ما حكم سداد الورثة دينا ادّعاه رجلٌ على الميت؟ .. دار الإفتاء تجيب

الميراث
الميراث
كتب لؤى على

ما حكم سداد الورثة دينًا ادّعاه رجلٌ على الميت؟ فأخو صديقي متوفًّى، وادَّعى رجلٌ من غير بينة أنَّ له دينًا عليه؟، سؤال أجابت عنه دار الإفتاء، بالآتى:-

دعوى الدين على الميت لا تقبل إلَّا ببينة المدَّعي، ويُحلف يمين الاستبراء إن وصل الأمر إلى القضاء، فإذا لم تقم البَيِّنَة ولم يقر الورثة بالدَّيْنِ؛ فلا يلزمهم شيء، فإن ادَّعَى عليهم العلم بالدَّيْن ولم يقروا به لزمهم الحلف على عدم العلم، ولا يلزمهم شيء حينئذ، وإن رفضوا الحلف ثبت له الدَّيْن ووجب عليهم قضاؤه، وأما إذا لم تقم البَيِّنَة وأقر الورثة بالدَّيْن فيجب عليهم قضاؤه لصاحبه ما لم يكن قد استوفاه من قبل بأي صورة من الصور.

حث الشرع الشريف على الاهتمام بقضاء الدين قبل الموت

من المقرر شرعًا أنَّ الديون المالية مِن أهم الحقوق التي يجب الوفاء والالتزام بها، فلا تزال ذمة الـمَدِين مشغولة بالدَّيْن حتى بعد موته، ولذا حَثَّت الأدلة الشرعيَّة على الاهتمام بقضاء الدَّيْن والتَّخَلُّص منه قبل الموت أو أن يبرئه الدائن؛ فأخرج الإمام أحمد في "المسند" والترمذي وابن ماجه في "السنن" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ».

قال المجد ابن الأثير في "الشافي في شرح مسند الإمام الشافعي": [قوله: «معلقة بدينه» يريد أنها تطالبه بما تخلف عليه من الدَّيْن، ومؤاخذة به في الآخرة بعد الموت إلى أن يُوَفَّى ما عليه من الدَّيْن] .

بيان وجوب الوفاء بالدين إذا كان للميت تركة وثَبَتَ هذا الدَّيْن عليه بالبَيِّنَة


وجوب الوفاء والالتزام بالدَّيْن على الميت إنما يكون إذا ما كان للميت تركة وثَبَتَ هذا الدَّيْن عليه بالبَيِّنَة؛ فإنه حينئذٍ يُقضى من تركة الميت ما لم يصل إلى القضاء؛ فإن وصل لزم المدَّعي -صاحب الدَّيْن- أن يَحْلِفَ يمين الاستبراء بأنَّه ما استوفى هذا الدَّيْن من الميت بأي صورة من الصور على مذهب الحنفية والمالكية والشافعية، ولا يلزم الحلف وجوبًا عند الحنابلة، وإنما يحلف احتياطًا.

قال الإمام برهان الدين بن مَازَه الحنفي في "المحيط البرهاني" : [نقولُ فيمن ادَّعى دينًا على ميت وأقام البينة: إن القاضي يحلِّفه بالله بما استوفيت هذا الدَّيْن ولا أبرأته منه؛ لأنَّ الميت عاجز عن النظر لنفسه بنفسه، فينظر له القاضي بالاستحلاف، وإذا استحلفه يحلف بالله ما قبضت هذا المال من هذا المدعى عليه، ولا يعلم أن رسولك أو وكيلك قبض هذا المال منه، ولا أبرأته ولا أحلته به على أحد، ولا اغتصبت مثله من جنسه ولا اغتصبت به؛ لأنَّ الواحد من هذا لا تحصل براءة المدعى عليه، فيحلفه على جميع ذلك على الثبات] .

وقال الإمام ابن عبد البر المالكي في "الكافي في فقه أهل المدينة": [مَن ادَّعى على ميت دينًا وأقام بينة لم يقض له حتى يحلف أنه ما قبض منه شيئًا، ولا أبرأ، ولا وهب، هذا احتياط للميت] .

وقال الإمام أبو إسحاق الشيرازي الشافعي في "التنبيه" : [وإن ادَّعى على ميت أو غائب أو صبي أو مستتر في البلد وله بَيِّنَة؛ سمعها الحاكم، وحكم بها، وأحلف المُدَّعِي أنه لم يبرأ إليه ولا من شيء منه] .

وقال الإمام شرف الدين الـحَجَّاوي الحنبلي في "الإقناع": [وإن ادَّعى على غائب مسافة قصر... أو ميت... بلا بينة؛ لم تسمع دعواه ولم يحكم له، وإن كان له بينة سمعها الحاكم وحكم بها في حقوق الآدميين... ولا يلزم المدعي أن يحلف أن حقه باقٍ والاحتياط تحليفه خصوصًا في هذه الأزمنة] .

ويمين القضاء أو الاستبراء المذكورة في كلام الفقهاء هي يمينٌ يوجهها القاضي للمُدَّعِي بعد إثباته لدعواه بدليلٍ كاملٍ استظهارًا للحقيقة في الدعاوى على الغائب، ويكون الغرض منها أن يتأكد القاضي أن المُدَّعِي -صاحب الدَّين- لم يستوف الدَّيْنَ الذي له على المدعى عليه الغائب أو الميت ، ولم يبرئه منه، وتسمى يمين الاستظهار أيضًا.

حكم سداد الورثة دينًا ادّعاه رجلٌ على الميت وليس معه بينة


أمَّا إذا تُوفي الرَّجُل وتركَ خَلْفَهُ إرْثًا، وادَّعَى رجلٌ على الورثة أنَّ له دينًا على هذا الميت، وكان هذا الدَّيْنُ مُحتمل الثبوت عقلًا وعرفًا، معلومًا متميزًا، ولم يكن مع المُدَّعِي -صاحب الدَّيْن- بينة، ولم يعلم الورثة بهذا الدَّيْن؛ فإنَّه لا يلزم الورثة شيء، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: "لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ، وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى المدعى عليه". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، واللفظ لمسلم.

قال الإمام النووي في "شرح مسلم": [وهذا الحديث قاعدة كبيرة من قواعد أحكام الشرع، ففيه أنه لا يقبل قول الإنسان فيما يدعيه بمجرد دعواه، بل يحتاج إلى بينة أو تصديق المدعى عليه، فإن طلب يمين المدعى عليه فله ذلك، وقد بَيَّن صلى الله عليه وآله وسَلَّم الحكمة في كونه لا يعطى بمجرد دعواه؛ لأنَّه لو كان أعطي بمجردها لادعى قوم دماء قوم وأموالهم واستبيح، ولا يمكن المدعى عليه أن يصون ماله ودمه، وأما المُدَّعِي فيمكنه صيانتهما بالبَيِّنَة].

ولأنَّه لو كان القول قولَ المدَّعِي -صاحب الدَّيْن- من غير بينة لما احتيج إلى البَيِّنَة من الكتابة والإملاء والإشهاد عليه ونحوه، فلما احتيج إليه دل على أن البَيِّنَة لازمة على المدَّعِي -صاحب الدَّيْن-. 

وأَمَّا إن ادَّعى -صاحب الدَّيْن- على الورثة العلم بهذا الدَّيْن، وأنكروا، لزمهم الحلف على عدم العلم بهذا الدين، فإن حلفوا لم يثبت له الدَّيْن، وإن رفضوا ثبت له.

قال الإمام حسام الدين الشهيد الحنفي في "شرح أدب القاضي"وهو يتحدث عما لو ادَّعى شخص على ورثةِ ميت أنه له عليه دينٌ ولا بَيِّنَة له وأنكر الوارث العلم بالدَّين: [(فإن لم يكن له بيّنة وأراد استحلافه، حلفه بالله ما تعلم لفلان هذا على أبيك هذا المال ولا شيئًا منه، فإن حلف تم الكلام، وإن نكل ثبت المال بنكوله)] .

وقال الإمام الدسوقي المالكي في "حاشيته على الشرح الكبير"وهو يتحدث عما لو ادَّعى شخص على ورثةِ ميت أنه له عليه دينٌ ولا بَيِّنَة له: [وإن لم يعلموا به حلفوا على عدم العلم إن ادَّعَى عليهم العلم، وإلَّا فلا] .

