محكمة متنقلة فى جنوب السودان.. تحقيق العدالة بعد فراغ قضائى لـ 12 عاما بمقاطعة لير.. القضاة غادروا عام 2013 هربا من أعمال العنف فى الحرب الأهلية.. وتضم قاضيين من المحكمة العليا.. الجلسات تنعقد حتى 9 مايو المقبل

عانت دولة جنوب السودان، من الصراعات وأعمال العنف المستمرة، وانعدام الأمن، وتعد مقاطعة لير في جنوب السودان، واحدة من المناطق الأكثر تضررا بالصراع الذي اجتاح البلاد، فعندما اندلعت الحرب الأهلية في عام 2013، أجبر العنف المستمر وانعدام الأمن القضاة على الانسحاب من المقاطعة تماما، خوفا على حياتهم مما ترك المجتمعات تعتمد كليًا على المحاكم العرفية لحل النزاعات، بما في ذلك الجرائم الخطيرة التي تقع خارج نطاق اختصاصها.
ولأول مرة، منذ أكثر من عقد، سيتمكن سكان المقاطعة من الوصول إلى العدالة الرسمية من خلال نشر محكمة متنقلة ستستمع إلى أكثر من 60 قضية قتل واغتصاب وجرائم جنائية أخرى من مقاطعات لير ومايينديت وبانييجار وكوش وغيرها.
فبدعم من بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان، والسفارة النرويجية، افتُتح مبنى المحكمة رسميًا من قِبل حاكم ولاية الوحدة، ريك بيم توب لونج، وتجمع أكثر من ألفي شخص ليشهدوا هذه اللحظة التاريخية، مُبرزين أهميتها للمجتمعات في جميع أنحاء المنطقة.
وقال حاكم مقاطعة لير، ريك بيم توب لونج، في كلمته الافتتاحية: "إن نشر محكمة متنقلة وإقامة عدالة دائمة في ولاية الوحدة يوفر آليات لجميع مواطني جنوب السودان للوصول إلى العدالة، بغض النظر عن الانتمائات السياسية".
وتابع :"نحن نعمل مع السلطة القضائية والشركاء لإعادة القضاة بشكل دائم إلى الوحدة، وتمكين أولئك الذين عانوا من الأذى من الحصول على العدالة".
ومن جهته قال ويليام دووب كويث، رئيس المحكمة العليا لمقاطعة كوتش، إن غياب نظام عدالة رسمي خلق فجوات لا تستطيع المحاكم العرفية معالجتها، وأضاف :"نحن مُكلفون بمعالجة القضايا العرفية، ولسنا مُؤهلين للنظر في قضايا القتل والاغتصاب، هذه القضايا تحتاج إلى قاضٍ مُدرّب تدريبًا جيدًا،" وتابع :"سندعم هذه المحكمة دعمًا كاملًا على مستوى المجتمع لأنها ستُسهم في الحد من الجريمة وتقديم الجناة للعدالة".
وستنظر المحكمة المتنقلة في القضايا الخارجة عن نطاق اختصاص الزعماء التقليديين، بما في ذلك جرائم القتل، والعنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، والعنف الجنسي المرتبط بالنزاعات، والزواج القسري والمبكر، للحد من الجريمة، والحد من العنف ضد المرأة، وتحسين الأمن.
ويعكس العدد الكبير من النساء في افتتاح المحكمة التأثير غير المتناسب الذي يخلفه الصراع والجريمة، وخاصة العنف الجنسي، على النساء والفتيات في جميع أنحاء جنوب السودان، وتأمل ماريا نياداك البالغة من العمر عشرين عامًا أن تساعد المحكمة في حماية وتعزيز حقوق المرأة.
وقالت :"يسعدنا الترحيب بالمحكمة المتنقلة لأنها ستساعد في الحد من الزواج المبكر والقسري في مجتمعنا، لقد عانت النساء والفتيات طويلاً دون عدالة"، ودعت إلى سن قوانين أقوى لحماية النساء والفتيات من جميع أشكال العنف.
وأضافت: "ينبغي على حكومتنا أن تُسنَّ قوانين تُعالج التحديات الجسيمة التي تواجه النساء والفتيات، هذا سيمنحنا الحرية الكاملة التي نستحقها".
وستضم المحكمة، التي تعد مبادرة مشتركة بين السلطة القضائية في جنوب السودان ووزارة العدل والشئون الدستورية وحكومة ولاية الوحدة، قاضيين من المحكمة العليا، وثلاثة من كتبة المحكمة، وثلاثة محامي دفاع، ومدع عام، ومحامي الضحايا.
وقبيل افتتاح جلسات الاستماع، دعمت بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان وشركاؤها تدريب 20 محققًا جديدًا في المقاطعة، مع التركيز على التعامل مع قضايا العنف الجنسي، فضلاً عن النشر المسبق للمدعين العامين والمحققين لتلقي ومعالجة الشكاوى الجنائية التي سيتم الاستماع إليها.
وستقام جلسات المحكمة في الفترة من 15 أبريل إلى 9 مايو 2025.
Trending Plus