كيف تمكن البشر من إشعال النار خلال العصر الجليدي؟.. دراسة تجيب

منذ آلاف السنين، كان يُنظر إلى النار على أنها ضرورية لبقاء الإنسان فهي لم توفر الدفء في المناخات القاسية فحسب، بل سمحت للناس أيضًا بطهي الطعام، وصنع الأدوات، في سياق العصر الجليدي الأوروبي، لا بد وأن هذا المورد كان بمثابة ركيزة أساسية لمجموعات الصيادين وجامعي الثمار التي واجهت درجات حرارة شديدة.
ولكن هناك جانب واحد حير المجتمع العلمي لعقود من الزمن، ومنها ندرة الأدلة الأثرية المحفوظة جيداً والتي تثبت استخدام النار خلال أبرد فترة من هذه الدورة الجليدية، والتي حدثت بين 26500 و19000 سنة مضت، وفقا لما نشره موقع" labrujulaverde".
وفي مواجهة هذا اللغز، نجح فريق متعدد التخصصات من الباحثين بقيادة جامعة الغارف (البرتغال) وجامعة فيينا (النمسا) في تقديم معلومات قيمة تساعد في إعادة بناء سلوك أسلافنا خلال تلك المرحلة الحرجة.
في موقع كورمان ما قبل التاريخ، الواقع على ضفاف نهر دنيستر في أوكرانيا الحالية، حدد العلماء وقاموا بتحليل ثلاثة هياكل موقد تقدم أدلة على استخدام النار من قبل الإنسان العاقل في قلب العصر الجليدي وقد نشرت نتائج هذه الدراسة مؤخرا في مجلة Geoarchaeology.
ومن أبرز النتائج التي توصلنا إليها أن مصدر الوقود الرئيسي المستخدم كان الخشب ، وتحديداً شجرة التنوب، وفقاً لتحليل الفحم، لا يستبعد الاستخدام التكميلي لمواد أخرى قابلة للاشتعال مثل الدهون الحيوانية أو العظام، أظهرت بعض بقايا العظام التي عثر عليها في الموقع علامات تشير إلى تعرضها لدرجات حرارة تتجاوز 650 درجة مئوية.
وبحسب مارجولين د. بوش، عالمة الآثار الحيوانية المرتبطة بجامعة فيينا والأكاديمية النمساوية للعلوم ومتحف التاريخ الطبيعي في فيينا، فإن الفريق لا يزال يحقق فيما إذا كانت هذه العظام قد استخدمت عمداً كوقود أو تم حرقها عن طريق الخطأ أثناء الاستخدام في المنازل.
وبحسب فيليب ر. نيغست، عالم الآثار بجامعة فيينا والمؤلف المشارك في الدراسة، فإن هذه التفاصيل تشير إلى أن سكان العصر الحجري القديم العلوي لم يتقنوا استخدام النار فحسب، بل عرفوا أيضًا كيفية تكييفها لأغراض مختلفة، وظيفية واجتماعية، وربما أعادوا استخدام نفس المساحات في أوقات مختلفة من العام أثناء هجراتهم الدورية.
Trending Plus