بولاق، ومنها إلى باب زويلة، وأخبره أحد الجنود صبيحة ذلك اليوم بقرار السلطان سليم، فلم يتهدم أو يظهر أى خوف أو اضطراب، وظل سائرا وسط الناس مرفوع الرأس، وهو يسلم على الناس طوال الطريق، حتى إذا وصل إلى باب زويلة، أنزل عن فرسه، وأرخى له المشاعلى «عشماوى» حبل المشنقة، وهنا دعا طومان باى الملأ الذى اجتمع حوله أن يقرأ له الفاتحة ثلاث مرات، وبسط يده إلى السماء، وقرأ الفاتحة عن نفسه فى صوت مسموع، وقرأ الناس معه، ثم التفت إلى المشاعلى، وقال له: «اعمل شغلك»، فوضعت «الخية» فى عنقه وشد الحبل، ولكنه انقطع، فسقط آخر سلاطين مصر والشام ميتا على عتبة باب زويلة، وصرخ الناس صرخة مدوية تفيض حزنا وأسفا، وظلت جثة «طومان باى» معلقة ثلاثة أيام، ثم دفنت بحوش المدرسة التى بناها السلطان الغورى».


أحدث إعدام «طومان باى» صدى واسعا بين المصريين، وحزنوا عليه حزنا شديدا، حسبما يؤكد «أبو غازى»، ويذكر أسباب ذلك، قائلا: «كان أميرا وسلطانا محببا للشعب، كما ظل لعدة شهور بعد الغزو العثمانى لمصر أمل المصريين فى التخلص من الحكم العثمانى، وبإعدامه خبا هذا الأمل».


يضيف «أبوغازى»: «قيلت فى طومان باى مراثى كثيرة، وظل حاضرا فى وجدان المصريين لسنوات طويلة بعد إعدامه، ويبدو هذا واضحا فى الصورة التى نقلها الرحالة الأوربيون له من أفواه المصريين بعد عشرات السنين على رحيله، كما يذكر بعض هؤلاء الرحالة الذين زاروا مصر فى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر أن بقايا الحبل الذى شنق به ظل معلقا فى خطاف بأعلى باب زويلة، وهناك من يرى أن عادة قراءة الفاتحة عند المرور تحت البوابة، التى استمرت لوقت قريب ترجع لشنقه هناك».


يضيف أبوغازى، أن حزن الناس على «طومان باى» كان طبيعيا، لأنه وعلى حسب وصف معاصريه «كان أميرا وسلطانا لين الجانب وقليل الأذى، كثير الخير، غير متكبر ولا متجبر، كما كان صالحا خيرا فاضلا، زائد الأدب والسكون والخشوع والخضوع، إلا أن دعته وهدوءه وسكينته لم تمنعه من أن يكون محاربا شجاعا».


يرى «أبوغازى»: «كل هذه المناقب لا تدعو إلى المبالغة برسم صورة مثالية خيالية لطومان باى، فمحاسنه تلك تقاس إلى أمراء عصره وسلاطينه، وما كانوا يرتكبونه من مظالم فادحة فى حق الرعية»، ويضيف: «لو تتبعنا صفحات «ابن إياس» سوف يتبين لنا أن طومان باى وهو أمير باشر بنفسه قمع العديد من ثورات العربان، وبالغ فى قمع بعضها بوحشية، كما ساق الفلاحين من الصعيد مكبلين فى الحديد إلى القاهرة بسبب متأخرات لم يسددوها لخزانة الدولة فى سنة 919 هجرية، ومع ذلك فبمقاييس عصره كانت كفة مناقبه راجحة بشكل ظاهر».

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الإسماعيلى يعقد اليوم الجمعية العمومية العادية بحديقة رضا

للزوجات مع اقتراب موسم الدراسة.. من يملك قرار التعليم بعد الطلاق؟

السبت.. دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ربيع الأول لعام 1447 هجريا

وفاة الفنانة المعتزلة سهير مجدى

مدحت صالح يتألق بغناء حبيبى يا عاشق وزى المليونيرات بحفله فى مهرجان القلعة


قدم لكلية الطب وسبقه القدر.. وفاة طالب أثناء تركيبه ميكروفون لمسجد في قنا

عم طارق.. بطل مزلقان بنى سويف أنقذ شابا من الموت على قضبان السكة الحديد.. ويؤكد لـ"اليوم السابع": ما حسبتهاش وما فكرتش فى نفسى.. حسيت إن ثانية واحدة ممكن تفرق بين حياة وموت إنسان.. فيديو وصور

موعد انطلاق العام الدراسى الجديد بالمدارس الدولية والرسمية

محادثات بين وزير خارجية إيران ونظرائه بالترويكا الأوروبية و"كالاس"

الشمال يفوز على الريان 4-2 بمشاركة أكرم توفيق


ترامب يعلن إقامة قرعة كأس العالم 2026 في الخامس من ديسمبر المقبل

الأوراق المطلوبة لاشتراكات الأتوبيس الترددى للطلبة وموعد التقديم

شقيق شيرين ينتقد محاميها السابق: دلوقتى طالع تقول الوضع كارثى.. أنت مصدق نفسك

إعلام إسرائيلى: 3 انفجارات ضخمة تهز وسط إسرائيل

رابطة الأندية تعلن تعديل مواعيد وملاعب بعض مباريات المرحلة الأولى من دورى Nile

مشهد بطولي.. عامل مزلقان ينقذ شابًا من دهس القطار فى بنى سويف.. فيديو

حسام حبيب ينفى عودته لشيرين والمطربة تتوعد محاميها السابق ببيان

قرار مهم من ديانج بخصوص تجديد عقده مع الأهلى.. اعرف الحكاية

نقل مباراة الزمالك وفاركو إلى استاد السلام بدلا من هيئة قناة السويس

مان سيتى ضد توتنهام.. سجل سلبى يهدد السيتيزنز فى الدورى الإنجليزى

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى