الداخلية تلاحق مزوري المحررات الرسمية.. الجناة يقلدون الشهادات والتقارير الطبية.. وخبراء أمنيون لـ"اليوم السابع": الشرطة تستخدم تقنيات متطورة في رصد الحبر المزوّر وعقوبات رادعة تنتظر المتهمين

شنت وزارة الداخلية حملات مكثفة لمواجهة جرائم تزوير المحررات الرسمية، وأسقطت الستار عن العديد من القضايا في محافظات متعددة، كان أبطالها أفرادًا يظنون أن التزوير مهنة.
وبلغة الأرقام، نجحت جهود وزارة الداخلية ـ خلال الأيام الماضية ـ في ضبط أكثر من 50 قضية متنوعة، ففي محافظة الشرقية، وتحديدًا بمدينة الزقازيق، سقط أول الخيط، مواطن حول مسكنه إلى ورشة للتزوير، يبيع شهادات الميلاد وكارنيهات الوظيفة وكأنها بضائع في سوق.
تحريات قطاع الأمن العام بالتعاون مع قطاع الأحوال المدنية أكدت أن المتهم امتهن تزوير المحررات الرسمية مقابل مبالغ مالية، وبعد تقنين الإجراءات، ضبط بحوزته مجموعة من الأختام والأكلاشيهات المنسوبة لجهات حكومية، ومستندات مزورة، وأجهزة تستخدم في تزوير الأوراق، ومبلغ مالي من حصيلة نشاطه الأسود.
في مشهد آخر من مسلسل التزوير، وتحديدًا بمنطقة الهرم في الجيزة، نجح رجال الإدارة العامة لمكافحة جرائم الأموال العامة في ضبط شخص "له سجل حافل بالمعلومات الجنائية"، اتخذ من شقة مستأجرة مسرحًا لجريمته.
بضغطة زر، تُنتج طابعًا مزورًا، وبنقرة ماوس، يُولد محررًا حكوميًا لا يمت للحقيقة بصلة، كانت بحوزته مستندات مزورة، أجهزة حديثة للتزوير، 5 بطاقات دفع إلكتروني، ومبلغ مالي جمعه من بيع الوهم.
وفي الشرقية أيضًا، وقع شخصان في قبضة الأمن بعد أن شكّلا تشكيلًا عصابيًا متخصصًا في تزوير المحررات الرسمية، أدواتهم: أكلاشيهات، أختام مزورة، أجهزة تصوير وطباعة، وصور ضوئية لأوراق عملائهم الذين جاءوا طلبًا لواقع جديد من صنع الحبر والخداع.
ومع تطور التكنولوجيا، تطورت معها أدوات التزوير، لكن أجهزة الأمن كانت لها بالمرصاد، فقد أكد اللواء الدكتور علاء الدين عبد المجيد، الخبير الأمني، أن جرائم التزوير من الجرائم الكبرى التي تتعامل معها الأجهزة الأمنية بكل حسم، لما تمثله من تهديد مباشر لبنية الدولة القانونية.
وأضاف الخبير الأمني في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع": أن المزورين باتوا يستخدمون أجهزة متطورة، لكن الأجهزة الأمنية تواكب هذا التطور وتستخدم تقنيات حديثة لكشف التزوير وتفكيك "لغز الورقة المزوّرة".
أما اللواء خالد يحيى، مساعد وزير الداخلية الأسبق، فأشار إلى تنوع أساليب التزوير ما بين شهادات جامعية، رخص قيادة، تقارير طبية، وغيرها.
وأكد الخبير الأمني في تصريحات لـ"اليوم السابع" أن المال هو الدافع الأساسي، لكن الجريمة لا تُبرَّر بالطمع، ولا يُغفر لها في قانون العدالة.
وقال قانونيون: وفقًا لقانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937، وتحديدًا في الباب السادس عشر المتعلق بجرائم التزوير، فقد نصت المادة 211 على معاقبة الموظف العام الذي يرتكب تزويرًا في أثناء أداء وظيفته بالسجن المشدد، أما المادة 212 فتنص على أن غير الموظف إذا ارتكب ذات الجريمة يُعاقب بالسجن المشدد أو السجن لمدة تصل إلى عشر سنوات.
وفي حال استُعملت هذه المحررات المزورة، فإن المادة 214 تعاقب الفاعل بالسجن من ثلاث إلى عشر سنوات، بينما تُشدد العقوبة إذا كان التزوير في محررات شركات أو جمعيات أو نقابات، بحسب المادة 214 مكرر، لتصل إلى السجن عشر سنوات إذا كانت الدولة مساهمة في رأس المال أو النشاط.
وفقًا لخبراء قانون، فإن أكثر المحررات التي يتم تزويرها تشمل الشهادات التعليمية، التراخيص، شهادات الميلاد، عقود الملكية، والتقارير الطبية، مما يجعل الرقابة المشددة أمرًا ضروريًا لا بديل عنه.
تُشير إحصائيات غير رسمية إلى أن معظم قضايا التزوير تُكتشف من خلال حملات دورية ومعلومات سرية تُجمع من مصادر موثوقة، وهو ما يُؤكد أن يد الأمن لا تترك زاوية دون فحص، ولا توقعًا دون تدقيق.
ويبقى الوعي الشعبي خط الدفاع الأول، لأن كل مواطن يطلب شهادة مزورة، أو يتغاضى عن استخدام محرر مريب، هو شريك غير مباشر في جريمة تهز أركان المجتمع.
مهما تطورت أساليب التزوير، يبقى الحق واضحًا كالشمس، ويظل ختم الدولة لا يُزاحمه ختمٌ مزور، والحقيقة لا تُزيفها طابعة ولا يُخدع بها قاضٍ.
Trending Plus