خالد دومة يكتب: قاسم أمين

إن الكثيرين من أبناء الشرق لا يعون الدرس جيدا، ولو أن قاسم أمين، ومن نبذوه، وأقاموا له المشانق، وبروا أقلامهم ليجعلوا منها حرابا، يصيبوا بها قلبه، ويشلوا بها عقله وفكره، وسخروا منه، وجعلوا منه أضحوكة أمام العامة والخاصة، وأرادوا أن يهيلوا على كتابه وفكره التراب، فيدفنوه بعد إغتياله ويهمدوا حركته، ويودعه غير مأسوف عليه، لو أنهم بُعثوا ليروا كيف أن الرجل كان يتكلم بلسان الحق، وإنه أكثر منهم معرفة به، وتمسكا به، بل هم كانوا ضد الدين، وإن جهلهم كان العقبة الكؤد أمامه، وإنهم صورة قبيحة، لصقت بالدين، حتى نفرت الناس ممن هم غير مسلمين، ليبتعدوا عنه، وينظر إليه نظرة خوف ووجل، وأن أدعائهم ودفاعهم عنه دفاع عن باطل، وظلم صبغوا به الدين، حتى صار كالباطل الذي يرتدي عباءة الحق، فيراه العامة، فيتلقوا يديه بالتقبيل والتهليل، يحملونه فوق أعناقهم، ويدورون به بين الناس، فيزداد أتباعه وتشتد يد الجهل قوة، ويكون لها حلفاء، ثم إن الباطل من تحت عباءته يطلق ضحكاته الساخرة بهؤلاء العبيد، الذين يساقون إليه بجهلهم ومعرفتهم المغلوطة، ولكن ها هي الأيام تدور، ويظهر الحق، الذي بدأ ينزوي في جانب عند إرتفاع صوت الباطل سنوات، ليظهر ما بينهم من بون بعيد، فرق النهار من الليل، فيشحذ سلاح المنطق والعقل، ويهوي فوق هامات الجهالة ضربا وتحطيما، ويعود الباطل مخزي مدحور، لم يقل الرجل بسفور المرأة، لم يدعوا لما لفقوه له، إنما أراد لها أن تتعلم، وأن يكون لها دور.
كما كان للمرأة دور في حياة النبي، تخرج لتؤدي دورها في الغزوات، من تمريض وإعانة، وما كانت السيدة عائشة إلا نموذج، تلقى عنه الصحابة العلم والفقه، فما الذي تغير؟ هل تغير الدين أم أن بعضهم بدل وغير وألصق بالإسلام ما لم يدعو إليه، الآن يبحث الرجل عن المتعلمة، لتكون له زوجة، تشاركه الحياة وتعينه على تربية اأولاده، ليكون لهم هم أيضا دور في الحياة، ماذا لو رأى الذين أقاموا الدنيا فوق رأسه أحياء، لن يكون إلا أحرص الناس على إلحاق بناتهم بالمدارس، وأرادوا الزوجة المتعلمة، تزيين بيوتهم، وتكون تلك المرأة، التي تعاون وتتكاتف في رحلة الحياة، سيعرفون كم كانوا مخطئين، وأن ما قالوه وما أتخذوه، من أساليب ومبررات، إنما هي حاربت الإسلام وأصابته في مقتل، وإنهم سبب التأخر، هم وأمثالهم في أن يكون الإسلام له دور في الحضارة، التي تخلف عنها سنوات طويلة، بجهلهم المقيت، ولو كان قاسم أمين حي يرزق، لنظر لهم نظرة أسف ولوم أسف لما فعلوه في حق الإسلام، ولوم لأنهم كانوا السبب الرئيسي في تأخره، والأن هو حي بالفعل بفكره، الذي عاش يجاهد العقول المتخلفة، ويحارب حتى انتصر عليهم، وعرف وعرفوا أنه كان على حق، رغم أنهم رموا بالباطل، وكانوا على باطل رغم أنهم أدعوا أنهم كانوا على حق، يدافعون عنه، ويقاتلون من أجله، تلاشوا ولم يعرف منهم أحد، وبقي هو رغم المعارك الشنيعة التي شنوها ضده، يذكره التاريخ بالخير والعقل، وإنه مثال يحتذى به، ويرميهم التاريخ بالجهل والتخلف، وإنهم كانوا صورة سيئة، يلقي بهم في بئر جب عميق، حتى لا يرى لهم أثر ولا يشم لهم رائحة ...فهل نعي الدرس أم أن تكرار الخطأ والوقوع فيه صار هو الدرب الذي نسلكه، لا بد أن نعطي للعقل حقه في رسم طريق الحياة، وديننا الحنيف هو الذي أعلى من قدره، بعد أن نعى على الأخرين عدم الاحتكام إليه في أعظم قضية يقابلها الإنسان في حياته، وهي أمر العقيدة، إذن كل شيء يجب أن يكون للعقل كلمته الحاسمة، في تقرير المصير الإنساني في حياته ليصل إلى سعادة الدنيا والأخرة.
Trending Plus