تاريخ مصر.. الأحجار الكريمة في الحضارة المصرية القديمة

تميّزت الحضارة المصرية القديمة ببراعة فريدة في صناعة الحلي، واستخدام الأحجار الكريمة ونصف الكريمة، التي لم تكن مجرد زينة، بل حملت دلالات دينية وسحرية واجتماعية عميقة. وقد استخدم المصري القديم عددًا كبيرًا من الأحجار في تطعيم الحلي وصناعتها، من أبرزها: العقيق المعروف باسم "حماجت" بأنواعه اليماني، والأبيض، والأحمر، إضافة إلى أحجار الجميشت، الزمرد، المرمر المصري، المرجان، الفلسبار، حجر الدم، اللازورد، الزبرجد، اللؤلؤ، البلور الصخري، الفيروز، والكهرمان. أما الياقوت والماس وعين الهر، فلم تكن معروفة لدى المصريين في تلك الفترات.
الصاغة المصريون أظهروا مهارة عالية في تشكيل وصياغة الحلي، وهو ما تؤكده الاكتشافات الأثرية المتنوعة، مثل بقايا الأساور الأربع التي عُثر عليها في أبيدوس والتي تعود لعصر الأسرة الأولى، والصفائح والمسامير الذهبية التي زُيّنت بها التوابيت الخشبية داخل سراديب هرم سقارة المدرج. كما تُعد مجموعة آثار الملكة "حتب – حرس" من الأسرة الرابعة، ورأس الصقر الذهبي المُكتشف في مدينة "نخن" من الأسرة السادسة، من أبرز النماذج على دقة الصناعة. ومن المجموعات اللافتة أيضًا، ما يعود إلى ملوك وأميرات عصر الدولة الوسطى التي وُجدت في اللاهون ودهشور، بالإضافة إلى كنوز الملك "توت عنخ آمون"، وحلي مقابر "تانيس" ومقبرة "سابتاح".
لم تكن الحلي في مصر القديمة مجرّد أدوات للزينة تُعبّر عن الثراء والمكانة الاجتماعية، بل كانت تحظى بوظيفة عقائدية مهمة، إذ اعتُقد أنها تمائم تحمي جسد المتوفى من الشرور في العالم الآخر. كذلك كانت تُستخدم لحماية الحيوانات من الحسد، ولها دور في الطقوس الدينية داخل المعابد.
صُنعت هذه الحلي من مواد متعددة، أبرزها الذهب والفضة. وكان الذهب متوافرًا في الصحراء الشرقية وبلاد النوبة، لذا جاء أكثر شيوعًا من الفضة، التي كانت أندر. أطلق المصريون على الذهب اسم "نبو"، وعلى الفضة اسم "حج"، وسمّوا الذهب الأبيض بـ "جمعو"، بينما كان النحاس يُعرف باسم "حمت".
وكان الزي الرسمي في المناسبات الاحتفالية يكتمل بشعر مستعار، وعقود، ودلايات، وحُلي صدر مزدوجة بالسلاسل، مما يعكس مدى اهتمام المصري القديم بالتزيّن كجزء من الهوية والمعتقد والطقس.
Trending Plus