وقال الإمام محيي السنة البغوي الشافعي في "التهذي: [ولو ادَّعَى على ميت  دينًا فقال: لي في ذِمَّةِ أبيك ألف درهم، لا يسمع، حتى يقول: وأنت تعلم، والتركة في يدك يلزمك أداؤها منها؛ فإذا أنكر الوارث، حلف على نفي العلم؛ فيقول: لا أعلم أن لك في ذمة أبي كذا] .

وقال الإمام أبو السَّعَادات البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع": [ادَّعى على (ميت، أو صغير، أو مجنون، بلا بينة؛ لم تُسمع دعواه) لأنَّه لا فائدة فيها (ولم يحكم له) بما ادَّعاه؛ لحديث: لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ"].

أَمَّا إذا علم الورثة بهذا الدَّيْن وأقروا به؛ فيجب عليهم قضاؤه لصاحبه ما لم يكن قد استوفاه من قبل بأي صورة من الصور.

قال الإمام الصاوي في "حاشيته على الشرح الصغ: [وأما لو ادعى شخص على ورثة ميت أن له عليه دينًا ولابينة له به فالحكم أنهم إن علموا به وجب عليهم قضاؤه من تركته بعد يمين القضاء من رب الدَّيْن أن حقه باق إلى الآن] .

بناء عليه وفي واقعة السؤال: فإنَّ دَعْوَى الدَّيْن على الميت لا تقبل إلَّا ببينة المدَّعي، مع يمين الاستبراء إن وصل الأمر إلى القضاء، فإذا لم تقم البَيِّنَة ولم يقر الورثة بالدَّيْنِ؛ لا يلزمهم شيء، فإن ادَّعَى عليهم العلم بالدَّيْن ولم يقروا به لزمهم الحلف على عدم العلم، ولا يلزمهم شيء حينئذ، وإن رفضوا الحلف ثبت له الدَّيْن ووجب عليهم قضاؤه، وأما إذا لم تقم البَيِّنَة وأقرالورثة بالدَّيْن فيجب عليهم قضاؤه لصاحبه ما لم يكن قد استوفاه من قبل بأي صورة من الصور.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مصر ضمن قائمة أعلى 10 دول أفريقية فى نمو نصيب الفرد من الناتج المحلى

الرئيس السيسى يجتمع بوزير التعليم ومدير الأكاديمية العسكرية

سلطنة عمان: لا يمكن تحقيق السلام الدائم دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة

ترامب يحذر طهران من رفض "غصن الزيتون".. ويتبنى مبدأ "لا أعداء دائمين"

نادين نسيب نجيم تُبرز إطلالتها على السجادة الحمراء لمهرجان كان


مصر تدعو المواطنين المتواجدين فى ليبيا بتوخى أقصى درجات الحيطة

وزارة الداخلية تضبط قضية غسيل أموال بقيمة 280 مليون جنيه

ترامب: رفع العقوبات عن سوريا ونعمل على إضافة دول إلى اتفاقات أبراهام

أزمة مباراة القمة.. لجنة التظلمات تحسم غدا قرارها بشأن لقاء الأهلى والزمالك

الحوثيون: استهدفنا مطار بن جوريون في تل أبيب بصاروخ فرط صوتي


قائمة المنتخبات المتأهلة لكأس العالم للشباب في تشيلي..مصر الأبرز فى أفريقيا

البحوث الفلكية يكشف أسباب شعور المصريين بزلزال البحر المتوسط

زلزال بقوة 6.4 درجة على مقياس ريختر يضرب تونجا

"إنديجو" الهندية تستأنف رحلاتها الجوية من 6 مطارات

الطقس اليوم الأربعاء 14-5-2025.. أجواء حارة نهارا والعظمى بالقاهرة 31 درجة

وجه جديد لمرسى مطروح.. الكورنيش يتألق قبل المصيف بتطوير غير مسبوق.. إضافة وتأهيل شواطئ جديدة وتوسعة الطريق أبرز التغييرات.. إنشاء أكثر من ممشى ومناطق خدمية وترفيهية تحدث طفرة حضارية.. صور

بيراميدز ضد صن داونز.. موعد مباراة نهائى دوري أبطال أفريقيا والقناة الناقلة

تفاصيل ميلاد هلال ذو الحجة وموعد إجازة وقفة عرفات وعيد الأضحى 2025

زلزال جديد.. الشبكة القومية ترصد أول هزة ارتدادية بقوة 2.69 ريختر

عاجل.. زلزال يضرب القاهرة وعددا من المحافظات

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى