"اعرف بلدك".. طهطا مدينة التاريخ العريق من قديم الزمان.. عرفت باسم "قهقا" أو "قهقوه" في العصور الإسلامية.. رفاعة الطهطاوي أحد أبرز المفكرين والعلماء بها.. تعد المدينة الثانية بعد دمياط في صناعة الأثاث.. صور

هل فكرت يومًا في اكتشاف مدينة تحمل في طياتها مزيجًا من التاريخ العريق والأنشطة التجارية والصناعية الحديثة؟، إذا كانت الإجابة نعم، فإن مدينة طهطا بسوهاج، هي الوجهة المثالية التي يجب أن تضعها على خريطة معرفتك في هذه الحلقة من سلسلة "اعرف بلدك"، نقدم لك كل ما تحتاج لمعرفته عن هذه المدينة التي تعتبر واحدة من أكبر وأهم مدن محافظة سوهاج.

 

طهطا عبر العصور

مدينة طهطا التي تعد واحدة من أبرز مدن صعيد مصر، قد عُرفت بهذا الاسم منذ العصور القديمة، حيث يُقال أن اسم "طهطا" جاء من "طحطا" نسبة لأميرة فرعونية قديمة، ثم تحول بعد ذلك إلى "طهطا" عندما نطقها الأتراك  تشير الدراسات التاريخية إلى أن المدينة قد وردت في العديد من الكتب والمراجع التاريخية بأسماء متعددة، مثل "قهقى" و"قهقاوة"، وجاء ذلك نتيجة اختلاف العصور والمصادر.

على مر العصور، كانت طهطا مركزًا هامًا في صعيد مصر، فقد كانت تُعرف في العصر الفرعوني بأنها أحد مراكز الحياة الدينية، وذلك بفضل وجود معابد وآثار شاهدة على هذا التاريخ العريق، وبالرغم من أنها مرّت بمراحل من التغيير خلال العصور المختلفة، إلا أن طهطا احتفظت دائمًا بمكانتها العريقة كمركز ثقافي وتجاري.

المدينة وموقعها الجغرافي

تقع مدينة طهطا على الضفة الغربية لنهر النيل في شمال محافظة سوهاج، وهي من أكبر المدن من حيث الكثافة السكانية في المحافظة، ويحد طهطا من الغرب "جهينة"، ومن الشرق "ساقلتة"، ومن الشمال "طما"، ومن الجنوب "المراغة"، وتبلغ مساحتها حوالي 1102.3 كيلومتر مربع، مما يضعها في موقع استراتيجي يربط عدة مناطق في صعيد مصر.

المناخ والتضاريس

تتمتع مدينة طهطا بمناخ صحراوي وشبه استوائي، حيث يكون الصيف طويلًا وجافًا وحارًا، بينما الشتاء قصير وجاف وبارد، ويبلغ متوسط درجة الحرارة السنوية في طهطا 26.43 درجة مئوية، وهي نسبة أعلى بنسبة 1.53% من المتوسط العام لدرجة الحرارة في مصر، كما أن هطول الأمطار في المدينة قليل جدًا حيث يقدر بحوالي 0.18 ملم سنويًا.

الاقتصاد والنشاط التجاري والصناعي

تعتبر طهطا مدينة نابضة بالحياة اقتصاديًا، حيث يعتمد اقتصادها بشكل أساسي على الزراعة والتجارة، وتعد مدينة طهطا من أكبر المراكز الزراعية في صعيد مصر، حيث يُزرع القمح بكثرة، إذ يشكل نحو 70% من المساحة المزروعة،  كما تتميز المدينة بنشاطها الكبير في صناعة الأثاث، حيث تأتي في المرتبة الثانية بعد دمياط في هذا المجال، مما يجعلها من أبرز المدن الصناعية في مصر.

الشخصيات البارزة في طهطا

مدينة طهطا هي مسقط رأس العديد من الشخصيات البارزة التي تركت بصماتها في مختلف المجالات، ومنها رفاعة رافع الطهطاوي يعد رفاعة الطهطاوي من أعظم المفكرين في تاريخ مصر الحديث وُلد في طهطا عام 1801، وكان من أبرز علماء النهضة في مصر في عهد محمد علي باشا اشتهر برؤيته التقدمية في التعليم، وكان له دور كبير في تأسيس مدراس اللغات والترجمة، بالإضافة إلى إصلاحات في النظام التعليمي في مصر. كما أسهم بشكل بارز في نشر الفكر التنويري في العالم العربي.

هناك العديد من المفكرين والعلماء، قدمت طهطا العديد من الأبطال والشهداء الذين ضحوا بأرواحهم فداءً للوطن في الحروب، وخاصة في حرب أكتوبر 1973 هؤلاء الأبطال الذين حصلوا على "نجمة سيناء" و"أنواط الشجاعة" من الدرجة الأولى كانوا رموزًا للبطولة والتضحية في سبيل مصر.

التطورات الحديثة في طهطا

شهدت مدينة طهطا في الآونة الأخيرة العديد من المشروعات التنموية الهامة، والتي كانت جزءًا من خطة الدولة لتطوير صعيد مصر  بهدف تحسين مستوى المعيشة في القرى التابعة لطهطا، بما في ذلك تطوير شبكة الصرف الصحي والطرق والخدمات العامة. كذلك تم تطوير المنطقة الصناعية في غرب طهطا، حيث يجري العمل على توفير بنية تحتية حديثة تشمل الكهرباء والمياه والصرف الصحي، مما يعزز قدرة المدينة على جذب الاستثمارات وتوفير فرص العمل للشباب.

آفاق المستقبل

اليوم، تحتل مدينة طهطا مكانة متقدمة بين مدن صعيد مصر، وذلك بفضل اهتمام الدولة بالتنمية المستدامة وتطوير البنية التحتية تعد طهطا واحدة من أبرز المدن التجارية والصناعية في سوهاج، وأصبحت نموذجًا للمدن التي تجمع بين عبق التاريخ وطموحات المستقبل مع المشروعات التنموية المستمرة، من المتوقع أن تشهد المدينة مزيدًا من التطور في المستقبل القريب، مما يجعلها وجهة واعدة للاستثمار والمستقبل المشرق.
طهطا اليوم ليست فقط مدينة تاريخية، بل هي مدينة تتطلع إلى الأمام، معززة بتراثها العريق وطموحاتها التنموية التي تضعها في طليعة مدن صعيد مصر.