الحالة السردية للوردة المسحورة.. أن تبحث عن وردتك فى بستان من الأفكار

خالد إبراهيم
خالد إبراهيم
كتب خالد إبراهيم

"لم ينظر الفن إلى الورود باعتبارها عناصر زخرفية تملأ المشاهد السردية بالرهافة والرومانسية وحسب، بل طوّر لها وظائف رمزية وأبعادًا مجازية عابرة لحدود صورتها الجمالية".. بهذه الكلمات انطلقت الكاتبة الصحفية منى أبو النصر، فى واحدة من أجمل المغامرات الأدبية عبر كتابها "الحالة السردية للوردة المسحورة"، لتبدو تلك المقولة وكإنها اتفاقا ضمنيا بأن ما سيرد فى هذا الكتاب، سيُغير فكرتك عن الورود، فعنوان الكتاب، بتصميم غلافه المدهش، ورمزيته، يحيلك إلى أجواء غرائبية، ربما صادفتها في رواية أو قصة أو فيلما أو حدوتة أسطورية شهيرة.

الكتاب يتضمن 15 فصلا ومقدمة، لكن تجربتى مع "الحالة السردية للوردة المسحورة"، لم تُستهل مع مقدمة الكتاب، لكنها تبدأ من إهداء الزميلة منى أبو النصر، والذى كتبت فيه: "أرجو أن تجد وردتك هنا"، هذه الكلمات البسيطة، جعلت التجربة تتخطى فكرة قراءة كتاب، وحولتها إلى زيارة فريدة من نوعها لبستان، ليس بستان ورود وزهور فحسب، لكنه بستان من الأفكار الآسرة.

انطلقت الكاتبة منى أبو النصر كفراشة تطوف وتتجول في بستانها الخاص، تقف بين الحين والآخر، عند جميل الزهور، تحدثنا عنها، وربما تتحدث معها، حتى نكاد نشم رائحتها، ثم تبدأ تستعرض الحالة السردية لتلك الوردة، فتأخذنا في رحلات الأدب والسينما والأسطورة، لنرى كيف نظرت هذه الفنون إلى هذه الوردة أو تلك، وكيف تعامل معها المبدعون، ولماذا تأخذ الورود والزهور تلك المكانة الرفيعة في الميثولوجيا، خاصة الأساطير اليونانية الساحرة.

تنظر الكاتبة للوردة باعتبارها "موتيفة" شديدة الخصوصية في الفن والأدب بشكل عام، تجدها دائما كعنصر فعّال ومؤثر، لكنه عنصر يتجاوز الناحية الجمالية الكامن في شكلها وأثرها، إلى مناطق فلسفية وميتافيزيقة، بحيث تتعدد بوجودها الدلالات فى السياقات المختلفة.

بلاغة المعنى تتماهى مع رشاقة الأسلوب واللغة، فالكاتبة ربطت ببراعة بين جمال الزهور وروعتها، وبين حلاوة المعرفة والإدراك، في فصل يحمل اسم "كيف سحرته إلى هذا الحد"، قالت فيها: "سعت الفلسفة في مراحلها المبكرة لفهم العلاقة بين الجمال وعالم المثل، كالتأويل المنسوب لأفلاطون الذي ذهب إلى أن الإنسان عندما يرى شيئا جميلا، تسري في جسده رجفة، كأنما أصابته حمى، فتتفتح مسام جسده، وينبت منها ريش وجناحان، يُحلّق بهما في عالم المثالية".

لا تجعل منى الورود تسرد حالتها الكلاسيكية، كرمز من رموز الحب والسلام والوفاء فحسب، لكنها أظهرت لنا أيضا، هذا الجانب الخفى من الورود، في فصل "الوردة فعل شرير"، وبقدر صدمة الفكرة، لكنها تبدو في غاية المنطقية، حينما تُجيب على ذلك السؤال: هل يمكن أن تقود الزهور بكل رهافتها، إلى شر، أو موت؟

استندت منى أبو النصر، إلى أكثر من 100 عمل من الفنون المختلفة، فهي تأخذنا في رحلة البحث عن المعنى في الورود، بين بحور الأسطورة الساحرة، إلى عذوبة الرواية الممتعة، مرورا بانسيابية الباليه الناعمة، وصولا إلى سحر السينما، فذهبت منى أبو النصر إلى الأساطير اليونانية باعتبارها المؤسس لمفهوم الوردة، ثم إلى أعمال أدبية بديعة كـ"مائة عام من العزلة"، و"الحب في زمن الكوليرا" لجابرييل جارسيا ماركيز، و"ما وراء الفردوس" لمنصورة عز الدين، و"السكرية" لنجيب محفوظ، و"قمر على سمر قند" لمحمد المنسي قنديل، و"إلى المنارة" لفرجينيا وولف، وغيرها.

كذلك تذهب إلى قصص رائعة، وأفلام سينمائية شهيرة، فضلا عن القصائد والأشعار والأغاني وحتى عروض البالية الكلاسيكية، كذلك تمر منى أبو النصر مرورا ذكيا عبر حوارات ومقالات لكبار الكتاب والروائيين، مثل الدكتور شاكر عبد الحميد، وفاطمة قنديل.

الشيء الأكثر إمتاعا في كتاب "الحالة السردية للوردة المسحورة" والذى يأتي بعد متعة رحلة قراءة الكتاب نفسها، هي تلك الأفكار التي ستتفتح في عقلك بعد قراءة الكتاب، بل والتى ربما ستغير فكرتك عن الأفكار ذاتها، في حالة ما لو تعاملت معها معاملة الورود التي تحتاج العناية دائما.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مصر ضمن قائمة أعلى 10 دول أفريقية فى نمو نصيب الفرد من الناتج المحلى

الرئيس السيسى يجتمع بوزير التعليم ومدير الأكاديمية العسكرية

سلطنة عمان: لا يمكن تحقيق السلام الدائم دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة

ترامب يحذر طهران من رفض "غصن الزيتون".. ويتبنى مبدأ "لا أعداء دائمين"

نادين نسيب نجيم تُبرز إطلالتها على السجادة الحمراء لمهرجان كان


مصر تدعو المواطنين المتواجدين فى ليبيا بتوخى أقصى درجات الحيطة

وزارة الداخلية تضبط قضية غسيل أموال بقيمة 280 مليون جنيه

ترامب: رفع العقوبات عن سوريا ونعمل على إضافة دول إلى اتفاقات أبراهام

أزمة مباراة القمة.. لجنة التظلمات تحسم غدا قرارها بشأن لقاء الأهلى والزمالك

الحوثيون: استهدفنا مطار بن جوريون في تل أبيب بصاروخ فرط صوتي


قائمة المنتخبات المتأهلة لكأس العالم للشباب في تشيلي..مصر الأبرز فى أفريقيا

البحوث الفلكية يكشف أسباب شعور المصريين بزلزال البحر المتوسط

زلزال بقوة 6.4 درجة على مقياس ريختر يضرب تونجا

"إنديجو" الهندية تستأنف رحلاتها الجوية من 6 مطارات

الطقس اليوم الأربعاء 14-5-2025.. أجواء حارة نهارا والعظمى بالقاهرة 31 درجة

وجه جديد لمرسى مطروح.. الكورنيش يتألق قبل المصيف بتطوير غير مسبوق.. إضافة وتأهيل شواطئ جديدة وتوسعة الطريق أبرز التغييرات.. إنشاء أكثر من ممشى ومناطق خدمية وترفيهية تحدث طفرة حضارية.. صور

بيراميدز ضد صن داونز.. موعد مباراة نهائى دوري أبطال أفريقيا والقناة الناقلة

تفاصيل ميلاد هلال ذو الحجة وموعد إجازة وقفة عرفات وعيد الأضحى 2025

زلزال جديد.. الشبكة القومية ترصد أول هزة ارتدادية بقوة 2.69 ريختر

عاجل.. زلزال يضرب القاهرة وعددا من المحافظات

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى