رضا الصفتى يكتب: لغة الاعتذار

رضا الصفتى
رضا الصفتى

الاعتراف بالخطأ فضيلة، والاعتذار عنه فضيلة أخرى، وكلاهما فضيلتان تعززان الحفاظ على روابط الألفة والمحبة بين الأصدقاء والأقارب. وهما في نفس الوقت وسيلتان تمنعاننا من فقدان من نحب، وهو بلسم يشفي الكثير من الجروح، ويمنع تطور الخصومة إلى جفاء فعداوة.

الاعتذار ليس دليل ضعف أو فشل كي نخجل منه، بل يكفي أن نعلم أن مجرد الاعتذار هو اعتراف بالخطأ ورجوع عنه، بل هو دليل قوة لا يملكها إلا شخص يملك شجاعة وقوة تمكنه من محاسبة نفسه وإجبارها على النزول إلى الحق.

الاعتذار ليس كلمات تُقال، بل هو لغة القلب التي تحاول أن تجد طريقها وسط متاهات الكبرياء والخيبة. هو المنفذ الوحيد الذي يعيد للأرواح توازنها بعد أن كسرها الألم، ويعيدها للأمل من جديد. الاعتذار دربٌ للغفران، ومفتاحٌ لبوابة جديدة من العطاء والسلام.

الاعتذار أدب ديني، وخلق اجتماعي، وهو من أقوى الصفات التي تدل على التواضع والتسامح. وهو أسلوب يُحسِّن صورة صاحبه ويبعد عنه سوء الظن عند الخطأ.

قد يكون الاعتذار أصعب من كل شيء آخر، لأنه يتطلب منا أن نواجه أنفسنا أولًا، وأن نحلق عاليًا فوق غرورنا ونتجاوز حواجز الكبرياء، لكنه في الوقت ذاته هو أروع ما يمكن أن نقدمه لمن أسأنا إليه.

فهو لمسة تزيل عن النفس الأعباء الثقيلة، وتعيد للنفس البشرية صفاءها.

إنه الاعتراف بالخطأ، والشجاعة لمواجهة تبعاته، والمثابرة من أجل تصحيح المسار.
الاعتذار هدية تعبّر عن تقديرنا وحبنا أو احترامنا لمن أخطأنا في حقهم.

فإذا شعرت يومًا بأن قلبك ثقيل، وأن اللسان عجز عن التحدث، فتذكر أن الاعتذار هو الجسر الذي يربط بين ضفاف المسافات البعيدة.
الاعتذار هو الغفران الذي يسكن الروح، والتواضع الذي يرفع الشخص إلى السماء.

وفي بعض المجتمعات يُعتبر الاعتذار جزءًا من مقوماتها وثقافتها الفكرية، فتراهم يزرعون في أطفالهم ثقافة الاعتذار منذ الصغر، حتى إن الأمر وصل عندهم إلى تخفيف العقوبة عن المجرم بالاعتذار.

وعندما تخطئ النخب في هذه المجتمعات، فإن أول مطلب هو دعوة المخطئ للاعتذار في حق الدولة والمجتمع.

الاعتذار ليس كلمة تُقال في زحمة الحديث أو تبريرًا للخطأ أو بحثًا عن مخرج من ورطة أو مشكلة سببها سلوك خاطئ، بل هو اقتناع تام بأن هناك خطأ يجب تصحيحه، وهو ما أوجب الاعتذار.

الاعتذار هو السبيل الوحيد نحو الراحة الداخلية، ونحو الطمأنينة التي تحل في القلب.

وهو لحن صادق في قلب الإنسان، لحن موسيقي يتناغم مع مشاعرنا ليعيدنا إلى أنفسنا ويعلّمنا كيف نُقدّر ونحترم بصدق.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

رابطة الأندية: مراقب مباراة الأهلي ومودرن لم يدون ملاحظات على جمهور الأحمر

وزير خارجية بريطانيا يبلغ عن نفسه بعد رحلة صيد مع نائب ترامب بسبب "سنارة"

إبراهيم داود فى ملتقى اليوم السابع للثقافة والفنون: أنا فلاح أزرع الأرض والرزق على الله.. عبد القادر القط أعطانى صك الاعتراف بالموهبة وجمال الغيطانى احتفى بى.. يوسف إدريس جعلنى صحفيا.. ولويس عوض لم يأخذ حقه

ضبط سائق سيارة فارهة حاول الهرب بعد ارتكابه حادثا مروريا بكوبرى أكتوبر.. فيديو

موعد مباراة مصر وإسبانيا في ربع نهائي بطولة العالم تحت 19 عاما لكرة اليد


ترتيب الدورى المصرى قبل انطلاق الجولة الثانية.. المصرى في الصدارة

علياء قمرون أمام النيابة: "معرفش يعنى إيه غسيل أموال.. كنت بفرح بالدعم عشان أجهز نفسى"

الإعدام شنقا للمتهم بقتل زوجته حرقا فى الشرقية

اعترافات طلاب مطاردة فتيات الواحات: لاحقناهما وحاولنا إيقاف السيارة

أول صورة للمتهمين بمطاردة فتيات طريق الواحات


اتحاد الكرة يرد على شكوى الزمالك ضد زيزو ..اعرف التفاصيل

والدة فتاة حادث طريق الواحات: “مش هتنازل عن حق بنتى.. والرعب اللى عاشته”

وفاة بطل حريق شبرا الخيمة متأثرا بإصاباته بحروق فى جميع أنحاء جسده

زوجة "بيليه فلسطين" توجه نداءً عاجلاً إلى محمد صلاح

كولومبوس الأمريكى يخطر الأهلى بموعد إرسال القسط الأول من صفقة وسام أبو على

كيف تحمى سيارتك من حرارة الصيف الشديدة؟.. نصائح مهمة لتفادى الأضرار

الأهلى يستقر على تأجيل ملف تمديد عقد إمام عاشور

الطقس اليوم.. موجة شديدة الحرارة ورطوبة مرتفعة والعظمى بالقاهرة 42 درجة

رونالدو يتفوق على ميسي فى صراع ملوك الهاتريك بالقرن الحادى والعشرين

لو القطار تأخر.. كيف تسترد ثمن تذكرتك كاملة على خطوط هيئة السكة الحديد؟

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى