عادل السنهورى يكتب: فى الذكرى الـ48 على رحيل العندليب.. أسرار الخلافات والقطيعة 5 سنوات بين عبدالحليم حافظ وأم كلثوم.. قبلة العندليب على يد أم كلثوم فى حفل زفاف هدى عبدالناصر تنهى الخلاف بين القطبين

◄ تفاصيل حفلة نادى الضباط بحضور عبدالناصر كما يرويها سمير صبرى والتى أغضبت الست من حليم
هذا ما حدث بين قمتين كبيرتين فى الخمسينيات والستينيات، الأول هو العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ - الذى تمر اليوم ذكرى رحيله الـ48 - مع كوكب الشرق وسيدة الغناء العربى أم كلثوم التى ما زلنا نحتفل بذكرى مرور نصف قرن على رحيلها العام الجارى.
هل كان أحد عاقل يتصور أن يقع خلاف ويحدث صدام وخصام بين حليم والست..؟! هل كانت الغيرة الفنية السبب فى الخلاف بعد أن ترك الموسيقار محمد عبدالوهاب ساحة الغناء لحليم فى مواجهة الست واكتفى بالتلحين..!
عبدالحليم ظل لا يستمع لأغانى أم كلثوم على مدى 15 عاما بسبب الخلافات التى كانت بينهما والغيرة الفنية أيضا، ولم يعاود الاستماع إليها إلا عندما بدأ موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب يلحن لها.. لا لكى يسمع صوتها ولكن لكى يسمع ألحان عبدالوهاب. وفى الوقت الذى كان فيه حليم لا يستمع لأم كلثوم كان يسمع لكل مطربى تلك الفترة مثل شادية وفايزة أحمد وفريد الأطرش وعبدالمطلب والعزبى وعبدالغنى السيد.
فعندما سئل عن أحب المطربين إليه والأغانى التى يفضلها لهم قال: أحب الاستماع إلى عبدالوهاب وخاصة فى أغنية ‹النهر الخالد›.
وعندما تحدث عن المطربات قال: أحب أن أسمع فايزة أحمد فى أغنية ‹ياما قلبى قالى لا›، ونجاة الصغيرة فى ‹لا تكذبى›، وصباح فى أى موال، وأسمع فيروز فى ‹زورونى كل سنة مرة›، ووردة فى ‹كلنا جميلة›. ولم يذكر أم كلثوم أو أى أغنية لها، وهذا يدل على الغيرة والخصام اللذين كانا بينهما لفترة طويلة.
رغم أن الحالة التى كانت تجمع بين حليم وأم كلثوم هى حالة صراع فنى بين أكبر قطبين للغناء الشرقى الأصيل فى عصرهما، إلا أن عبدالحليم غنى بصوته أغنية لكوكب الشرق عندما سافر ذات مرة مع محمد عبدالوهاب ووفد فنى مصرى إلى المغرب للغناء فى عيد جلوس الملك الحسن الثانى، فطلب الملك من عبدالوهاب أن يغنى بصوته أغنية ‹ودارت الأيام›، فكان رد عبدالوهاب بدبلوماسيته الشديدة أن هذا الطلب ليس رغبة فحسب بل هو أمر ملكى.
وعاد عبدالوهاب إلى غرفته بالفندق، وأمسك بعوده وأخذ يغنى أغنية ‹ودارت الأيام› عدة مرات للتدريب عليها قبل غنائها فى الحفل الذى كان مقررا أن يعود فيه إلى الغناء بعد غياب سنوات طويلة عن الغناء فى الحفلات.
وجلس إلى جواره عبدالحليم يستمع إليه. وتلعثم عبدالوهاب أكثر من مرة فى مقطع ‹اهرب من قلبى أروح على فين.. ليالينا الحلوة فى كل مكان› وظل يغنيها ‹احنا ليالينا فى كل مكان›، وعندما فطن حليم إلى ذلك استأذن وعاد إلى غرفته كى يتذكر كلمات الأغنية ويعطيها إلى عبدالوهاب فى اليوم التالى.. إلا أن عبدالوهاب فوجئ بأن حليم قدم له شريطا مسجلا عليه الأغنية كاملة وبصوته غناء وليس كلاما.. وبعد أن استمع عبدالوهاب إلى الشريط تذكر الكلمات وحدد موعد البروفة، وبعد ثلاثة أيام غنى الأغنية فى الحفل الذى أقيم فى قصر الصخيرات.
وبالطبع سجل الحفل الذى غنى فيه عبدالوهاب الأغنية ولم يخرج هذا التسجيل من القصر.. أما بالنسبة للشريط الذى سجله حليم بصوته فجرى تسريبه عن طريق بعض أفراد الفرقة الماسية، ومن هنا تسلل الشريط إلى العديد من الإذاعات المختلفة. وبالطبع استمعت إليه أم كلثوم بعدما نقل إليها الخبر، رغم الخلاف الذى كان بينهما فى ذلك الوقت.
هل كان عبدالحليم يغار من أم كلثوم ونجاحاتها الفنية فقط أم غيرة من علاقتها ونفوذها داخل السلطة السياسية وبيت الرئيس جمال عبدالناصر ومحاولته منافستها على حب عبدالناصر؟
يروى الكاتب الصحفى مصطفى أمين، أن عبدالحليم حاول فى وقت من الأوقات أن يساوى رأسه برأس أم كلثوم، لكن مصطفى أمين أعاده إلى الصواب وقال له يومها: أم كلثوم هرم شامخ وأنت فنان عظيم، ولكن هذا لا يسمح لك أن تطاولها القامة›. ويومها انخرط عبدالحليم فى البكاء واعتذر عن لهجته الحادة لمصطفى أمين الذى كان فى ذلك الوقت قريبا جدا من أم كلثوم، ويكاد يكون الوحيد الذى يملك كل الانفرادات الصحفية عنها آنذاك. ومع ذلك كان حليم يتتبع أى لحن جديد تستعد له أم كلثوم، ويسعى بذكاء إلى معرفة من هو الملحن وما هو الخط العريض للحن وما هى مقاماته.
لكن غيرة حليم اشتدت إلى أقصى درجة عندما خطفت منه أم كلثوم ملحنه الخاص فى تلك الفترة وهو الموسيقار بليغ حمدى.
وعندما لحن لها عبدالوهاب أغنيتها الشهيرة «أنت عمرى».. قال حليم مقولته الشهيرة لبعض أصدقائه: لو أن عبدالوهاب تزوج أم كلثوم ما كانا خلفا ولدا أو بنتا أحلى وأجمل من «أنت عمرى».
لكن كيف بدأت المواجهة الحقيقية بين حليم وأم كلثوم؟
بدأت عندما تجرأ عبدالحليم وقال رأيه فى إحدى أغنيات كوكب الشرق، وقال تحديدا إن هذه الأغنية ليست من مستواها. وغضبت أم كلثوم واتصلت وهى ثائرة بعبدالوهاب وقالت له: ‹اسمع يا محمد هوه تلميذك اللى اسمه عبدالحليم فاكر نفسه إيه.. بقى أستاذ ولا إيه.. طب حيعمل أستاذ علينا إحنا كمان.. أنا زعلانة جدا وأعرف كيف أعلمه الأدب والتربية لأنه يبدو أنه يجب أن يفيق من غيبوبته وغروره، ولا بد أن يعرف مكانته أين هى بالضبط وقبل ما يتعدى حدوده›.
واستوقفها عبدالوهاب قائلا: ‹هل يمكن أن أعرف ماذا فعل بالضبط، وما السبب الذى يثير غضبك وثورتك إلى هذه الدرجة›؟
وردت أم كلثوم: ‹أنا لن أقول لك شيئا.. لكن تستطيع أن تتحدث معه وتسمع منه ماذا قال عنى بالضبط، ولكنى لا أريدك أن تغضب منى إذا أوقفته عند حده وقرصت عليه بعض الشىء حتى يفيق.
ورد عبدالوهاب: ‹إذا كانت الحكاية هكذا يبقى اقرصى على قد ما تقدرى ما عاش اللى يقول عنك كلام يا ست الكل›.
واتصل عبدالوهاب بعبدالحليم على الفور وطلب منه أن يأتيه على وجه السرعة إلى المكتب. وأتى حليم وسأله عبدالوهاب: ‹ماذا قلت عن أم كلثوم لقد حدثتنى وهى غاضبة وثائرة منك جدا؟
فرد حليم بخبث: ‹هو أنا أقدر أقول أى كلام عن أم كلثوم.. هو ده معقول›؟
وبذكاء عبدالوهاب ودبلوماسيته سأل حليم مرة أخرى: ‹يمكن تكون قلت حاجة كده ولا كده من دون قصد، مما أغضبها منك إلى هذه الدرجة›.
واعترف عبدالحليم قائلا: أنا لم أقل أى شىء عن أم كلثوم شخصيا..إنما قلت رأيى فى أغنيتها الجديدة.
فزع عبدالوهاب وثار فى وجه حليم: رأيك.. وماذا قلت يا شاطر فى رأيك..؟!
سألنى أحد الصحفيين عن رأيى فى أغنيتها الجديدة وقلت له إنها ليست على مستوى أغنيات أم كلثوم السابقة.
وكأنه سقط فى يد عبدالوهاب: يا نهار أسود.. أنت اتجننت يا حليم..
فرد حليم: وإيه يعنى يا أستاذ عبدالوهاب ما هى دى الحقيقة وليس هذا هو رأيى أنا بمفردى والناس كلهم أحسوا أن أم كلثوم تسرعت فى هذا اللحن وأنها كان لا بد من التغيير والتجديد لتقدم شيئا جديدا.
رد عبدالوهاب: قلت كل ده ومش عايزها تزعل، فقال حليم: «تزعل ليه بس. وهى إنسانة على القمة وكلمتى دى أو كلمة غيرى لن تؤثر عليها».
نظر إليه عبدالوهاب: «يبدو أنك لا تعرف أم كلثوم جيدا، إنها تغضب من أى نقد.. اسمع يا حليم.. اتصل بها فورا واعتذر لها عما بدر منك وبعد ذلك افعل أى شىء تصلح به ما أفسدته».
أجاب حليم: ماذا أفعل يعنى..
عبدالوهاب: كذب الكلام المنشور، وارسل خطابا للجريدة التى نشرت كلامك وقل لهم إنك لم تقل هذا الكلام.
حليم: أيوه لكن أنا لا أستطيع أن أكذب نفسى وهذا هو رأيى فعلا وأتحمل مسؤوليته، وإذا أحد سألنى مرة أخرى هذا اليوم سوف أقول الكلام نفسه.
عبدالوهاب: لكن هذا الموقف سوف يكلفك الكثير يا حليم.. أم كلثوم لما تغضب على واحد تقدر تحطمه.. وأنت مش قد معركة ضدها.
عبدالحليم: والله أنا لم أختر أن أكون فى معركة ضدها.. لكن إذا هى حبت تعمل معركة ضدى فهذا ليس ذنبى.. أنا لا أستطيع أن أكذب نفسى ولا أقدر أغير رأيى مهما كان الثمن الذى أدفعه، حتى لو كان غضبها منى شخصيا.
انتهى الحوار بين حليم وعبدالوهاب، لتبدأ «مواجهة الغضب» بين حليم وأم كلثوم.
من بين المواجهات والحروب التى بدأت تطفو على السطح أثناء تلك القطيعة بينهما، أن أم كلثوم طلبت العمل مع فاروق إبراهيم المصور الخاص بعبدالحليم الذى رافقه طوال مشواره الفنى والتقط بمفرده 33 ألف صورة للعندليب، ولأنه كان مصورا فى مؤسسة صحفية وليس مصورا خاصا بحليم، وكان أيضا المصور الخاص للرئيس أنور السادات، ذهب فاروق إبراهيم للعمل مع أم كلثوم من دون أن يغضب منه حليم.
المواجهة العلنية والمباشرة بين الست وحليم ما حدث فى حفلة نادى الضباط بالزمالك فى عيد ثورة 23 يوليو الثانى عشر عام 1964..أم كلثوم ستغنى أولا، وهنا أرادت أن تلقن عبدالحليم درسا لأنه كان سيختم الحفل، فغنت وأطالت فى الغناء وتجاوزت وقتها بكثير، حتى بات ليس هناك وقت لفقرة حليم، وبدأ القلق يسيطر عليه، إلا أنه تماسك وصعد على خشبة المسرح وقدم فقرته ولم يبد أى تذمر أو غضب ظاهر لأنه لم يرد أن تزداد حدة الخلافات بينهما فى هذا المكان ولا فى هذا الزمان.
اعتاد عبدالحليم أن يغنى كل عام بين الوصلتين ثم تختتم أم كلثوم الحفل، فاعترض حليم على هذا التغيير المفاجئ لأنه يعلم أن بعد وصلتين من غناء أم كلثوم ستمتلئ آذان الناس وسيشعر الجميع بالإرهاق ولن يستمع إليه أحد ولكن أم كلثوم أصرت على هذا التغيير وصعدت إلى المسرح وغنت وأطالت حتى الثانية صباحا.
بعد ذلك صعد حليم إلى المسرح وعبر عن غضبه الصامت بكلمات صدمت الجميع ألقاها على مسامع الرئيس والمشير وكبار رجال الدولة وملايين المستمعين فقال «طبعا منتهى الجرأة إنى أختتم حفلة غنت فيها السيدة أم كلثوم خصوصا بعد ما غنت اللحن العظيم انت عمرى، لحن الأستاذ محمد عبدالوهاب، وهما أصروا على إنى أختم الحفل وده طبعا شرف كبير بس الحقيقة مش عارف هو شرف ولا مقلب.. إن أطلع متأخر كده.. ولا عشان أعرف الناس بتحبنى قد إيه؟»، ليستقبل الجمهور كلماته بـ«التصفيق والتصفير» والهتاف «بنحبك يا حليم».
وكأن حليم قد فجر قنبلة فغضب الجميع وغضبت السيدة أم كلثوم وأمرت ألا يشترك عبدالحليم حافظ معها فى أية حفلة مرة أخرى، وطلب الجميع من حليم وعلى رأسهم المشير عبدالحكيم عامر أن يعتذر لأم كلثوم عما قاله، فرفض وعاند ورأى أنه لم يخطئ ولن يعتذر عن خطأ لم يرتكبه وأصر على موقفه، فتم منع حليم بعد ذلك من الغناء فى حفلات عيد الثورة.
ويروى عازف الكمان الأول فى فرقة أم كلثوم أحمد الحفناوى، أنه بعد مرور الشهور، قابله عبدالحليم وطلب منه أن يقابل أم كلثوم ويسلم عليها، فذهب معه إلى حجرتها الخاصة، فتجاهلت دخوله الحجرة، فقالت للحفناوى غاضبة منه «إيه يا أستاذ فى إيه؟» فقال لها إن عبدالحليم جاء ليسلم عليها، فردت بانفعال قائلة «أنا لا أريد أن أسلم على عيال»، فخرج عبدالحليم متأثرا بقسوتها وبكى.
وروى عبدالحليم حافظ هذه الواقعة بزاوية مختلفة نسبيا فى مقال نشر له بمجلة الموعد قال فيه «عندما أعود بذكرياتى مع فنانة الشعب أم كلثوم أتوقف عند شهر يوليو عام 1964، حيث كنت أشترك معها فى إحياء حفلات أعياد الثورة التى كانت تقام بنادى ضباط القوات المسلحة بالزمالك، وليلتها قررت أم كلثوم أن تغنى وصلتين قبل أن أغنى أنا، وقلت لنفسى رحم الله امرأ عرف قدر نفسه، وذهبت إليها أرجوها أن تسمح لى بالغناء بين الوصلتين الغنائيتين، وقلت لها: لو أن أم كلثوم انتهت من غناء الوصلتين وظهرت أنا على المسرح بعد ذلك فلن يسمعنى أحد».
ردت عليه أم كلثوم بأنها متعبة وتريد الانتهاء من الوصلتين لتعود إلى منزلها لتستريح، حتى لا يتعبها السهر أكثر من ذلك، وذكر أنه لما ظهر على المسرح ووقف أمام الميكروفون قال «لقد شرفتنى السيدة أم كلثوم بأن أختتم حفلا غنت فيه، وفى الحقيقة أن ما حدث يعتبر مقلبا بالنسبة لى، وغضبت أم كلثوم من هذا الكلام، كان لا بد من صلحها».
وأضاف: «ذهبت إليها فى فيلتها بالزمالك لأجدها لا تزال واخدة على خاطرها، وقلت لها: أنا آسف أرجو ألا يكون تصرفى بالكلمة التى قلتها بحسن نية قد أغضبك، وقالت ثومة: أنا غاضبة فعلا، لم يكن من اللائق أن تقول مثل هذه الكلمة أمام ميكروفونات الإذاعة وكاميرات التليفزيون».
وقال العندليب: «عدت أعتذر لست الكل، قائلا: أنا لم أخطئ بل بالعكس كنت أمجدك وفى النهاية أنا مثل شقيقك الصغير».
قاطعته أم كلثوم وقالت «اخرس انت فاكر نفسك صغير، انت عجوز»، ثم ابتسمت وقبل أن أنصرف من فيلتها سألتنى ثومة: ثم إيه حكاية الحلل والطشوت التى تغنى عليها فى فرقتك الموسيقية، وكانت تقصد الآلات النحاسية، وقلت لها: إن هذا توزيع موسيقى كما يحدث فى بقية أنحاء العالم.
القطيعة بين حليم والست دامت نحو 5 سنوات.. حتى كان الصلح والقبلة الشهيرة من حليم التى طبعها على يد الست بعد إرضاء عبدالناصر له فى حفلة خاصة فى ذكرى تأميم القناة.
المواجهة والخلاف بين الست وحليم لم يخل من تدخل بعض الوشاة وقاموا بنقل كلام عن عبدالحليم حافظ، إلى أم كلثوم، والتى غضبت بشدة - حسب ما سرده الفنان سمير صبرى فى مذكراته «حكايات العمر كله» - واعتبرت ما قاله إهانة فى حقها، خاصة بعد ما قيل لها: «عبدالحليم لما يهزر، يهزر مع العيال اللى فى سنه، لكن مايجيبش سيرتك على المسرح».
ويقول سمير صبرى فى مذكراته: «لم تعلق أم كلثوم، على الموضوع ده لمدة سنة، وفى العام التالى فى ذكرى الثورة، توجه شمس بدران مدير مكتب المشير عبدالحكيم عامر وزير الدفاع فى ذلك الوقت، ببرنامج الحفل ويضم وصلة غنائية لأم كلثوم، ثم استراحة، وبعدها وصلة غنائية لـ عبدالحليم، نظرت أم كلثوم لـ شمس بدران، وقالت له: ادينى قلمك يا شمس، أنا هغنى وصلتين فى الحفلة ومفيش حد بعد كده، لتشطب بيدها اسم عبدالحليم».
وتابع: «عاد شمس بدران، إلى المشير عبدالحكيم عامر، وحكى ما فعلته أم كلثوم، وجاء رد المشير، اتركها تقول ما تريد، إحنا نخلى فرقة عبدالحليم، تقعد فى مسرح البالون لغاية أم كلثوم ما تخلص وصلتها، وبعدين الفرقة تروح نادى الزمالك بسرعة، وأنا هقول للريس عبدالناصر، عشان يستنى حليم».
يستكمل سمير صبرى: «يوم الحفلة، وأثناء الاستراحة، همس أحد الموسيقيين فى أذن أم كلثوم، وأخبرها أن فرقة عبدالحليم، منتظرة فى مسرح البالون، فأرسلت فى طلب شمس بدران، وقالت له بلّغ الرئيس عبدالناصر إنى هغنى وصلة تالتة النهارده، وأرسلت فى طلب بليغ حمدى، وأحضروا من منزله نوتة موسيقية للأغنية الجديدة بعيد عنك حياتى عذاب، التى كانت تحضر لها».
ويكشف الفنان الراحل سمير صبرى: «الفنان عبده صالح قائد الفرقة الموسيقية للست، قال إحنا معملناش على الأغنية دى إلا 4 بروفات بس، وردت أم كلثوم، اعتبر النهارده البروفة الخامسة يا عبده، وغنت الوصلة التالتة، وطبعا لم تكن بالمستوى المطلوب، وطلبت عدم إذاعة هذا الجزء من الحفل، وأوصت الفرقة بعزف السلام الجمهورى فور انتهاء وصلتها، ووقف عبدالناصر، وغادر المسرح، وسقط عبدالحليم، مصابا بنزيف داخلى».
وعن التصالح بين قطبى الغناء، قال سمير صبرى «فى حفل زفاف هدى عبدالناصر، دخل عبدالحليم، ووجد أم كلثوم، جالسة بجوار تحية حرم الرئيس، اقترب عبدالحليم، وقام بتقبيل يد أم كلثوم، وقال لها: محدش يقدر يغنى بعدك يا ست.. انتى المغنى والأصل.. انتى وعبدالوهاب طبعا، نظرت له أم كلثوم، وقالت له: «خلاص يا واد عقلت.. روح غنى وبطل همبكة، وضحك حليم، وانصرف راضيا وغنى بين وصلتى السيدة أم كلثوم وأطال الغناء أمامها إرضاء لكرامته، ومالت أم كلثوم، وهمست لـ محمد عبدالوهاب، الواد ده طالعلك»، لتطوى بذلك صفحة الخلاف بين ثومة وحليم فى تلك الليلة، وانتهت المعركة الكبرى بينها وبينه بعد ما منعت أغانيه أن تذاع فى الإذاعة لفترة من الزمن، وكان كفاية عليه مرضه وآلامه وحروب خفية كانت تدبر له لنجاحه.
Trending Plus