لِمَاذا نُرَبَّي؟

عصام محمد عبد القادر
عصام محمد عبد القادر
بقلم عصام محمد عبد القادر

نُرَبَّي من أجل بناء إنسان يُستخلف لمهام الإعمار؛ فينمي من خبراته المعرفية، والمهارية، والوجدانية؛ كي يدرك ما يدور من حوله، ويتعامل مع مجريات الأحداث، ووقائع الأمور بحكمة بالغة، ويستطيع أن يستغل موارد الطبيعة؛ فيخلق المناخ الحياتي المواتي له، ولأجيال تلو الأخرى؛ ومن ثم تمتد يد الخير؛ لتبنى الحضارات، وتعزز الثقافات، وتصبح الأرض عامرة، لا يجف غصن الحياة بها.


نُرَبَّي؛ كي يمتلك الفرد المقدرة على أن يسخر كل ما على وجه البسيطة لصالحه بصورة إيجابية، يتمخض عنها النفع بماهيته المتعارف عليها؛ فالخير له وجه وحيد؛ حيث يروي الوجدان، وينمي البنيان، ويصقل الأفكار الملهمة التي بها يبتكر، وبواسطتها يواجه تحدياته، ومن خلالها يصل إلى غاياته؛ فتبدو الحياة مفعمة بالنشاط، ويقترب الأمل، والطموح من مدخل التفاؤل المصبوغ بعاطفة جيَّاشة.


نُرَبَّي إنسانًا يقدَّر ماهية الحياة؛ فيحافظ على ما بها من كائنات، وجمادات، ولا يضع في حسبانه فكرة التخريب، ولا يضع قدمه على مداخل الهلاك، والإهلاك؛ لكنه يستفيد مما أُوْتيَ من نعم ظاهرة، وباطنة؛ فتتجلى لديه رؤى مستقبله المشرق؛ فيحصد حقول الخير، ويهجر منابر الدعوة إلى دروب الشرور، ومن يعززها في الأذهان؛ فتبدو حينئذٍ وجدانياته خاصة لطرائق الخير مانعة لكل ما يضير بالحياة، ومظاهرها، ومن يعشْ على ظهر أرض خُلقتْ من أجل أفضل المخلوقات على وجهها.


نُرَبَّي بهدف تعضيد فكرة البقاء، والاستمرارية لبني البشر؛ فيحوز الإنسان منظومة من القيم النبيلة التي تحثه على حب الآخرين، والإيثار، والتكافل، والتراحم، والتعاون، والشراكة، ناهيك عن التمسك بالعدالة، وإيمانًا بفكرة المساواة بين الجميع؛ فترى أنه يسارع إلى الخيرات، وينهى عن المنكرات، ويتقبل الثمين، ولا يعبأ بالغثَّ؛ حيث يمتلك ميزانًا لتقدير الأمور؛ فلا تُغريه المفاسدُ، ولا يعوزه هوى يخالف طبيعة النبْت الطيب.


نُرَبَّي من أجل أن يتفكر الإنسان فيما هو حوله؛ فيفكر كيف يستثمر برَّه؟، وبحره، وجوّه؛ ومن ثم يستغل مهارات عقلية تجعله قادرًا على التأمل، والإمعان في بواطن الأمور، وظاهرها؛ حيث يسعى إلى الفهم العميق، ويستنتج ما بين سجايا الأمور، وتواتر الأحداث؛ فيخرج بتفسيرات تطابق منطق العقل، بل قد تفتح له أبوابَ الخير؛ فتقدح الأذهانُ، وتأتي بنا يحقق جودة الحياة؛ لتصبح جنة الله – عزوجل - في أرضه.


نُرَبَّي؛ كي نغرس قيمة الصبر في وجدان إنسان، لا يتوقف عن المحاولة؛ فيبحث، ويُنقَّبُ، ويجرب، ورغم العثرات تستمر المحاولات؛ فتنمو خبراته بعد المرور بالإخفاقات التي حتمًا سيتلوها نجاحات متوقعة، أو غير متوقعة؛ فهذا فيْضٌ يساعده في أن يتحكم بمتغيرات لم تكن في الحسبان؛ ومن ثم يصنع منهجية العلم، التي تصبح تراكمية يستفيد منها جيل تلو الآخر، ولا يتوقف عن مساره ما دامت السماوات، والأرض باقية.


نُرَبَّي، من أجل أن يحيا الإنسان حياة كريمة بكل تفاصيلها؛ فالعوز بالنسبة له مدخلٌ للتحسين، والتطوير، بل لا نبالغ إذا ما قلنا إنه يؤدي إلى الرُّقي، والازدهار؛ لذا لا تبهره التقنية، ويصبح معتمدًا على نتاجها؛ لكنه يُحْسِنُ توظيفها في مجالاته قاطبة؛ فيخلق بيئات داعمة لطبيعة الآخرين؛ فتبدو الحياة في نسق متزنٍ، لا تؤثر فيه متغيرات العصر، ولا يخضع لها الوجدان، أو يستسلم، بل يحافظ على ما وهبه الله – تعالى- من تفرَّدات عن بقية المخلوقات، والمخترعات.


إن التربية في مجملها تُحْدِثُ صقلًا لجوانب الخير في وجدان الإنسان عبر بوابة تعديل السلوك التي تظهر له السويَّ من غير السويّ؛ فتنحاز النفس إلى الجمال القويم، وتعرض، وتعف وتجر ما يثير رغبة، وشهوة غير مشروعة؛ كي تتهذَّبُ الذات، وتصير على هَدْي الطريق الصحيح؛ فترى إنسانًا عاشقًا للخير، ومُهيَّأ لدروبه.


التربية تخلق صاحب الفكر الرَّشيد، لا يعاني من براثن الأمراض، التي تصيب الأنفس؛ فلديه وجدانٌ راقٍ، وقلب مستنير، يمتلئ محبة، ويغمره شعورٌ، يعشق الأمن، والأمان، والسلم، والسلام؛ ومن ثم يكْره ما يثير الأحقاد، ويزيد من لهيب الصراعات؛ حيث يعي رسالته في الحياة؛ إذ يحافظ على مقدّرات وطنه، ويرعى ما يُسـْتأمنُ عليه؛ فيهرول دومًا إلى طرائقَ تنفع البشرية قاطبةً.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

البحوث الفلكية يكشف أسباب شعور المصريين بزلزال البحر المتوسط

مملكة الحرير يجمع أسماء أبو اليزيد وكريم محمود عبد العزيز للمرة الثالثة

موعد مباراة الزمالك القادمة أمام بتروجت فى الدورى والقناة الناقلة

رحمة محسن من بائعة قهوة لتصدر مشهد الأغنية الشعبية

اشتباكات مسلحة وفوضى أمنية فى ليبيا.. فرار أخطر السجناء من سجون طرابلس


منتخب الشباب يختتم استعداداته لمواجهة المغرب في نصف نهائي أمم أفريقيا

حدث ليلا.. تغطية شاملة لزلزال اليوم بقوة 6.4 ريختر: كان قويًا نسبيًا

ريال مدريد يستضيف مايوركا لاستعادة الانتصارات بعد صدمة الكلاسيكو

قانون العمل الجديد.. باب كامل لتنظيم التدريب وربط التعليم بسوق العمل

بيراميدز ضد صن داونز.. موعد مباراة نهائى دوري أبطال أفريقيا والقناة الناقلة


تفاصيل ميلاد هلال ذو الحجة وموعد إجازة وقفة عرفات وعيد الأضحى 2025

زلزال جديد.. الشبكة القومية ترصد أول هزة ارتدادية بقوة 2.69 ريختر

تجويع سكان غزة.. الأمم المتحدة تعرب عن قلقها إزاء التقارير الدولية بالتجويع المتعمد لسكان غزة.. وتحذر من خطر المجاعة.. وتشيد بالجهود المصرية لإنهاء معاناتهم.. وجوتيريش: القطاع الصحى على المحك

عاجل.. رئيس معهد الفلك: عمق زلزال اليوم كان كبيرًا.. ونتابع توابعه بدقة

زلزال القاهرة.. البحوث الفلكية: هزة أرضية بقوة 6.4 على بعد 631 كم شمال رشيد

تعرف على مواعيد الجولة السابعة من مرحلة حسم دوري نايل والقناة الناقلة

بيان عاجل خلال دقائق.. معهد الفلك يكشف تفاصيل زلزال القاهرة

الرمادى يستفسر عن موعد مشاركة المصابين فى الزمالك

لا للدروس الخصوصية.. مراجعات نهائية مجانا لطلاب الثانوية والإعدادية بالأقصر

حر نار.. تحذير عاجل من الأرصاد عن حالة الطقس اليوم الأربعاء 14 مايو 2025

لا يفوتك


مواعيد حجز قطارات عيد الأضحى 2025

مواعيد حجز قطارات عيد الأضحى 2025 الثلاثاء، 13 مايو 2025 09:25 م

المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى