الصبر الجميل.. لغة القلب التي لا تَكْسَرها الرياح

محمود عبد الراضي
محمود عبد الراضي
محمود عبد الراضي

الصبر، ذلك الركيزة التي تقف عليها القلوب في مواجهة العواصف، والأمل الذي يضيء في الظلام، في حياتنا اليومية، نمر بلحظات تتأرجح بين الحزن والألم، بين الخيبة والتأمل، ومع ذلك يظل الصبر هو الحبل الذي لا يقطع، هو السكينة التي لا تغادر الروح مهما تكاثرت العواصف، فهل عرفنا حقًا سر الصبر الجميل؟ وكيف يكون المعنى الحقيقي له في عالم لا يتوقف فيه الهمس والصوت؟

"الصبر الجميل" ليس مجرد كلمة تُقال أو نصيحة تُعطى، بل هو حالة من الإيمان العميق الذي يتنفسه الإنسان، معترفًا بأن لكل شيء موعده، وأن لكل محنة نهاية، هو الصبر الذي لا يُضني، ولا يُفقد الأمل، بل يجعل من الألم سلّمًا يرتقي به نحو الأفق الواسع، إنه صبر لا يلتزم بالساعة ولا بالدقيقة، بل هو صبر يبدأ من لحظة الضعف ويستمر حتى يتحقق النصر.

في فترات الحياة التي تختلط فيها الأيام، حيث تتساقط الهموم على القلب كالأمطار الغزيرة، نجد أن الصبر هو المعين، إنه ليس فقط سكونًا صامتًا، بل هو نشاط في الذهن، وهدوء في العاطفة، وقوة تُستمد من الداخل، من إيمان الإنسان بقدرته على التحمل والنهوض رغم العثرات، في تلك اللحظات، يتأمل الإنسان في نفسه وفي الحياة التي مر بها، ليجد أن الزمن، رغم قسوته، يعيد ترتيب الأشياء ويمنحها فرصة جديدة للنمو.

وقد جاء في الحديث الشريف: "ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب"، فالصبر هنا ليس مجرد انتظار سلبي، بل هو حالة من العمل الداخلي الذي يغير مسار الأحداث، فالذين يصبرون على ابتلاءاتهم ويعتمدون على الله، يكتشفون في النهاية أن الصبر ليس هزيمة، بل هو سلاحٌ من أعتى الأسلحة. هو مثل النهر الذي يجري ببطء لكنه يصل في النهاية إلى البحر.

لكن، ما يجعل الصبر جميلًا حقًا هو عدم الاستسلام للواقع، بل تقبله والتعايش معه، في بحر الحياة، قد تزداد الأمواج علوًا، وقد يشتد الرياح حتى تكاد تُعمي الرؤية، ولكن الشخص الذي يتمسك بالصبر يجد في الأعماق ضوءًا يرشده، وبصيصًا من الأمل يكسره اليأس.

وفي قصة نبي الله يعقوب عليه السلام، نجد مثالًا حقيقيًا على الصبر الجميل، رغم قسوة فقدان يوسف، ورغم انقطاع الخبر عنه، لم يفقد الأمل في رحمة الله، بل قال بكل يقين: "فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون"، وهكذا، جاء الفرج بعد الصبر، وحلّ الفرح بعد الظلام.

في حياتنا اليوم، وقد تزدحم الدنيا بالضغوطات، نجد أن الصبر هو المفتاح الذي يفتح لنا الأبواب المغلقة، لكن علينا أن نتذكر أن الصبر ليس السكون في وجه الرياح العاتية، بل هو القدرة على أن نقف في وجهها بثبات، وأعيننا مشدودة إلى النور الذي يعبر من بين السحب، لأن الصبر الجميل لا يتحقق إلا عندما نعيش لحظاتنا بكل إيمان، ونؤمن أن كل شيء بإرادة الله وأن الفرج قريب، مهما طال الزمان.

الصبر الجميل هو الدرس الذي نتعلمه في كل مرحلة من مراحل حياتنا، هو سر الحياة التي لا تُقهر، هو إيمان لا يتزعزع بقدرة الله وعنايته، ليبقى الأمل دائمًا على رأس قائمة الانتظار، بانتظار الفرج الذي لا محالة سيأتي.

 

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مصرع شخص سقط عليه ونش أثناء تواجده داخل سيارته فى طريق الأوتوستراد.. صور

1 يوليو بدء التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الابتدائي بالمعاهد الأزهرية

الأهلى يقرر تعديل عقد وسام أبو على وضمه للفئة الأولى المميزة

بولندا تتأهب لتأمين المناطق الحدودية مع أوكرانيا

زيلينسكي يوقّع مرسوما للانسحاب من معاهدة حظر الألغام الأرضية


خالد إبراهيم يكتب.. زى النهاردة عادل إمام ويسرا يعثران على الذهب فى "جزيرة الشيطان".. 35 عاما على إنتاجه.. مقتبس من الفيلم الأمريكي Wet Gold.. ونادر جلال يقدم "أكشن" جديد وينقل الصراع من البر إلى أعماق البحار

الاتحاد الأوروبي: مستعدون لدعم اتفاق السلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا

الأهلي يُخطر وسام أبو علي بموقفه النهائي من عروض الرحيل

رينارد: أتحمل مسئولية سقوط السعودية أمام المكسيك وأثق فى التأهل للمونديال

عفو رئاسى عن باقى العقوبة لبعض المحكوم عليهم بمناسبة الاحتفال بثورة 30 يونيو


"الوطنى الفلسطينى": اعتداءات الاحتلال تشكل العدوان الأكثر دموية بالقرن الـ21

أوروبا تواجه صيفا قاسيا.. 4 دول تعلن الطوارئ مع خطر اندلاع حرائق

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى