"التنسيق الحضاري" يدرج اسم طولون في حكاية شارع بمنطقة بورسعيد

أدرج الجهاز القومى للتنسيق الحضارى برئاسة المهندس محمد أبو سعدة، اسم مؤسس الدولة الطولونية، فى مشروع حكاية شارع، حيث تم وضع لافتة تحمل اسمه وكل المعلومات على أحد الشوارع بمنطقة بورسعيد.
ولد "أحمد بن طولون" في 20 سبتمبر 835م في مدينة بغداد بالعراق، وكانت كنيته “أبو العباس”، وترجع أصوله إلى قبيلة التغزغز التركية، وهو من أسرة كانت تسكن في بخارى وكان والده “طولون” مملوكاً أُتيَ به إلى نوح بن أسد الساماني عامل خرسان وبخارى، الذي أرسله فيما بعد كهدية إلى الخليفة المأمون الذي أعجب به، كونه عرف بإخلاصه ونجابته، الأمر الذي زاد من مكانته لديه، ليوكل إليه عدة وظائف نجح فيها، مما دفعه في نهاية المطاف إلى أن يوليه رئاسة الحرس، ويلقبه باسم أمير الستر، وظل طولون عشرين سنة يشغل هذا المنصب الهام.
أحمد بن طولون في حكاية شارع
أنجب طولون عددًا من الأبناء من بينهم أحمد، الذي نشأ تحت رعاية والده طولون، وبهذا فقد كان مُختلفًا عن نشأة أقرانه من أولاد العجم، فحرص على الابتعاد عن جو التُرك العابثين والآثمين، وكان يكره ويعيب كل ما يرتكبوه من مُنكرات، فاشتهر بين معارفه بالتقوى والصلاح، وبنفس الوقت بالشدَّة والقُوَّة والبأس لأنه تربى تربية عسكريَّة.
وقد طلب أحمد بن طولون من الوزير “عُبيد الله بن يحيى” أن يكتب له أرزاقه في ثغر “طرسوس”، وعرَّفهُ رغبتهُ في المقام به، فوافق على طلبه وكتب له به. بناءً على هذا، خرج أحمد بن طولون إلى ثغر طرسوس وقضى فيه سنوات شبابه بعيدًا عن الوسط التركي في العراق، وأخذ العلم والحديث والآداب عن كبار العلماء الطرسوسيين، كما تزوج وأنجب، وتطلَّع إلى الاشتراك في الصوائف التي كانت تغزو الروم، كما تعرَّف عن قرب على الشام وما كانت تمتاز به من الأهمية العسكرية، وربما كانت أيامه الأولى فيها فاتحة طموحه في تولِيها مع مصر.
خطا أحمد بن طولون خُطواته الأولى نحو الشهرة، وذلك بعد وفاة والده في سنة 854م وهو في العشرين من عمره. حيث فوَّض إليه الخليفة العباسي “المتوكل” ما كان لأبيه من الأعمال العسكرية المختلفة، وسرعان ما أُتيح له أن يستولي على إمرة الثُغور ودمشق والديار المصرية. وعلى هذا الشكل فقد دخل أحمد بن طولون في خضم الحياة السياسية المُضطربة آنذاك في العراق، وهو يتمتع باحترام الترك وثقتهم، كما نال ثقة الخِلافة واحترامها، فكانت علاقته بِكُلٍ من الخليفتين المُتوكل والمُستعين جيدة.
وكان أحمد بن طولون على العكس من الكثير من قادة الحرس الترك، يظهر احترامه وتقديره للخليفة إن دخل عليه أو تحدث عنه. وعندما نُفي الخليفة إلى واسط، نتيجة صراعه مع “المعتز” والترك، سمح له هؤلاء باصطحاب أحمد بن طولون معه، فكان رفيقه في معتقله، ولا شك بأن هذا الاختيار وقبول الترك به كمرافق للخليفة، مرده إلى الثقة التي حصل عليها من الجميع. وأثبت أحمد بن طولون أنه جدير بهذه الثقة، فعامل الخليفة المستعين بالحسنى، ورفض طلبًا لِقبيحة، والدة المعتز، بقتله مقابل تقليده واسط، فسلم الخليفة سليمًا لأعدائه وهو يدرك مصيره المحتوم. وكان لموقفه هذا الأثر الكبير في نفوس الترك فأعظموا فيه دينه وعقله، وكبر في نظرهم، وباتوا يتطلعون إلى هذا الشاب ليتسلم زعامتهم، كما عظم في أعين البغداديين.
وقد وصل أحمد بن طولون مصر في 15 سبتمبر 868م، وكانت السياسة السائدة آنذاك أن يتولى السلطة في مصر أكثر من شخصٍ حتى يراقب بعضهم بعضًا. فكان عامل الخِراج “أحمد بن محمد بن المدبر”، ذو السيرة السيِّئة في المُجتمع المصري بِفعل شدَّته وقسوته، وهو من دهاة الناس وشياطين الكُتاب، وما أن استقر أحمد بن طولون في الفسطاط حتى ساءت علاقته بابن المُدبِّر الذي حاول استقطابه بِعشرة آلاف دينار، فرفض ابن طولون الهديَّة وردَّها بفعل أنه دخل مصر وهو مُفعم بتطلعات سلطوية تفوق كل حد. أدرك ابنُ المُدبِّر أنَّهُ أمام رجلٍ طموحٍ قد يُشكِّلُ خطرًا عليه، فراح يُحيكُ المُؤامرات للتخلُّص منه أو إبعاده عن مصر، فأرسل تقريرًا إلى دار الخِلافة أوضح فيه بأنَّ أحمد بن طولون رجل لا يُؤتمنُ لا على ولاية مصر ولا حتَّى على طرفٍ من الأطراف واتهمهُ بأنَّهُ ينوي الاستقلال بِمصر.
تصدَّى أحمد بن طولون لِهذه المُؤامرة التي صاغها ضدَّه ابن المُدبِّر واستقطب بعض التُجَّار في مصر والعراق، فاستخدمهم لاستمالة أولي الأمر في بغداد عن طريق بذل المال، وقد نجح في هذا المضمار حيثُ مكَّنتهُ هذه السياسة من الاستمرار في حكم مصر، كما كانت دعمًا آخر له إضافةً إلى دعم بعض القادة التُرك المُهيمنين على مُقدرات الخِلافة مثل بايكباك ويارجوخ. واستمال أحمد بن طولون الوزير الحسن بن مُخلَّد عن طريق بذل المال أيضًا، فأرسل لهُ هذا الكُتب التي كان يبعثها ابن المُدبِّر وشُقير الحاجب ضدَّه. وبهذا الأُسلوب السياسي كشف ابن طولون أعداءه واطلع على حقيقة موقفهم منه، لِذلك قرَّر التخلُّص منهم حتَّى تخلو له الساحة السياسيَّة، وساعدت الظُروف السياسيَّة، التي حدثت في بغداد، أحمد بن طولون في تثبيت أقدامه في مصر، فقد حدث أن قُتل بايكباك في سنة 870م وخلفه القائد التُركي “يارجوخ” وهو ختن ابن طولون، فكتب إليه: “تسلَّم من نفسك لنفسك”.
استطاع أحمد بن طولون استغلال موارد مصر استغلالًا حكيًما، فاستطاع إقامة نهضة شاملة في مصر، نذكر من هذه الأعمال: بناء مدينة القطائع، لتكون عاطمة جديدة لدولته، واختار لمدينته المنطقة الممتدة ما بين جبل يشكر وسفحجبل المقطم حيث حرص على أن تقوم المدينة الجديدة على مرتفع من الأرض لتبرز على سائر المجموع العمراني بمصر، وبعد تأسيس المدينة أنشأ فيها أحمد بن طولون قصره الضخم وجامعه الشامخ ودارا للأمارة بجوار جامعه وكان بينهما ساحة فسيحة كانت ملعبًا له ولقادة الجيش، كما أنشأ المستشفيات والبيوت.
وتشغل القطائع القديمة من أحياء القاهرة الحالية أحياء السيدة زينب والقلعة والدرب الأحمر والحلمية وقد شيَّد أحمد بن طولون أيضًا في الجنوب الشرقي منالقطائع قناطر للمياه، وكان الماء يسير في عيونها إلى القطائع من بئر حفرة في أسفلها، وكان يرفع الماء من البئر إلى القناطر بواسطة ساقية، وقد بنيت هذه القناطر من نفس الآجُرّ الذي بُني منه الجامع الطولوني. لهذا يعتقد أن المهندس الذي شيدها هو نفس المهندس الذي شيد الجامع، ولا تزال بقية من هذه القناطر باقية إلى اليوم في حي البساتين بالقاهرة، ازدهرت الصناعة في عهد أحمد بن طولون، ويأتي على رأس الصناعات التي اشتهرت بها مصر آنذاك صناعة النسيج، من ذلك صناعة الكتان التي اكتسبت أسواقًا جديدة، وكانت تُصنع أنواع مختلفة من الكتان، واشتُهِرَت مصر أيضًا بصناعة المنسوجات الصوفية
Trending Plus