البرامج الانتخابية

فلسفة الديمقراطية دومًا تقوم على حرية الاختيار المسئول في مناخ مُواتٍ، يسمح بتعزيز مقدرة المواطن بشأن ما يتعلق بالبرامج الانتخابية، سواءً أكانت تتعلق بالأفراد، أم القوائم، أم مستهدفات الأحزاب، أم الأجندة الوطنية لكل حزب؛ حيث إن ثمار الديمقراطية نعيشها في ممارسات سياسية نزيهة، تخلو من صورة المصالح الخاصة، كما إنه لا يتوافر في خضمها شتى المساعي غير السوية التي تستهدف النيل من مقدرات الأوطان.
الدعوة لإبرام الانتخابات في دول ما تعني فتح الباب أمام الممارسة الديمقراطية، التي تسمح أن يختار الناخب من يمثله، ويحقق ما يطمح فيه، ويأمل في المزيد من النهضة، والبناء، والمُضيّ نحو مستقبل مشرق؛ لذايحرص على أن يحسن الاختيار بعد مطالعة، وتمعن في كل برنامج مقدم على الساحة الانتخابية، وهذا يؤكد أن بناء الوطن يقوم على إخلاص في العمل، وتفانٍ في العطاء، واستدامة في الجهود التي تُقدَّمُ من أجل نهضة البلاد المستحقة.
البرامج الانتخابية، وما تحمله من غايات نبيلة تستوجب منا أن تصبح العملية الانتخابية على قدر كبير من النزاهة؛ فمن ينشد التحسين، والتطوير، والدفع بعجلة الاقتصاد، وتعضيد حالة الاستقرار، وتقديم الرؤى، والمقترحات التي ينهض بها الوطن، يُحتمُّ أن نتنحىَّ عن بوتقة المصالح الخاصة، أو ما يسموُّنها الشخصية، ويذهب إلى ساحة فسيحة تقوم على ماهية حب الوطن، والعمل على إعماره، بل ومحاربة كل صور الفساد، والإفساد مهما تكلف الأمر.
العمل السياسي لا يقوم على نوايا حسنة، وفقط، بل يلزمه ترجمة من خلال أفعال يلمسها الشعب، أو جمهور الناخبين، حتى تصبح سطور البرامج الانتخابية ذات مصداقية، وتتقبلها مسامع، ووجدانيات الناخبين؛ فيتم الاختيار وفق وعود صادقة، وهنا تتزامن المسيرة السياسية مع المسيرة التنموية للبلاد؛ فيشعر الشعب بالجهود المبذولة على المستويين: السياسي، والاقتصادي بما ينعكس إيجابًا على مستويات المعيشة التي يستشعر من خلالها المواطن بكرامة العيش، وجودة الحياة المستحقة.
إرادة الشعوب مُصَانةٌ بالدساتير التي أقرَّتها، وهنا نرى صورة الوعي السياسي الناضج الذي يحث المواطنين على المشاركة بكل أنواعها؛ كي تُعضّدُ عبر بوابة الانتخابات ماهية الديمقراطية في إطار سليم يقوم على تمكين أفراد من خلال مؤسسات تجاه البحث، والمطالبة عن حقوق من يمثلونهم بصورة حقيقية؛ ومن ثم يشعر الناخب بأن الاختيار في محله، وأن من يمثله يقوم بواجباته المنوطة به.
مصداقية البرامج الانتخابية تؤكد نزاهة المقصد، وتشير إلى جهود متوقعة مستقبلية قائمة على التخطيط، ورؤى طموحة، ومقومات تدعم آليات التنفيذ، بل وتقييم لكل مرحلة، وهذا ما يصنع السياسة في إطار المفيد؛ حيث تصبح الفعاليات ذات أثر مُسْتدامٍ، وليس مجرد وعود يشوبها تحديات يصعب التعامل معها، وهنا نؤكد على ضرورة أن تصل رسالة البرامج الانتخابية للمواطن؛ كي يختار منها بصورة مُجرَّدة ما يحقق الفائدة من وجهة نظره متجرَّدًا من أيّ انتماء حزبي، أو توجه سياسي.
جمهور الناخبين يتوقع دومًا أن يتولى المناصب السياسية أصحاب الكفاءات ممن يؤدون واجباتهم بغض النظر عن أي متغيرات أخرى؛ فتبدو مفردات الحياة السياسية مُعزَّزة للمشاركة، بل وانغماس من لديه المقدرة على العطاء في ساحتها المُفْعمة بالوطنية، والتي تحث الجميع على العمل العام، وتقديم أفضل الرؤى الإصلاحية التي تسهم في استقرار المجتمع، وتساعد في إحداث تنمية مستدامة في مجالاتها المختلفة.
الوقوف على مسافة واحدة من كافة البرامج الانتخابية من قِبلِ مؤسسات الدولة يعد أمرًا مهمًا في خلق بيئة تنافسية شريفة؛ ومن ثم تتسم العملية الانتخابية بالنَّزاهة، والشفافية؛ فلا مجال للمحسوبية، والمجاملات، ولا مكان لتعضيد فلسفة الاستقطاب التي تضير بالمصالح العامة، وتُحْدثُ نوعًا من الشقاق بين جمهور الناخبين، بل والممثلين للشعب؛ ومن ثم تذهب أهداف البرامج الانتخابية أدْراج الرياح.
ما أجمل! أن تتضمن برامجنا الانتخابية واقعنا المعاش، وتنطلق من التحديات التي نواجهها؛ ومن ثم تضع المعالجات التي يمكن العمل عليها، وتتسق مع المقومات التي تمتلكها الدولة؛ فتصبح مسارات الإصلاح ممهدة، وتزداد العزيمة تجاه المواجهة التي من شأنها أن تُحسّنَ من ممارساتنا؛ ليصبح الجميع مسئولًا عن نهضة، وإعمار بلادنا الحبيبة.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
Trending Plus